أجابت هند حمام، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، عن سؤال سيدة تقول إنها شهدت تفاوتًا في الأسعار عند شراء منتج، حيث عرض البائع سعرًا عليها، ثم عرض سعرًا مختلفًا لشخص آخر، وهي لم تُخبره بذلك أو تتدخل.
هل يجوز للبائع أن يغيّر السعر بين المشترين؟
وأوضحت أمين الفتوى في دار الإفتاء، خلال تصريحات تلفزيونية، أن الأمر يتعلق بأمانة البائع وتقواه في البيع والشراء، مشيرة إلى أن البيع قائم على رضا الطرفين، فإذا ارتضى كل مشترٍ السعر المعروض له، فلا ذنب على البائع أو المشتري.
وأضافت أمين الفتوى في دار الإفتاء أن الفِطنة التجارية تقتضي عدم التمييز في الأسعار أمام أكثر من مشترٍ في المكان نفسه، لتجنب أي غبن أو تضليل، خاصة إذا كانت هناك تسعيرة رسمية معتمدة للدولة، حيث يتحمل البائع مخالفة التسعيرة إذا خالفها.
وأشارت أمين الفتوى في دار الإفتاء إلى أن الأصل في البيع هو مراعاة الذمة المالية والحرص على عدم التطفيف أو الغبن، مؤكدة أنه ما دام كل طرف ارتضى السعر، فلا مشكلة شرعية في اختلاف السعر بين مشترٍ وآخر، فالحق للبائع في تحديد مكاسبه وفق رضى الطرفين.
5 ضوابط سر البركة في البيع والشراء
وكان الدكتور يسري جبر، من علماء الأزهر الشريف، أكد أن الدين يقوم على 3 مراتب: الإسلام والإيمان والإحسان، كما بيّن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل، فلا يكتمل الدين إلا بتحقق هذه الأركان معًا، ومن مظاهر ذلك الصدق في البيع والشراء؛ فالبائع مأمور أن يبين حقيقة السلعة وما فيها من عيب، والمشتري مأمور بالصدق في الثمن ودفعه كاملًا، فإذا صدقا وبينا بارك الله لهما في بيعهما وشرائهما، أما إذا كذبا أو غشّا نزعت البركة من المال والسلعة.
وأوضح الدكتور يسري جبر أن الحديث الشريف: "فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما" يدل على أن الغش والكذب لا يتركان أثرًا محمودًا، بل ربما يحرم الإنسان من السلعة أو المال بسبب سوء النية.
وبيّن الدكتور يسري جبر أن من فقه الحديث مسألة "ما لم يتفرقا"، حيث اختلف العلماء في المقصود بها؛ فالإمام مالك يرى أن التفرق يكون بالأقوال، فإذا أتم الطرفان عقد البيع بالإيجاب والقبول وتم تحديد السلعة والثمن وتوفرت الشروط، انعقد البيع حتى لو جلسا بعد ذلك في حديث آخر، بينما يرى الشافعية أن التفرق يكون بالأبدان، أي أن لكل طرف حق التراجع ما داما في مجلس العقد، فإذا افترقا بالأجساد لزم العقد.
وأشار الدكتور يسري جبر إلى أن الخروج من الخلاف مستحب، حتى يكون عقد البيع صحيحًا على كل المذاهب، مبينًا أن شروط البيع تشمل البائع والمشتري والسلعة والثمن والصيغة، فالعاقدان يجب أن يكونا بالغين، عاقلين، راشدين، مالكين لما يبيعان أو يشترون، والسلعة يجب أن تكون نافعة ومباحة البيع شرعًا، والثمن متداولًا بين الناس.
وأكد الدكتور يسري جبر، أن مراعاة هذه الضوابط الفقهية، إلى جانب الصدق والإحسان، هي ما يحقق البركة في البيوع، ويجعل المعاملة موافقة للشرع ومباركة من الله تعالى.



