كشفت دراسة حديثة أجرتها جامعة ييل بالتعاون مع كلية الطب بجامعة بوسطن عن أن السجائر الإلكترونية، بما في ذلك تلك التي تسوق على أنها "نظيفة" أو خالية من المواد الضارة (clear)، تسبب ارتفاعا حادا في ضغط الدم ومعدل ضربات القلب، ما يشير إلى مخاطر صحية مباشرة تهدد مستخدمي هذه الأجهزة.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور وليد هندي استشاري الصحة النفسية، إن شهدت الآونة الأخيرة تزايدا ملحوظا في انتشار تدخين السجائر الإلكترونية بين فئة الشباب، وذلك في ظل تصورات خاطئة حول كونها بديلا أكثر أمانا من السجائر التقليدية.
وأضاف هندي- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن إلا أن نتائج دراسة طبية حديثة نشرت في دورية "بيديا تريكس"، وهي إحدى المجلات الطبية الإلكترونية الأمريكية المرموقة، دحضت هذه الفرضيات، حيث أكدت أن منتجات التبغ الساخن، بما في ذلك السجائر الإلكترونية، ليست آمنة كما يروج لها.
وأشار هندي، إلى أن أوضحت الدراسة أن هذه المنتجات لا تخلو من المركبات الضارة، حتى وإن كانت بنسب أقل مقارنة بـ السجائر العادية، ومن بين هذه المركبات الخطرة: "الهيدروكربونات الأروماتية متعددة الحلقات، وأول أكسيد الكربون، والمركبات العضوية المتطايرة"، والتي يمكن أن تسبب آثارا سلبية طويلة الأمد على الصحة.
وتابع: "توصلت دراسة أجراها باحثون في جامعة كاليفورنيا، ونشرت في مجلة جمعية القلب الأمريكية، إلى أن تدخين السجائر الإلكترونية يضعف وظيفة بطانة القلب، مما يؤدي إلى ضعف في قدرة القلب على ضخ الدم بشكل طبيعي. وبينت الدراسة أن تلف الخلايا البطانية قد يتسبب في عدد كبير من أمراض القلب والأوعية الدموية، مثل ارتفاع ضغط الدم ومرض الشريان التاجي".
واختتم: "الانتشار الواسع لهذا النوع من التدخين لا يقتصر فقط على الجوانب الصحية، حيث أضفى الترويج والدعاية المكثفة للسجائر الإلكترونية، خاصة في الولايات المتحدة، نوعا من الوجاهة الاجتماعية عليها، وقد ساهمت الإعلانات التجارية وحملات التسويق بشكل كبير في بناء صورة خادعة عنها، حيث تم تسويقها على أنها "سيجارة صحية"، رغم الأدلة العلمية التي تثبت عكس ذلك.
ووفقا لفريق الباحثين، فإن السجائر الإلكترونية المنكهة تشكل عامل جذب قوي للشباب والبالغين، الأمر الذي يستدعي فرض قيود تنظيمية صارمة على بيع هذه المنتجات والوصول إليها، باعتبار ذلك جزءا محوريا من جهود الحد من انتشارها بين الفئات العمرية الصغيرة.
وشملت الدراسة 207 مشاركين تتراوح أعمارهم بين 18 و45 عاما، جميعهم من المشاركين في دراسة "CITU 2.0" في بوسطن، وتم تقسيم المشاركين إلى ثلاث مجموعات:
- مستخدمون دائمون للسجائر الإلكترونية
- مستخدمون لنكهات غير تقليدية
- أشخاص غير مدخنين (كمجموعة ضابطة)
وقد خضع جميع المشاركين لجلسات خصصت لمراقبة ضغط الدم ومعدل ضربات القلب قبل وبعد استخدام السجائر الإلكترونية، ما سمح بتقييم التأثيرات الفسيولوجية المباشرة لهذه الأجهزة.
تحليل كيميائي يكشف مكونات مقلقة
أظهرت التحليلات أن السجائر الإلكترونية المسوقة كـ"نظيفة" تحتوي على مركبات تبريد صناعية مثل WS-3 وWS-23، وهي مركبات تفعل نفس المستقبلات العصبية التي ينشطها المنثول (مستخلص النعناع)، ولكن دون أن تصدر رائحته المميزة، واللافت أن 18 من أصل 19 جهازا "نظيفا" احتوى على المنثول، رغم عدم الإشارة الصريحة لذلك.
النتائج والتحذيرات
خلص الباحثون إلى أن السجائر الإلكترونية المصنفة كـ"نظيفة" تسببت في زيادة ملحوظة في ضغط الدم الانقباضي والانبساطي، بالإضافة إلى ارتفاع متوسط الضغط الشرياني ومعدل ضربات القلب، مقارنة بغيرها من أنواع السجائر الإلكترونية الأخرى أو بالمجموعة غير المدخنة.
وبناءا على هذه النتائج، وجه الباحثون تحذيرا شديدا من تسويق هذه الأجهزة باعتبارها "آمنة" أو "أقل ضررا"، مؤكدين أن هذا النوع من التسويق مضلل وغير مدعوم بالأدلة العلمية.