قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

ملتقى الجامع الأزهر: الشورى مسار حضاري وهو سر تفرد الأمة الإسلامية وقوتها بين الأمم

الجامع الأزهر
الجامع الأزهر

عقد الجامع الأزهر امس الثلاثاء، اللقاء الأسبوعي لملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة، تحت عنوان: ثقافة الشورى رؤية إسلامية"، وذلك بحضور كل من؛ فضيلة الدكتور محمود الهواري، الأمين العام المساعد بمجمع البحوث الإسلامبة، وفضيلة أ.د/ محمود الصاوي، الوكيل السابق لكليتي الدعوة والإعلام بجامعة الأزهر، ويدير الحوار الأستاذ إسماعيل دويدار، رئيس إذاعة القرآن الكريم.

في بداية الملتقى، أكد فضيلة الدكتور محمود الهواري، الأمين المساعد للدعوة والإعلام الديني بمجمع البحوث الإسلامية، أن ثقافة الشورى مبدأً إسلامي، تؤكد أهميته وضرورته مصادر التشريع الإسلامي (القرآن والسنة)، وهو أساس للوحدة والاتفاق، إذ إن الشورى تتعارض مع الفرقة والاختلاف؛ وهذه الشورى واحدة من ضمانات الخيرية التي وصفت بها الأمة الإسلامية في قوله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}، كما أن هناك سورة في القرآن تحمل اسم هذا المبدأ العظيم هي "سورة الشورى"،  وهذا تأكيد على قيمة هذا المبدأ، والحق سبحانه وتعالى يوجه نبيه ومصطفاه إلى تطبيق مبدأ الشورى، ليكون قدوة وأسوة للأمة الإسلامية في هذا المبدأ الإنساني العظيم، قال تعالى: "وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ".


وقال الهواري خلال مشاركته في اللقاء الأسبوعي لملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة، تحت عنوان: ثقافة الشورى.. رؤية إسلامية"، إن الشورى مبدأ قرآني عظيم، كما أنها ملمح حضاري تميزت به الأمة الإسلامية، وغياب الشورى ذنب حضاري وسوءة مجتمعية، وإهدار لمكنونات العقول والأفكار، كما أن تطبيق الشورى والأخذ بها في مناحي الحياة يضمن استثمار العقول والمواهب.

وبين فضيلته أن مبدأ الشورى يسترعي النظر في موضعين في القرآن الكريم ، أحدهما في سياق وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتوجيه الله له، ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم لا يوصف إلا بما هو خير، ولا يوجهه الله إلا للخير كما في قوله تعالى: ﴿وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ﴾ وفي موطن آخر جاءت من أوصاف أهل الإيمان، حيث جاءت في سورة الشورى بين فريضتين أساسيتين، وهما إقامة الصلاة ووجوب النفقة، في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾.

وأضاف فضيلته أن هذه السياقات تؤكد ان الشورى في الإسلام ليست من باب الرفاهية، بل هي ضرورة حضارية يعد التخلف عنها ذنبًا حضاريًا، وتشكل مع الحوار ملمحًا من ملامح العظمة في التاريخ الإسلامي،كما أن الشورى في الإسلام ليست شعارات، بل هي تطبيق عملي ومنهج ملزم للمؤسسات والحكومات والمجتمعات، وقد حولها النبي صلى الله عليه وسلم من نظرية إلى ممارسة فعلية لتبقى واقعًا للأمة التي سادت العالم، كما أن أهمية الشورى تتجاوز مجرد نتائجها الفورية، لأنها في حقيقتها مسار حضاري تفردت به أمة الإسلام.

وفي ختام كلمته أوضح الأمين المساعد لمجمع البحوث الإسلامية، أن جوهر أحكام الإسلام هو تحقيق الحرية الكاملة للإنسان عما سوى الله سبحانه وتعالى، ومن هذا المنطلق جاء مبدأ الشورى ليؤسس لاحترام الذات الإنسانية وضمان تمام حريتها، وإظهار مواهب الله الموزعة على خلقه، لأن النظرة الإسلامية للإنسان تؤمن بأن الله تعالى وزع المواهب بين خلقه ليتحقق التكامل بين الناس، حيث يحتاج كل إنسان إلى الآخر ليكتمل البناء الاجتماعي، ويكون متماسكًا، وقد كان هذا المنهج الإنساني هو سر تفرد الأمة الإسلامية وقوتها بين الأمم، وهو مسار لا بد من تطبيقه، مصداقاً لما قاله الشاعر: "رأي الجماعة لا تشقى البلاد به رغم الخلاف ورأي الفرد يشقيها".

من جانبه قال فضيلة الدكتور محمود الصاوي إن النصح يمثل أهمية كبرى في الإسلام، مصداقًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة"، كما أكد فضيلته على أن الشورى تحقق مصالح جليلة كتعزيز الثقة بالنفس والقدرة على إبداء الرأي، وتحسين جودة القرارات، في حين يؤدي غيابها إلى الاستبداد والعزلة والتمرد، مشددًا على ضرورة أن يطبق الآباء والأمهات مبدأ الشورى مع أبنائهم لتدريبهم علي هذا الخلق الجليل، فالأسرة هي النواة التي تغرس هذا المبدأ ليجني المجتمع ثماره العظيمة، كما أن غياب الحوار والتشاور بين الزوجين في القرارات الأسرية هو سبب لكثير من الخلافات، إذ يمثل الحوار والشورى الغصن العظيم الذي يدعم استقرار الأسرة.

وأشار فضيلته إلى أن من المصالح المجتمعية العظيمة التي تتحقق نتيجة تطبيق مبدأ الشورى والحوار؛ هي تحقيق العدالة وتعزيز الوحدة الوطنية بين أفراد المجتمع، نتيجة البحث عن أفضل الحلول والآراء، محذرًا من أن غيابها يؤدي إلى انتكاس المجتمع، ولو نظرنا في التاريخ الإسلامي نجد أن نهضة الأمة الإسلامية قائمة على هذا المبدأ العظيم، وذلك عندما تحول مبدأ الشورى إلى ثقافة عاملة وواقع مجتمعي معايش يطبق في كل شأن من شؤون الأمة، سواء كان ذلك في الأمور البسيطة كالبيع والشراء، أو الشأن العام في الحروب والغزوات، والمعاهدات، لأن الشورى كمبدأ ينطوي على قاعدة ذهبية قادرة على إصلاح المجتمعات؛ وهي إعلاء المصلحة العامة وإنكار للذاتية.

وفي ختم كلمته بين فضيلة الدكتور محمود الصاوي، أن القضية الأساسية تكمن في تحويل قيمة الشورى إلى ثقافة عاملة في المجتمع، ولا بد من فهم أن للشورى مثلثًا يتكون من ثلاثة أركان هي: المستشير، والمستشار، والموضوع، ولكل ركن ضوابطه؛ فالمستشير يلزمه التواضع الفكري عند طلب الشورى، وحسن الإنصات والاستفادة من الآراء المطروحة، بينما يجب على المستشار أن يكون صادقًا وأمينًا في رأيه، مصداقًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "المستشار مؤتمن"، من أجل أن يحقق مبدأ الشورى الغرض المنشود منه.