كشفت شركة مايكروسوفت، عن ابتكار تقني جديد قد يغير قواعد اللعبة في مجال مراكز البيانات والبنية التحتية السحابية، عبر استخدام تقنية التبريد الدقيق بالسوائل الميكروفلويديك Microfluidics لتسريع المعالجات دون التسبب في ارتفاع درجة الحرارة، ما يمكن من تشغيل المعالجات في وضعية overclocking بأمان وكفاءة عالية.
تواجه الشركات التقنية عادة تحديا مزمنا، إما بناء مراكز بيانات ضخمة مليئة بالرقاقات التي تظل خاملة أغلب الوقت في انتظار لحظات الذروة، أو المجازفة بانخفاض الأداء في أوقات الضغط العالي، ولكن مايكروسوفت وجدت حلا بديلا أكثر ذكاء.
وقال جيم كليوين، مدير تطوير خدمات Office 365 الأساسية في مايكروسوفت: “لدينا مهام عمل ذات طفرات مفاجئة، وأتمنى لو كان بإمكاني رفع تردد المعالجات بشكل مؤقت – لأن ذلك سيقلل من عدد الخوادم المطلوبة ويحسن تجربة المستخدم”.
تبريد مستوحى من الطبيعة وذكاء اصطناعي يوجه السوائل بدقة
تقنية الميكروفلويديك بحد ذاتها ليست جديدة، لكنها عادة تعتمد على تمرير سائل التبريد فوق سطح الشريحة، أما ابتكار مايكروسوفت، فيعتمد على تمرير سائل التبريد داخل المعالج مباشرة عبر قنوات صغيرة جدا.
والأهم من ذلك، أن مايكروسوفت طورت نظاما يستخدم الذكاء الاصطناعي لتخصيص التبريد بحسب بصمة الحرارة الفريدة لكل معالج وحسب المهام التي يؤديها، حيث يشبه التصميم الداخلي للشريحة شبكة الأوردة في ورقة الشجر، ما يسمح بإيصال التبريد بدقة إلى أكثر المناطق سخونة.
ووفقا لمايكروسوفت، فإن هذا النظام أكثر فاعلية بثلاثة أضعاف من أنظمة التبريد الحالية، ما يجعل فكرة “رفع التردد” أكثر أمانا وجدوى.
وفي تعليق لافت، قال حسام العيسى، مدير تقنيات الأنظمة في مايكروسوفت: “بعض النقاط الساخنة في الشريحة قد تصل درجة تدفقها الحراري إلى ما يعادل سطح الشمس، إذا نظرنا إلى المقياس الدقيق”.
من النموذج الأولي إلى البنية التحتية السحابية
تم اختبار التقنية الجديدة على معالج Intel Xeon تجاري، لكن مايكروسوفت تخطط لاستخدامها في الجيل القادم من رقاقاتها الخاصة، مثل شريحة Azure Cobalt ومعالج الذكاء الاصطناعي Maia، والتي أعلن عنها في 2023 ضمن جهود الشركة لتقليل الاعتماد على الموردين الخارجيين مثل إنفيديا، والتحكم الكامل في بنية الحوسبة السحابية.
وأكدت راني بوركار، نائبة رئيس مايكروسوفت لأنظمة Azure والبنية التحتية، أن الذكاء الاصطناعي يتطلب تكاملا أعمق بين العتاد والبرمجيات، مضيفة: “المعالجات وحدها لم تعد كافية لمواكبة تطورات الذكاء الاصطناعي. نحن نصمم ونطور كل طبقة من النظام معا”.
ألياف ضوئية مجوفة وفولاذ صديق للبيئة
إلى جانب تقنية التبريد الجديدة، أعلنت مايكروسوفت عن التوسع في إنتاج الألياف الضوئية المجوفة بالتعاون مع شركتي Corning وHeraeus، مما يسمح بنقل البيانات بسرعة أكبر وزمن استجابة أقل.
إلى جانب استخدام الفولاذ الأخضر الصديق للبيئة في بناء مراكز البيانات، من إنتاج شريكها Stegra، والذي يقلل انبعاثات الكربون بنسبة تصل إلى 95%.
رقاقات ثلاثية الأبعاد وتبريد بيني
تطمح مايكروسوفت على المدى الطويل إلى استخدام تقنية الميكروفلويديك في هندسة جديدة للرقاقات تعرف باسم 3D stacking، حيث يتم تكديس طبقات السيليكون فوق بعضها لتقليل وقت انتقال البيانات، لكن هذه التقنية تعاني من مشكلة إزالة الحرارة من الطبقات الداخلية.
وتعتقد مايكروسوفت أن بإمكان التبريد الموجه بالسوائل أن يحدث اختراقا في هذا المجال، ما قد يؤدي إلى ثورة في تصميم الحواسيب.