في وقت كانت فيه الولايات المتحدة تسترجع ذكرى أكثر أيامها قتامة في التاريخ المعاصر، هزها بالأمس مشهد جديد من العنف السياسي، بعدما قتل الناشط المحافظ البارز تشارلي كيرك بالرصاص خلال ندوة طلابية في ولاية يوتا، في حادثة أعادت إلى الأذهان شبح الانقسام الدموي الذي يفتك بالمجتمع الأمريكي.
كيرك، البالغ من العمر 31 عاماً، وأحد أبرز حلفاء الرئيس دونالد ترامب، كان يتحدث أمام حشد من مئات الطلاب في فعالية حملت شعار "أثبتوا أنني مخطئ"، عندما انطلقت رصاصة أصابته في عنقه وأردته قتيلاً على الفور.
ودفع المشهد، الذي التقطته عدسات الكاميرات وبثته وسائل الإعلام، الحاضرين إلى الهروب في حالة من الذعر، بينما تحولت المناسبة إلى لحظة دامية تعكس عمق الاستقطاب في الحياة السياسية الأمريكية.
كيرك، المعروف بخطابه المحافظ الحاد، كان من أبرز الأصوات المدافعة عن ترامب، وعن سياسات اليمين الأمريكي في قضايا الهجرة والسلاح ورفض حقوق المتحولين جنسياً.
كما أسس منظمة Turning Point USA التي لعبت دوراً محورياً في تعبئة الشباب الجمهوري ودعم حملة ترامب الرئاسية الأخيرة التي أعادته إلى البيت الأبيض هذا العام.
واعتبرت الحادثة على نطاق واسع "اغتيالاً سياسياً"، إذ تأتي في سياق سلسلة طويلة من أعمال العنف التي استهدفت شخصيات بارزة من مختلف التيارات، بدءاً من محاولة اغتيال ترامب نفسه العام الماضي، مروراً بقتل نائب ديمقراطي في مينيسوتا، وصولاً إلى الاعتداء على رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي عام 2022.
وسارع الرئيس الأمريكي إلى وصف مقتل كيرك بأنه "لحظة مظلمة في تاريخ أمريكا"، محملاً ما أسماه بـ"اليسار المتطرف" المسؤولية عن تأجيج مناخ الكراهية والتحريض.
وقال في خطاب مصور من البيت الأبيض: "سنسعى لمحاسبة كل من يقف وراء هذه الجريمة وكل أشكال العنف السياسي"، في إشارة فسرها مراقبون على أنها مقدمة لحملة أمنية واسعة ضد جماعات المعارضة.
أما في الكونجرس، فقد تحولت لحظة الصمت على روح كيرك إلى مشادة صاخبة بين الجمهوريين والديمقراطيين، في مشهد أظهر بوضوح عمق الشرخ داخل المؤسسة السياسية الأمريكية.
من جانبه، عبر حاكم ولاية يوتا سبنسر كوكس عن حزنه قائلاً: "أمتنا مكسورة.. وإذا استمر هذا المسار، فإن دماء أبنائنا ستصبح الثمن اليومي لانقسامنا السياسي".
وبينما تعود ذكرى 11 سبتمبر لتذكر الأمريكيين بهشاشة أمنهم أمام التهديدات الخارجية، جاء اغتيال كيرك ليكشف أن الخطر الأكبر اليوم بات داخلياً، ينخر في جسد الديمقراطية الأمريكية ويحول السياسة إلى ساحة صراع دموي، قد لا يقل خطورة عن ذلك اليوم الذي غير وجه العالم قبل 24 عاماً.