فتاوى وأحكام
هل يجوز قبول الهدية من شخص ماله حرام؟
هل يجوز الترجي بالنبي وآل البيت والكعبة؟
حكم تغيير الأسماء في الشريعة.. متى يكون واجبا؟
نشر موقع صدى البلد خلال الساعات الماضية عددا من الفتاوى والأحكام التى تشغل بال كثير من الناس نستعرض أبرزها فى التقرير التالى.
هل يجوز قبول الهدية من شخص ماله حرام؟
ما حكم قبول الهدية من شخص ماله حرام؟ سؤال ورد إلى دار الإفتاء المصرية.
وأجابت الإفتاء عن السؤال قائلة: إن الفقهاء اختلفوا في حكم التعامل بالبيع والشراء وقبول الهدية وأكل الطعام ونحو ذلك مع من اختلط ماله الحلال بالحرام؛ بحيث لم يُعلم عين الحرام، على قولين.
الأول: الحرمة، وهو ما ذهب إليه الحنفية فيما إذا غلب الحرام، وطرد أصبغ من المالكية الحرمةَ مطلقًا قلَّ الحرام أو غلب؛ يقول الإمام الدسوقي: [اعلم أنَّ من أكثر ماله حلال وأقلُّه حرام، المعتمد جواز معاملته ومداينته والأكل من ماله كما قال ابن القاسم، خلافًا لأصبغ القائل بحرمة ذلك، وأما من أكثر ماله حرام والقليل منه حلال فمذهب ابن القاسم كراهة معاملته ومداينته والأكل من ماله وهو المعتمد خلافًا لأصبغ المحرِّم لذلك] اهـ. "حاشية الشرح الكبير" (3/ 277)، وراجع: "غمز عيون البصائر" (1/ 192، ط. دار الكتب العلمية).
واستدل أصبغ بأن اختلاط المال الحلال بالحرام يجعل الحرام شائعًا في المال فتسري الحرمة إليه كله، ويلزم صاحبه التصدق به. راجع: "الذخيرة" (13/ 317، ط. دار الغرب الإسلامي).
والثانى: الجواز مع الكراهة، وهو قول المالكية فيما إذا غلب الحرام، وقول الشافعية والحنابلة مطلقًا قلَّ الحرام أو كثر، وهو قول الحنفية فيما إذا غلب الحلالُ الحرامَ؛ يقول الإمام النووي: [دعاه مَن أكثرُ مالِهِ حرامٌ؛ كرهت إجابته كما تكره معاملته] اهـ. "روضة الطالبين" (7/ 337، ط. المكتب الإسلامي)، وراجع: "أسنى المطالب" (3/ 227، ط. دار الكتاب الإسلامي).
ونوهت ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته كانوا يتعاملون مع غير المسلمين ويقبلون هداياهم ولا يخلو ما بأيديهم من المال الحرام؛ كأموال الربا وثمن الخمر والفسق والأصنام وغير ذلك من المنكرات، وقد وصفهم الله عز وجل بأنهم: ﴿سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ﴾ [المائدة: 42]، ولذلك لما جاء رجل إلى ابن مسعود رضي الله عنه فقال: "إن لي جارًا يأكل الربا، وإنه لا يزال يدعوني، فقال: مهنؤه لك وإثمه عليه". راجع: "مصنف عبد الرزاق" (8/ 150، ط. المكتب الإسلامي).
ويستدل على الكراهة بحديث النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ» متفق عليه، واختلاط المال بالحرام من الشبهات التي يُندب فيها الاتقاء.
والقول بالتحريم فيه حرج ومشقة على المكلفين، كما أن فيه فتحًا لباب الوسوسة والخصومة وتبادل التهم بين الناس، وقول أصبغ لم يخلُ من نقد علماء المذهب المالكي نفسه؛ فقال الإمام القرافي في "الذخيرة" (13/ 317): [وقول أصبغ تشدد، فإن قاعدة الشرع اعتبار الغالب] اهـ.
وبناء على ذلك أكدت الإفتاء إنه يجوز مع الكراهة قبول هدية من اختلط ماله الحلال بالحرام على الراجح من مذهب جمهور العلماء، وذلك ما لم يعلم الحرام بعينه، فإن علمه حرم قبوله.
هل يجوز الترجي بالنبي وآل البيت والكعبة؟
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه: ما حكم الترجي بالنبي وآل البيت والكعبة؟
وأجابت الإفتاء عن السؤال قائلة، إن الترجي أو تأكيد الكلام بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم أو بغيره بأن يقول القائل: والنبي -مثلًا- أو والكعبة... إلخ، مما لا يُقْصَد به حقيقةُ الحلف أمرٌ جائزٌ شرعًا ولا حرج فيه عند جماهير الفقهاء.
ونوهت أنه لا يصح أن يُمنَع بالأدلة التي ظاهرها يُحَرِّمُ الحلف بغير الله؛ فهو ليس من هذا الباب، وهو واردٌ في كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكلام الصحابة الكرام؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا؟ فَقَالَ صلى الله عليه وآله وسلم: «أَمَا وَأَبِيكَ لَتُنَبَّأَنَّهْ؛ أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخْشَى الْفَقْرَ وَتَأْمُلُ الْبَقَاءَ».
وروى الشيخان أن امرأة أبي بكر الصديق رضي الله عنهما قالت له: «لَا وَقُرَّةِ عَيْنِي؛ لَهِيَ الآنَ أَكْثَرُ مِنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِثَلَاثِ مَرَّاتٍ» تعني طعام أضيافه.
حكم قول «وحياتك» للترجي
قالت دار الإفتاء المصرية إن كلمة «وحياتك» لا تستعمل في الغالب على جهة الحلف بها، وإنما تستعمل في المناشدة وسؤال الناس بعضهم بعضًا بما هو عزيز عليهم؛ فهي من باب الترجي وتأكيد الكلام.
وأكدت الإفتاء أن لفظ"وحياتك" جائز شرعًا؛ لوروده في كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكلام الصحابة، وجريان عادة الناس عليه بما لا يخالف الشرع الشريف.
حكم الحلف بغير الله
قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق إن الأئمة الأربعة أجمعوا على كراهة الحلف بغير الله وليس حراما، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم "فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت" رواه مسلم.
أضاف جمعةأن حديث: "من حلف بغير الله فقد أشرك" ضعيف ولم يرد به سند ، مؤكدا ان النبي صلى الله عليه وسلم حلف بغير الله ذات مره قائلا: "أفلح وأبيه إن صدق" وهو ما يؤكد أن الحلف بغير الله ليس شركا، كما أن الله تعالى حلف بالمخلوقات كما في قوله: "والضحى والليل والفجر والشمس".
وتابع: فيفضل عدم الحلف بالنبي والمصحف والكعبة وغيرها من أساليب الحلف من باب الكراهة فقط وليس من باب الشرك بالله.
حكم تغيير الأسماء في الشريعة.. متى يكون واجبا؟
تؤكد الشريعة الإسلامية على أهمية اختيار الأسماء الحسنة للأبناء، باعتبارها أول ما يلازم الإنسان طوال حياته، حيث ورد في الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّكُمْ تُدْعَوْنَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَسْمَائِكُمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِكُمْ، فَأَحْسِنُوا أَسْمَاءَكُمْ» (رواه أبو داود وأحمد). ومن هنا كان الحرص على تجنب الأسماء القبيحة أو ذات المعاني المذمومة.
وأوضح الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، أن تغيير الاسم قد يكون واجبًا أو مستحبًا بحسب طبيعته. فيكون واجبًا إذا كان الاسم مختصًا بالله تعالى مثل "الخالق" أو "القدوس"، أو إذا تضمّن إضافة العبودية لغير الله؛ كـ "عبد العُزّى"، أو كان فيه معانٍ لا تليق إلا بالله مثل "ملك الملوك" أو "حاكم الحكام"، وهو ما وردت النصوص الشرعية في تحريمه، ومنها قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أَخْنَى الأَسْمَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ الله رَجُلٌ تَسَمَّى مَلِكَ الأَمْلَاكِ» (رواه البخاري).
كما استدل الفقهاء بأقوال متعددة تؤكد وجوب التغيير في هذه الحالات، ومنهم الإمام الحطاب المالكي الذي نصّ في "مواهب الجليل" على حرمة التسمية بملك الأملاك، وكذلك شهاب الدين الرملي في "نهاية المحتاج" الذي حرّم التسمية بما يوهم التشريك كعبد الكعبة.
أما إذا كان الاسم لا يحمل محظورًا شرعيًّا ولكنه منفر أو يحمل دلالات غير محببة مثل "حَزْن" أو "حَرْب" أو "مُرّة"، أو فيه تزكية للنفس كـ "الأشرف" و"التقي"، فيُستحب تغييره إلى ما هو أجمل وأليق.
وورد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم غيّر أسماءً عدة لما فيها من معانٍ غير مستحبة، كما في قصة زينب رضي الله عنها التي كان اسمها "برة" فغيّره النبي إلى "زينب" خشية أن يُفهم منه تزكية للنفس.
وهكذا فرقت الشريعة بين ما يجب تغييره لحرمة التسمية به، وبين ما يُستحب تغييره لتحسين المعنى وتجنب ما تنفر منه النفوس.