قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
عاجل
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

إلى أين تتجه الحرب الروسية الأوكرانية بعد مباحثات ترامب وزيلينسكي؟| تفاصيل

مصر الحرب الروسية الأوكرانية
مصر الحرب الروسية الأوكرانية

بعد أيام من اللقاء الذي جمع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا، استضافت العاصمة الأمريكية واشنطن، في 18 أغسطس 2025، اجتماعات حاسمة جمعت ترامب بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بحضور عدد من القادة الأوروبيين. 

وجاءت هذه اللقاءات في إطار جهود وساطة أمريكية لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، ما فتح باب التساؤلات حول مستقبل هذه الحرب ومآلاتها المحتملة بعد هذه المحادثات الثلاثية.

مشاورات ثنائية بلمسة أوروبية

1. حضور أوروبي رفيع المستوى
شهدت اللقاءات انضمام وفد أوروبي رفيع ضم كبار القادة الأوروبيين، من بينهم الأمين العام لحلف الناتو مارك روته، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، بالإضافة إلى الرئيس الفنلندي ألكسندر ستوب.

وركز الأوروبيون على الضغط لتقديم ضمانات أمنية أمريكية لأوكرانيا، بعضها مشابه لالتزامات المادة الخامسة من ميثاق الناتو.

2. نقاش حول الضمانات الأمنية
أشار ترامب خلال اجتماعه مع زيلينسكي إلى إمكانية تقديم الولايات المتحدة ضمانات لأمن أوكرانيا ضمن أي اتفاق سلام، دون تحديد ماهيتها. وبعد تلميحات أولية بشأن احتمال نشر قوات أمريكية، تراجع ترامب وأكد رفضه التام لذلك.

 في المقابل، ألمح زيلينسكي إلى صفقة تسليح بقيمة 90 مليار دولار، قالت تقارير إنها ستكون ممولة من أوروبا.

3. تغيير في أسلوب زيلينسكي
خلافا لزيارته السابقة التي شهدت توترا، اعتمد زيلينسكي خطابا أكثر تصالحا وارتدى بدلة رسمية بدلا من زيه العسكري، في إشارة إلى تبدل في تكتيكاته الدبلوماسية مع الإدارة الأمريكية لتجنب تصعيد التوتر.

 دلالات استراتيجية وراء المحادثات

1. تراجع عن شرط وقف إطلاق النار
أظهرت تصريحات ترامب وزيلينسكي تراجعا عن اشتراط وقف إطلاق النار قبل بدء المفاوضات، وهو موقف عارضه بعض القادة الأوروبيين، خاصة ميرتس وماكرون، الذين دعوا للضغط على موسكو لوقف إطلاق النار كخطوة أولى نحو أي تسوية.

2. غموض التنازلات الأوكرانية
لا تزال قضية التنازلات الإقليمية مثار غموض وتجنب، وسط مؤشرات إلى قبول أوكرانيا بحكم الواقع للسيطرة الروسية على مناطق في دونباس. 

وقد لمح ترامب إلى أن القرم ستبقى روسية، دون توضيح موقفه من الأقاليم الأربعة الأخرى المتنازع عليها.

3. تحميل أوروبا مسؤولية الأمن الأوكراني
رفض ترامب فكرة عضوية أوكرانيا في الناتو، مؤكدا أن المسؤولية الأمنية يجب أن تتحملها أوروبا. 

في حين يظهر أن واشنطن تريد الاكتفاء بدور داعم عبر صفقات تسليح وتمويل أوروبي، دون التورط العسكري المباشر.

4. ترقب صيني حذر
بينما تراقب الصين دبلوماسية ترامب من موقع الحياد المعلن، فإنها تواصل تعزيز تحالفها مع موسكو. 

وترى بكين في أي انفراجة تفاوضية فرصة لتعميق الخلافات بين واشنطن والاتحاد الأوروبي، ولفت الأنظار بعيدا عن ملف تايوان.

5. تركيز استراتيجي أمريكي على الصين
تسعى واشنطن لتسريع إنهاء الحرب الأوكرانية لتوجيه مواردها الاستراتيجية نحو مواجهة بكين، التي تعتبرها التهديد الأكبر. 

ويبدو أن ترامب غير راغب في استمرار الإنفاق على حرب يعتبرها ثانوية مقارنة بالصراع الجيوسياسي مع الصين.

انعكاسات مرتقبة للمحادثات

1. اجتماع ثلاثي في الأفق
وطرحت واشنطن فكرة عقد لقاء ثلاثي يجمع ترامب وبوتين وزيلينسكي، وقد حصل ترامب على موافقة مبدئية من بوتين، لكن تبقى الشكوك قائمة حول إمكانية عقد هذا اللقاء المباشر قريبا، وسط تحفظات روسية وتحذيرات من التسرع.

2. ضغوط على كييف لقبول التجميد
يتوقع مراقبون أن تمارس واشنطن ضغوطا على أوكرانيا لقبول اتفاق سلام يكرس الوضع الميداني الحالي دون تنازلات إضافية لموسكو. 

ورغم قبول كييف المحتمل بتجميد الجبهات، فإنها ترفض مبدئيا الاعتراف بضم أراض إضافية لا تسيطر عليها روسيا حاليا.

3. تأجيل وقف إطلاق النار
ما دام وقف إطلاق النار لم يعد شرطا أمريكيا أو أوكرانيا للمفاوضات، فإن استمرارية العمليات العسكرية تظل مرجحة، بل قد تسعى موسكو لتحقيق مكاسب ميدانية جديدة قبل أي اتفاق محتمل.

4. سيناريوهات متعددة للضمانات الأمنية
تشمل المقترحات المطروحة مجموعة من السيناريوهات:

 - تعهدات مكتوبة شبيهة بمذكرة بودابيست.

 - قوة حفظ سلام دفاعية متكاملة.

 - قوة رمزية لردع روسيا عبر الحضور الدولي.

 - قوة مراقبة صغيرة وغير قتالية.

والجدير بالذكر، أنه رغم أهمية الاجتماعات الثلاثية بين ترامب وزيلينسكي والقادة الأوروبيين، إلا أن الطريق نحو تسوية شاملة لا يزال طويلا، فالخلافات حول الضمانات الأمنية، والتنازلات الإقليمية، وشروط وقف إطلاق النار، لم تحسم بعد.

 وحتى مع إمكانية عقد قمة ثلاثية بين زعماء الحرب، فإن أي اتفاق حقيقي يتطلب توازنات دقيقة وضغوطا أمريكية كثيفة على كييف لقبول حلول وسط قد لا تكون مرضية لجميع الأطراف.

وفي المحصلة، فإن هذه التحركات، رغم الزخم الإعلامي والدبلوماسي، تمثل بداية معقدة لمفاوضات طويلة، لا مفر منها، لإنهاء واحدة من أكثر الحروب دموية في أوروبا الحديثة.