الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

انشرها وإلا


يرد إلينا العديد من الرسائل على الإيميل والحساب الخاص على مواقع التواصل الاجتماعى وعلى المحمول مما تحمل الدعوة إلى الذكر والتسبيح والصلاة على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والحث على مختلف أنواع العبادات وأعمال الخير والبر كالصلاة والصيام والصدقة والتعاون والدعاء للمسلمين بظهر الغيب وكلها دعوات طيبة نسعد بها ونشكر الدال عليها.
ولكن ما إن تنتهى من قراءة الرسالة حتى تجد صاحبها يطلب منك أن تنشر رسالته على جميع أصدقائك وكل من عندك وقد يبدو الأمر طيبا فهو أيضا من باب الحث على عمل الخير، إلا أن صاحب الرسالة سرعان ما تتحول لهجته التى تحمل الرجاء بالنشر إلى لهجة تحمل معنى التشكيك فيك والتهديد والوعد والوعيد بل والاتهام لك إن لم تنشرها.
فتجد من يقول لك
إن لم تنشرها فاعلم أن ذنوبك هى التى منعتك من نشرها
إن لم تنشرها فأنت لا تستحق ثوابها
إن لم تنشرها فلتعلم أن شيطانك أقوى منك
تغلب على نفسك الأمارة بالسوء وانشرها
إن لم تنشرها فابحث فى نفسك ما منعك من نشرها إلا.......
ومثل هذه الجمل مما تنفر الناس من عمل الخير وتبتعد عن منهج الإسلام فى الدعوة إلى الخير ولكل من يتبع هذا الأسلوب وهذه الطريقة فى الدعوة بعض النصائح:
أولا: يجب أن يعلم الداعى إلى الخير أن الدعوة لابد أن تكون بالامتثال لأمر الله ورسوله، فالله سبحانه وتعالى يقول فى طريقة الدعوة "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ..." النحل125، فهل تجد فى أى جملة مما سبق حكمة أو موعظة حسنة؟ بالطبع لا، إذن فهى بعيدة عن منهج القرآن الدعوى.
كما أن مثل هذا لم يرد عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فحينما حث صلوات الله وسلامه عليه المسلمين على تبليغ دعوته وما يقوله للناس كان يقول لهم "بلّغوا عنّى ولو آية"، فدعا للتبليغ عنه دون تهديد أو وعيد لمن لم يُبلّغ وفى الحث على تبليغ الدعوة كان يتبع أسلوب الترغيب وليس الترهيب، فمما ورد فى خطبة الوداع قوله (صلى الله عليه وسلم): "نضر الله امرأ سمع منا شيئا فبلغه كما سمع، فرب مبلغ أوعى من سامع"، وقال: "الدال على الخير كفاعله".
ثانيا: لابد للداعى أن يأخذ بعين الاعتبار ظروف المدعوين الاجتماعية والثقافية وطبيعة ظروفهم وأن يكون واقعيا فى التعامل معهم فقد يمتثلون لدعوته ويطبقونها على أنفسهم لكن لا يكون لديهم الوقت لنشرها ودعوة الغير لها وأسلوب الترهيب لا يجدى بل قد يأتى بنتائج عكسية معهم.
ثالثا: على الداعى أن يتحلى بالأخلاق الإسلامية العالية من القول المهذب واحترام الآخرين، وعدم الطعن في الأشخاص أو لمزهم والاستهزاء بهم، ولا يبادر إلى مهاجمة أحد وليكن متلطفا لينا رقيقا في رسائله وخطبه ومواعظه وليتذكر دائما قول الله تعالى لرسوله: "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ" آل عمران 159.
وقد أمر الله عزّ وجلّ موسى وهارون لما بعثهما إلى فرعون أن يقولا له قولا لينا وهو أطغى الطغاة فقال تعالى: "فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى" طه 44، فعلينا بالقول اللين والموعظة الحسنة والترغيب فى عمل الصالحات للمؤمنين والمؤمنات.

[email protected]