فتاوى
ماذا يفعل من فاتته تكبيرة الإحرام وأدرك الإمام وهو راكع أو ساجد؟
هل يجوز تخصيص عبادة معينة لـ شهر رجب ؟
هل يجوز صيام شهر رجب كاملًا؟
نشر موقع صدى البلد خلال الساعات الماضية عددا من الفتاوى التى تشغل أذهان كثير من الناس نستعرض أبرزها فى التقرير التالى.
ماذا يفعل من فاتته تكبيرة الإحرام وأدرك الإمام وهو راكع أو ساجد؟
كشف مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية عن التصرف الصحيح لمن فاتته تكبيرة الإحرام مع الإمام في صلاة الجماعة وأدرك الإمام وهو راكع أو ساجد.
وقال الأزهر للفتوى إن أداء الصلاة على وقتها من أفضل وأحب أعمال المسلم إلى الله سبحانه، ولأدائها في المسجد جماعةً فضلٌ عظيمٌ؛ قال سيدنا رسول الله ﷺ: «مَنْ صَلَّى لِلَّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي جَمَاعَةٍ يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الأُولَى كُتِبَ لَهُ بَرَاءَتَانِ: بَرَاءَةٌ مِنَ النَّارِ، وَبَرَاءَةٌ مِنَ النِّفَاقِ». [أخرجه الترمذي]
ونوه انه يُندب لمن تأخّر عن صلاة الجماعة أن يمشي بتُؤَدة وسكينة، لقوله ﷺ: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَلَا تَأْتُوهَا تَسْعَوْنَ، وَأْتُوهَا تَمْشُونَ وَعَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا». [أخرجه مسلم]
واشار الى ان من كبَّر ودخل في الصلاة مع الإمام قبل الرفع من الركوع؛ حُسِبتْ له ركعة، وإن لم يدرك القراءة.
حكم من فاتته تكبيرة الإحرام وأدرك الإمام وهو راكع أو ساجد في صلاة الجماعة
وبين: إذا أدرك المسلمُ الإمامَ وهو راكع أو ساجد أو جالس وأراد الدخول في صلاة الجماعة كبر تكبيرتين: تكبيرةً للإحرام -وهي واجبة للدخول في الصلاة-، ثم تكبيرةً أخرى للركوع أو السجود أو الجلوس.
وما أدركه المسبوق مع الإمام يُعَدُّ أولَ صلاته، وما قضاه منفردًا هو آخرها، وعليه؛ يُشرع للمصلي -مثلًا- أن يترك قراءة السورة بعد الفاتحة في الركعتين الأُخريين في الصلاة الرّباعية، والركعة الأخيرة في صلاة المغرب.
يُتابع المسبوقُ إمامه في كل أفعال الصلاة، ويبني على ما أدركه، ويتم صلاته، وإن اقتضى ذلك اختلاف هيئة صلاة المسبوق بعد تمامها، كاجتماع ثلاثة تشهدات أو أربعة في صلاة واحدة. من أدرك ركعة مع الإمام فقد أدرك الجماعة؛ قَالَ سيدنا رسول الله ﷺ: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصَّلَاةِ مَعَ الْإِمَامِ، فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ». [متفق عليه]، وهو قول المالكية، ومذهب جمهور الفقهاء على أن من أدرك شيئًا من الجماعة فقد أدرك فضلها.
بما تُدرَكُ صلاةُ الجمعة
ونوه ان صلاةُ الجمعة تُدرَكُ بإدراك ركعة مع الإمام، فمن لم يدرك ركوع الإمام من الركعة الثانية صلَّى الجمعة ظهرًا.
ماذا يفعل المسبوق فى صلاة الجنازة
اما المسبوق في صلاة الجنازة فيكبّر للإحرام، ويقتدي بالإمام في الانتقال من تكبيرة للتي تليها؛ بيد أنه يقرأ الفاتحة بعد تكبيرته الأولى، ويصلي على النبي ﷺ بعد الثانية، ثم الدعاء للميت بعد الثالثة، والدعاء لنفسه ولجميع المسلمين بعد التكبيرة الرابعة، ولا يُسلِّم مع الإمام، وإنما يتمّ ما فاته من تكبيرات على الهيئة المذكورة. من فاتته الركعة الأولى من صلاة العيد أتمّها بعد تسليم الإمام، إلا أنه يكبّر لها خمس تكبيرات.
هل يجوز تخصيص عبادة معينة لـ شهر رجب ؟
مع اقتراب شهر رجب، يحرص كثير من المسلمين على الإكثار من الطاعات، انطلاقًا من مكانة هذا الشهر في الإسلام، وفي هذا الإطار أوضحت دار الإفتاء المصرية أن من مظاهر تعظيم شهر رجب الإكثار من القربات والأعمال الصالحة، مثل الصلاة، والصيام، والصدقة، والعمرة، والذكر، وسائر الطاعات.
وأكدت دار الإفتاء أن العمل الصالح في هذا الشهر، شأنه شأن باقي الأشهر الحرم، له منزلة عظيمة وأجر كبير عند الله تعالى.
وبينت دار الإفتاء، في معرض ردها على تساؤل حول حكم تخصيص شهر رجب بزيادة العبادة دون ورود نص خاص، أن الأصل في العبادات جواز أدائها في جميع أوقات السنة، ما لم يرد نص شرعي يمنع ذلك.
وأشارت إلى أن الشريعة لم تمنع العبادة في زمن معين إلا في حالات محددة، مثل تحريم الصيام في يومي عيد الفطر وعيد الأضحى وأيام التشريق، وما عدا ذلك فالأبواب مفتوحة للتقرب إلى الله في أي وقت.
وأكدت دار الإفتاء أن فضل شهر رجب وتعظيمه أمر ثابت، بغض النظر عن اختلاف درجات الأحاديث الواردة في فضائله، سواء كانت صحيحة أو ضعيفة أو حتى غير ثابتة، لأن مكانته مستمدة أصلًا من كونه أحد الأشهر الحرم التي نص القرآن الكريم على تعظيمها، كما جاء في قوله تعالى:
﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ﴾.
وقد حدّد النبي صلى الله عليه وآله وسلم هذه الأشهر في الحديث الصحيح، فذكر أن ثلاثة منها متتابعة وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، والرابع منفرد وهو رجب الذي يقع بين جمادى الآخرة وشعبان.
وفي هذا السياق، نقل الإمام الطبري في تفسيره عن التابعي قتادة قوله إن المعصية في الأشهر الحرم أعظم إثمًا من غيرها، وإن كان الظلم في ذاته عظيمًا في كل وقت، إلا أن الله تعالى يضاعف شأن ما يشاء من الأزمنة.
كما أورد عنه كلامًا جامعًا يبيّن أن الله اصطفى من خلقه وأوقاته وأماكنه ما شاء، ومنها الأشهر الحرم، داعيًا إلى تعظيم ما عظّمه الله، وهو ما يدل على خصوصية هذه الأزمنة ورفعة قدرها.
وفيما يتعلق بالصيام في شهر رجب، فقد أوضحت دار الإفتاء أن الصيام فيه جائز في أوله أو وسطه أو آخره، ولا حرج في ذلك مطلقًا، استنادًا إلى القواعد العامة التي تحث على صيام التطوع.
ولم يرد أي دليل صحيح يمنع الصيام في هذا الشهر، بل إن القاعدة الأصولية تقرر أن النصوص المطلقة تشمل جميع الأزمنة والأمكنة والأحوال، ولا يجوز تقييدها أو منعها إلا بدليل، وإلا كان ذلك تضييقًا لما وسّعه الله ورسوله.
وذكرت دار الإفتاء ما ورد في فضل الصيام في رجب من آثار، ومنها ما رواه البيهقي عن أبي قلابة رضي الله عنه أنه قال: إن في الجنة قصرًا لصوام رجب، وقد علّق الإمام أحمد بأن هذا القول وإن كان موقوفًا على تابعي، فإن مثله لا يُقال من قِبل الرأي المجرد، وإنما له أصل يُتلقى ممن فوقه.
والخلاصة أن الشريعة لم تُحدِّد عبادة بعينها مخصوصة لشهر رجب دون غيره، وإنما يُستحب فيه الإكثار من سائر الطاعات المشروعة، دون اعتقاد وجوب أو سُنِّيَّة عبادة معينة بعينها، فالتقرب إلى الله فيه يكون بما هو مشروع في سائر الأيام، مع استحضار فضل الزمان وتعظيمه.
هل يجوز صيام شهر رجب كاملًا؟
يتداول بعض الناس آراءً تزعم أن صيام شهر رجب كاملًا غير جائز شرعًا، بل ويذهب بعضهم إلى القول بأن من يفعل ذلك يقع في الإثم، وهو ما يثير تساؤلات كثيرة حول الحكم الصحيح في هذه المسألة.
وقد ورد هذا السؤال إلى دار الإفتاء، فجاء الرد موضحًا للحكم الشرعي المدعوم بأقوال العلماء المعتبرين.
أكدت دار الإفتاء أن صيام شهر رجب كاملًا جائز شرعًا ولا حرج فيه على الإطلاق، ولا يأثم من يلتزم بصيامه، وذلك استنادًا إلى عموم الأدلة الواردة في فضل صيام التطوع، حيث لم يرد نص صحيح يمنع صيام رجب كاملًا، كما لم يُنقل عن أحد من علماء الأمة المعتبرين أنه أدخل صيام هذا الشهر ضمن الأيام أو الشهور المكروه صيامها.
وفي هذا السياق، أشار الحافظ ابن الصلاح في فتاويه إلى أن من صام شهر رجب كاملًا لم يُؤثِّمه أحد من علماء الأمة، مما يدل على أن هذا الفعل كان معروفًا ولم يُنكر من أهل العلم الموثوقين.
كما تناول العلامة ابن حجر الهيتمي هذه المسألة بشدة في الفتاوى الفقهية الكبرى، حيث استنكر على من ادعى تحريم صيام رجب أو نهى الناس عنه، واعتبر ذلك جهلًا ومجازفة في حق الشريعة الإسلامية.
وبيّن أن الاستناد إلى بعض الروايات التي تزعم وجود عذاب خاص لصوام رجب هو اعتماد على أحاديث باطلة لا يجوز روايتها، كما أوضح ذلك الإمام ابن الصلاح، المعروف بمكانته العلمية وحفظه للسنة.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل نُقلت فتوى سلطان العلماء العز بن عبد السلام في الرد على من منع صيام رجب، حيث أكد أن نذر صيام شهر رجب صحيح وملزم، وأن التقرب إلى الله تعالى بالصيام مشروع ومطلوب.
وبيّن أن من نهى عن صيام رجب إنما صدر نهيه عن جهل بمصادر الأحكام الشرعية، متسائلًا كيف يُنهى عن أمر لم يذكر العلماء كراهته أصلًا في كتبهم.
وأوضح العز بن عبد السلام أن صيام رجب يدخل في عموم النصوص الصحيحة التي رغّبت في الصيام، مستشهدًا بالأحاديث الواردة في فضل هذه العبادة، ومنها ما يبيّن مكانة الصيام عند الله تعالى، وفضله العظيم.
كما أشار إلى أن صيام نبي الله داود عليه السلام كان دون تقييد بزمن معين، ولم يُستثنَ منه شهر رجب أو غيره.
وأكد كذلك أن تعظيم شهر رجب على وجه مشروع لا يُعد تشبهًا بأهل الجاهلية، إذ ليس كل ما كانوا يفعلونه محرمًا، وإنما الممنوع هو ما نهت عنه الشريعة أو خالف أصولها.
وشدد على أن الحق لا يُترك لمجرد أن أهل الباطل فعلوا أمرًا مشابهًا، وأن التقليد في الدين لا يكون إلا لمن عُرف بالعلم والدراية بأحكام الشرع وأدلتها.
وبناءً على ما سبق، يتبين بوضوح أن صيام شهر رجب كاملًا أمر جائز شرعًا، ولا إثم فيه، ومن يفعله طلبًا للأجر والثواب فهو على خير، ولا يصح الالتفات إلى الأقوال التي تمنع ذلك دون دليل معتبر.


