تاريخياً، أثارت أهرامات الجيزة، بما في ذلك هرم منكاورع، العديد من التساؤلات حول أسرار بنائها، حيث لاحظ المستكشف البريطاني هوارد فايس، قبل أكثر من 150 عاماً، شيئاً غير مألوف على الواجهة الشرقية للهرم الأصغر.
كانت هناك منطقة تبدو "مُسواة" بطريقة غير عادية، وكأنها تخفي شيئاً ما وراءها. رغم محاولاته للحفر بالقرب من هذه المنطقة، لم يتمكن من الوصول إلى تفسير واضح للغز الذي ينطوي عليه هذا المشهد.
لغز الهرم الأصغر
في عام 2019، أعاد الباحث الهولندي ستاين فان دن هوفن إحياء نظرية فايس من خلال دراسة عميقة لصورة الواجهة الشرقية.
توصل هوفن إلى فرضية وجود "مدخل ثان"، استخدمه البناؤون بشكل محتمل أو تم حجب استخدامه لسبب لا يزال غير معروف. ولكن بعد سنوات، بدأت أدوات القرن الحادي والعشرين بإثبات وجودها لكشف هذا اللغز.
في السنوات الأخيرة، تبنى فريق بحثي دولي، بقيادة الدكتور هاني هلال من جامعة القاهرة، مجموعة من التقنيات الجيوفيزيائية غير التدميرية. استخدم الباحثون التصوير بالمقاومة الكهربائية، والرادار المخترق للأرض، وأيضًا الموجات فوق الصوتية لاستكشاف ما يُخبئه الهرم خلف واجهته، دون الحاجة إلى الحفر.
يعتمد التصوير بالمقاومة الكهربائية على تمرير تيار كهربائي ضعيف عبر التربة وقياس مقاومة المواد المختلفة المكونة لها. بينما يعمل الرادار المخترق للأرض عن طريق إرسال موجات رادارية إلى باطن الأرض، مما يمكن الفريق من الكشف عن طبقات مدفونة أو فراغات.
وأخيراً، تستخدم الموجات الصوتية عالية التردد لتحليل الموجات المنعكسة داخل الصخور، وكشف التغييرات المحتملة فيها.
ماذا وجد العلماء داخل الهرم؟
أظهرت النتائج المبدئية التي تم الحصول عليها باستخدام هذه التقنيات وجود منطقتين شاذتين خلف الكسوة الشرقية للهرم، تتوافق مع الملاحظات السابقة من فان دن هوفن.
تشير التحليلات إلى أن هذه الشذوذات قد تمثل فراغات هندسية أو ممرات خلفية لم تُكتشف من قبل. وأكد الدكتور زاهي حواس، عالم المصريات، أن هذه الاكتشافات تمثل أول دليل علمي يدعم نظرية "المدخل الثاني".
بغرض متابعة الاكتشافات، يخطط الفريق لاستخدام تقنية التصوير بالميونات، تلك الجسيمات التي تتساقط علينا من الفضاء. تُستخدم هذه التقنية لتحليل ما إذا كان هنالك فراغات أو غرف مخفية خلف الواجهة، حيث أن التساؤل حول ما إذا كانت عبارة عن فراغات بناء أو ممرات حقيقية لا يزال قائماً.
نجحت تقنيات التصوير بالميونات سابقاً في كشف ممرات خفية في هرم خوفو، مما يزيد من الآمال في تحقيق مزيد من الاكتشافات في هرم منكاورع.
أعرب باحثون عن أهمية هذه الخطوات العلمية، معتبرينها تجربة رائدة في الجمع بين العلوم الهندسية والأثرية. حيث أن فهم المباني القديمة قد يتطلب المزيد من التنسيق بين هذه العلوم والتقنيات الحديثة.
كما أن الاكتشافات الجديدة ستساهم في تعزيز الفهم المعماري لتصميم الهرم، وقد تعيد النظر في الوظائف المعمارية المرتبطة به، خاصة إذا كانت المرتبطة بالمدخل الثاني.





