مع اقتراب الاحتفال بعيد الحب الذي يوافق الرابع من نوفمبر من كل عام، تصدر سؤال لافت إلى دار الإفتاء المصرية حول موقف الإسلام من الحب، وهل يُعد الحُب حرامًا في كل الأحوال؟ هذا التساؤل، الذي يتكرر في مثل هذا التوقيت من كل عام، دفع الدار إلى تجديد توضيحها للرأي الشرعي في هذه المسألة الحساسة التي تمس حياة كثيرين.
وأكدت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمي أن الحب في جوهره شعور إنساني راقٍ ومعنى نبيل دعا إليه الإسلام وباركه، فهو لا يتعارض مع مبادئ الدين، بل يعد من صفات المسلم الحق الذي يحمل في قلبه المودة لكل خلق الله، وينشر الرحمة والجمال أينما حلّ.
وأضافت أن الأصل في الحب أنه قيمة إنسانية سامية تُعبّر عن الصفاء النفسي، والارتباط العاطفي النقي الذي يسمو بالنفس ويزكي الروح.
لكن دار الإفتاء شددت في الوقت نفسه على ضرورة التفرقة بين هذا الحب النقي الذي يدعو إليه الإسلام، وبين ما يُرتكب تحت ستار الحب من تجاوزات أو علاقات محرمة بين الجنسين، مؤكدة أن الانقياد وراء الشهوات واللهاث خلف اللذة الحرام لا يمت بصلة إلى المعنى السامي للحب، بل يُعد انحرافًا عن طريق الفطرة التي فطر الله الناس عليها.
وأوضحت الدار أن الإسلام لم يُحرّم المشاعر أو يمنع الميل القلبي، لكنه وضع الضوابط الشرعية التي تحفظ الإنسان من الوقوع في الحرام، فالعلاقة بين الرجل والمرأة لا تكتمل ولا تكون مشروعة إلا من خلال الزواج، الذي جعله الله تعالى الباب الوحيد للحلال في العلاقة والحب بين الجنسين.
وبيّنت دار الإفتاء أن من ابتُلي بمشاعر حب تجاه شخصٍ ما ولم يستطع الزواج منه، فعليه أن يعفّ ويكتم ما في نفسه ولا يتجاوز حدود الله، مستشهدة بالحديث النبوي الشريف: «مَنْ عَشِقَ فَعَفَّ فَكَتَمَ فَمَاتَ مَاتَ شَهِيدًا»، الذي أخرجه الخطيب البغدادي واعتبره الحافظ السيد أحمد بن الصديق الغماري حديثًا قويًا في دلالته على فضل العفة وضبط النفس.
واختتمت دار الإفتاء فتواها بالتأكيد على أن الإسلام دين حب ورحمة، لكنه يربط دائمًا المشاعر بالأخلاق، والعاطفة بالقيم، مشيرة إلى أن الزواج يظل هو الطريق الصحيح الذي يصون الحب ويباركه، ويجعله مصدر استقرار وسعادة، لا بابًا للحرام أو الانحراف.



