قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

الدوحة تجمع العرب والمسلمين.. قمة استثنائية ترسم ملامح مرحلة جديدة في مواجهة العدوان الإسرائيلي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

شهدت العاصمة القطرية الدوحة حدثًا استثنائيًا مع انعقاد القمة العربية الإسلامية الطارئة، التي جمعت قادة وزعماء الدول العربية والإسلامية، في توقيت بالغ الحساسية بعد الاعتداء الإسرائيلي الأخير على دولة قطر. القمة، التي اعتُبرت مفصلية في تاريخ العمل العربي المشترك، لم تكن مجرد اجتماع بروتوكولي، بل محطة لإطلاق رسائل قوية وواضحة للعالم بأسره. وقد تصدرت الكلمة التي ألقاها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أعمال القمة، لتجسد الموقف المصري الثابت والمبدئي في رفض الاعتداءات على سيادة الدول العربية، والتأكيد على وحدة الصف العربي والإسلامي لمواجهة التحديات المتصاعدة.

تفاصيل القمة.. حضور واسع ورسائل قوية

انعقدت القمة في الدوحة بمشاركة ملوك ورؤساء وأمراء من مختلف الدول العربية والإسلامية، إلى جانب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه. وقد انصبّت النقاشات على تداعيات الاعتداء الإسرائيلي الأخير على قطر، والانعكاسات المحتملة على أمن المنطقة واستقرارها.
القمة، بحسب مراقبين، جاءت لتؤكد أن الاعتداء لم يعد شأناً محليًا أو ثنائيًا، بل قضية عربية وإسلامية تمس الأمن القومي للجميع، وتفتح الباب أمام إعادة النظر في أدوات الردع والتعاون المشترك.

كلمة الرئيس السيسي.. وضوح وحزم

في كلمة وُصفت بأنها من بين الأقوى في القمم العربية الأخيرة، أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي تضامن مصر الكامل مع قطر، واعتبار ما حدث انتهاكًا سافرًا للقانون الدولي وتهديدًا مباشرًا للأمن القومي العربي والإسلامي.
وأشار الرئيس إلى أن الممارسات الإسرائيلية تجاوزت كل الخطوط الحمراء، ما يجعلها تمثل تهديدًا حقيقيًا للسلم والأمن الدوليين. ودعا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته ووقف حالة "الإفلات من العقاب" التي تتمتع بها إسرائيل منذ عقود.

دعوة لوحدة الصف العربي والإسلامي

الرئيس المصري شدد على أن مواجهة هذه التحديات لن تتحقق إلا من خلال وحدة الصف، داعيًا إلى تفعيل الرؤية العربية المشتركة للأمن والتعاون التي أقرها مجلس الجامعة العربية.
كما اقترح إنشاء آلية عربية إسلامية للتنسيق في الملفات الأمنية والسياسية والاقتصادية، معتبرًا أن هذا المسار وحده كفيل بحماية استقرار المنطقة وضمان مصالح شعوبها.

الموقف المصري من القضية الفلسطينية

لم يغب الملف الفلسطيني عن خطاب السيسي، حيث أكد بوضوح رفض مصر لأي محاولات للتهجير أو فرض الأمر الواقع بالقوة. وأعاد التذكير بأن الحل العادل والشامل لا يمكن أن يتحقق إلا عبر إنهاء الاحتلال وتجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
كما شدد على أن مؤتمر "حل الدولتين"، المقرر عقده في 22 سبتمبر الجاري على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، يشكل محطة محورية في مسار السلام، داعيًا المجتمع الدولي إلى الاعتراف الفوري بدولة فلسطين باعتباره السبيل الوحيد للحفاظ على هذا الحل.

رسائل مباشرة لإسرائيل والشعب الإسرائيلي

من أبرز محاور خطاب الرئيس المصري كانت الرسالة المباشرة إلى الشعب الإسرائيلي، حيث حذره من أن السياسات العدوانية الحالية تهدد السلام القائم والمستقبلي على حد سواء. وأوضح أن استهداف المدنيين وسياسة العقاب الجماعي لن تجلب الأمن، بل ستوسع دائرة الصراع وتزيد التوتر.
هذه الرسالة، بحسب مراقبين، كانت بمثابة تحذير استراتيجي لإسرائيل، يحمل دلالات لا يمكن تجاهلها سواء في تل أبيب أو لدى المجتمع الدولي.

دعوة إلى تحرك دولي عاجل

لم يقتصر خطاب السيسي على البعد العربي والإسلامي، بل وجه نداءً صريحًا إلى القوى الدولية، محذرًا من خطورة استمرار العدوان. ودعا إلى تحمّل المسؤوليات الأخلاقية والقانونية لإنهاء الحرب الإسرائيلية في غزة ووقف الانتهاكات بحق المدنيين، مؤكدًا أن الأمن لن يتحقق إلا عبر سلام عادل يضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

البيان الختامي.. توافق وإجماع

اختتمت القمة أعمالها مساء الاثنين بإعلان البيان الختامي الذي وافق عليه المشاركون بالإجماع. وقد أعلن الشيخ محمد بن عبدالرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطري، ختام القمة، مثمنًا الجهود التي بُذلت لصياغة البيان، ومعربًا عن أمله في أن تشكل مخرجات القمة أساسًا لأمن واستقرار المنطقة.
البيان الختامي جاء ليؤكد رفض العدوان الإسرائيلي، والتشديد على تفعيل آليات الدفاع المشترك، ودعم القضية الفلسطينية كأولوية عربية وإسلامية.

 

تفعيل الدفاع المشترك والردع الخليجي

يرى اللواء سمير فرج، الخبير العسكري والاستراتيجي, أن ما يميز هذه القمة عن سابقاتها هو التأكيد الواضح على ضرورة تفعيل آليات الدفاع المشترك بين الدول العربية، إلى جانب تطوير قدرات الردع الخليجية. وأوضح أن هذه الخطوة تعد تحولًا لافتًا في الخطاب العربي، مشيرًا إلى أن مجرد طرح هذه الملفات للنقاش العلني هو تقدم مهم بحد ذاته.

إدانة إسرائيل ورسائل إلى الأمم المتحدة

القمة، بحسب فرج، لم تقتصر على النقاشات الأمنية فحسب، بل تضمنّت أيضًا إدانة صريحة لممارسات إسرائيل، مع توجيه رسائل مباشرة إلى الأمم المتحدة. وأكد أن هذه الرسائل كانت أكثر وضوحًا وجدية مقارنة بالقمم السابقة، مما يعكس رغبة عربية حقيقية في التأثير على الموقف الدولي.

كلمة الرئيس السيسي ورسالتها للشعب الإسرائيلي

أبرز ما جاء في القمة وفقًا لرأي فرج  كان كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي، التي اعتبرها رسالة بالغة الأهمية للشعب الإسرائيلي. فقد أكد السيسي أن سياسات حكومة نتنياهو تهدد اتفاقيات السلام السابقة وأي اتفاقيات مستقبلية. ووصف فرج هذه الرسالة بأنها بمثابة تحذير مباشر لإسرائيل، يحمل دلالات استراتيجية لا يمكن تجاهلها.

الموقف المصري.. وضوح وحزم

أشاد فرج بالموقف المصري في القمة، مؤكدًا أنه كان واضحًا وحاسمًا، حيث أعلن الرئيس رفض القاهرة المطلق للممارسات الإسرائيلية الحالية. كما شدد على أن استمرار التشاور العربي يعزز من قوة هذا الموقف الموحد، ويبعث برسالة رادعة إلى تل أبيب.

تأثير الرسائل على واشنطن وتل أبيب

وأضاف فرج أن الرسالة المصرية والعربية مرشحة للوصول أولًا إلى الولايات المتحدة، التي قد تضطر للضغط على إسرائيل للتهدئة. واستدل على ذلك بتغير نبرة الخطاب الإسرائيلي، حيث بدأت تل أبيب تتحدث عن إطالة أمد العمليات في غزة وعدم القدرة على تنفيذ مخططات التهجير بشكل كامل، وهو ما يراه نتيجة مباشرة لنصائح وضغوط أمريكية.

آفاق التهدئة المقبلة

واختتم فرج تحليله بالتأكيد على أن الأجواء باتت مهيأة أكثر من أي وقت مضى للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. واعتبر أن الموقف العربي الموحد، مدعومًا بالرسائل المصرية الحاسمة، قد يسرّع من وتيرة الحلول السياسية في الفترة القادمة.

القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة لم تكن اجتماعًا عابرًا، بل محطة فارقة في مسار العمل العربي المشترك. رسائلها جاءت واضحة، ومواقفها جريئة، وكلماتها، وعلى رأسها كلمة الرئيس المصري، رسمت خطوطًا جديدة للتعامل مع التحديات.
وبينما تبقى الأنظار متجهة إلى واشنطن وتل أبيب، فإن ما خرج من الدوحة يؤكد أن العرب عازمون على الدفاع عن مصالحهم الاستراتيجية، وأن مصر تظل حجر الزاوية في معادلة التوازن بالمنطقة. إن ما حملته هذه القمة من مواقف قد يشكل بداية مرحلة جديدة عنوانها الوحدة والوضوح والردع.