يمثل القرار الأخير الصادر عن مجلس الأمن الدولي محطة محورية في الجهود الرامية إلى إعادة صياغة الواقع السياسي والإنساني في قطاع غزة.
فالتعديلات التي سبقت التصويت لم تكن مجرد تغييرات شكلية، بل أسهمت في إعادة توجيه النص نحو مقاربة أكثر اتزانا تستجيب لمتطلبات المرحلة الانتقالية وتعكس إدراكا دوليا متناميا لضرورة تعزيز المسار السياسي والإنساني في آن واحد.
وفي هذا الصدد، يقول الدكتور جهاد أبو لحية، أستاذ القانون والنظم السياسية، إن يمكن القول إن التعديلات التي أدخلت على مشروع القرار قبل التصويت أسهمت في إحداث توازن نسبي داخل النص النهائي، إذ تضمنت إشارة صريحة إلى ضرورة أن تفتح المرحلة الانتقالية مسارا سياسيا يقود نحو تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية.
وأضاف أبو لحية- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن القرار أكد على استدامة وقف إطلاق النار وعلى ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية وفقا لاحتياجات السكان الفعلية، وليس ضمن المعايير الأمنية السابقة التي قيدت حركة الإغاثة لسنوات طويلة، مما أكسبه أهمية إنسانية إضافية.
وأشار أبو لحية، إلى أن برزت أيضا قضية إعادة إعمار غزة كمسار مواز لا يمكن فصله عن الترتيبات الأمنية والسياسية، إذ أوكل القرار لمجلس الإدارة المؤقت مسؤولية تنسيق جهود الإعمار وتوجيه التمويل الدولي بما يتسق مع أولويات السكان.
واختتم: "في المحصلة، يمكن النظر إلى القرار باعتباره خطوة انتقالية كبرى تحمل فرصا وتحديات، إذ سيقاس نجاحه بقدرته على تحقيق توازن بين احترام السيادة الفلسطينية وتعزيز الاستقرار الإنساني والسياسي، وبمدى مساهمته في إعادة الإعمار وترسيخ وقف إطلاق النار وفتح الطريق أمام مشروع الدولة الفلسطينية".
والجدير بالذكر، أن يتضح أن القرار الأممي لا يختزل أهميته في مضامينه فحسب، بل في قدرته على تحويل تلك المضامين إلى واقع ملموس يحدث فارقا في حياة السكان ويعيد فتح الأفق السياسي المغلق منذ سنوات.
فإما أن يشكل هذا القرار منصة لانطلاقة جديدة نحو استقرار مستدام ومسار سياسي جاد، أو يبقى مجرد إطار نظري ما لم تستثمر بنوده وتفعل آلياته بجدية ومسؤولية.



