شدّد المندوب الدائم للأردن لدى الأمم المتحدة في جنيف، السفير أكرم الحراحشة، على خطورة الإجراءات الإسرائيلية في الضفة الغربية وانعكاساتها الكارثية على الحياة الاقتصادية والاجتماعية للفلسطينيين.
أوضح في بيانه أمام مجلس التجارة والتنمية في "الأونكتاد"، الاثنين، أن القيود المشددة على الحركة والتنقل شلّت قطاعات التجارة والصناعة والزراعة، ومنعت آلاف العاملين من الوصول إلى منشآتهم، ما أدى إلى إغلاق آلاف المحال التجارية، بينها أكثر من 8000 محل في محافظة جنين وحدها، وفق ما وثّقه التقرير الأخير.
وأشار الحراحشة إلى أن احتجاز إسرائيل لأموال المقاصة الفلسطينية فاقم "أسوأ أزمة مالية" تشهدها الأراضي المحتلة، وهو ما أكدته بيانات الأمم المتحدة التي وصفـت حجم الضرر بأنه وصل حدّ "الشلل الكامل" في القطاعات الإنتاجية.
وقال إن تقرير الأونكتاد يقدّم صورة واضحة عن "الخسائر الاقتصادية والإنسانية الكارثية" الناجمة عن الحرب على غزة واستمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
وتبرز خطورة هذه التطورات، بحسب مراقبين، في أنها لا تعكس أزمة مؤقتة، بل انهياراً ممنهجاً لبنية الاقتصاد الفلسطيني وتآكلاً مستمراً لمقومات الحياة الأساسية. فالتدمير الواسع للمؤسسات الصناعية والخدمية، وحرمان الفلسطينيين من مواردهم الطبيعية والتنموية، يدفعان بالمشهد نحو نقطة يصعب فيها ترميم الفجوات الاقتصادية دون تدخل دولي فعّال.
كما يرى آخرون أن هذا الواقع الاقتصادي المتدهور يساهم في إنتاج بيئة اجتماعية متفجرة، يعمّها الفقر والجوع والبطالة، ما يجعل استعادة الاستقرار أمراً معقداً ما لم تُعالَج جذور الأزمة، وعلى رأسها إنهاء الاحتلال وممارساته.
ويؤكد هؤلاء أن استمرار هذا النسق من السياسات يعني عملياً الدخول في دورة أعمق من التدهور، يصعب معها الحديث عن أي أفق للتنمية أو التعافي.
وخلال عرضه لأرقام أممية صادمة، أشار السفير الأردني إلى تقديرات الإسكوا التي تفيد بأن مؤشر التنمية البشرية للفلسطينيين سينخفض من 0.716 عام 2022 إلى 0.643 عام 2024، في تراجع يعادل "محو 25 عاماً من التنمية البشرية"، بينما تُظهر البيانات أن غزة وحدها خسرت ما يعادل 69 عاماً من التنمية نتيجة الحرب.
وأضاف أن الإنتاج توقف كلياً، والمدارس والمستشفيات دُمّرت، فيما تُرك السكان "يواجهون القتل والجوع والفقر المدقع"، ما أدى إلى تلاشي الناتج القومي الإجمالي للقطاع.
وأكد الحراحشة أن الأزمة لا تقتصر على غزة، بل تعبّر عن "حرمان متعمّد للشعب الفلسطيني من التنمية"، داعياً المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية وتسريع الاستجابة للأوضاع الكارثية التي يعيشها الفلسطينيون، والعمل على إعادة بناء الاقتصاد وتحقيق التنمية المستدامة في الأراضي المحتلة.
وطالب أمانة الأونكتاد بتوفير الموارد البشرية والمالية اللازمة لمواصلة رصد وتوثيق آثار الاحتلال في فلسطين والقدس الشرقية، ودعم برامج المساعدات الاقتصادية المستدامة لتعزيز صمود الفلسطينيين وقدرتهم على مواجهة التحديات المتفاقمة.
وفي ختام كلمته، دعا السفير إلى الانتقال من "الاكتفاء بالاحتفال بالتضامن إلى ممارسة التضامن فعلياً"، عبر دعم الحقوق الفلسطينية وإحقاق العدالة، مؤكداً موقف الأردن الثابت بأن الاحتلال الإسرائيلي "غير شرعي"، وأن جميع إجراءاته "باطلة وغير قانونية".
وشدد على أن السلام العادل والشامل والدائم لن يتحقق إلا بإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية على خطوط الرابع من حزيران 1967، وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية وبيان مؤتمر نيويورك لحل الدولتين.

