- عضو المجلس الثوري لحركة فتح: القمة العربية الـ28 أعادت فلسطين لاهتمامات العرب
- أستاذ علوم سياسية بجامعة الإمارات: القمة العربية حققت أقل حد للتوافق العربي
- سياسي سوري: قطر والإخوان جعلوا الأزمة السورية عصية على الحل
- رئيس تحرير جريدة الزمان التركية: أردوغان لا يحترم القوانين الدولية ولا المحلية
لعلها المرة الأولى التي يشعر فيها العالم العربي باجتماعات جامعة الدول العربية، حيث عكست القمة العربية الـ28 في البحر الميت بالأردن اهتمام القادة والزعماء العرب بالقضايا العربية، مع بعض الملاحظات التي التفت إليها الخبراء والمحللون.
السطور التالية تحمل تحليلا كاملا لما جاء في توصيات القمة العربية الـ28 التي انتهت فعالياتها أمس بـ"البحر الميت" الأردنية، وفق آراء وتحليلات الخبراء العرب والمطلعين على ملفات الأزمات العربية بصفة خاصة.
في هذا السياق، قال السفير حازم أبو شنب، عضو المجلس الثوري لحركة فتح: إن البيان الختامي للقمة العربية الـ28 التي اختتمت أعمالها بالأردن أمس أعاد القضية الفلسطينية إلى الصدارة باعتبارها القضية المركزية على أجندة القيادة السياسية، لافتا إلى أنها استحوذت على اهتمام القادة العرب باعتبار حلها سيؤثر على الاستقرار الأمني في المنطقة.
القمة أعادت فلسطين مرة أخرى
وأضاف "أبو شنب" أن البيان الختامي أعاد إلى سلم الأولويات المبادرة العربية التي انطلقت في 2002 باعتبارها أساس أي حل سياسي مع الاحتلال الإسرائيلي، وأكد على أهمية القدس بالنسبة للعرب باعتبارها مدينة مقدسة لها قدسيتها السياسية والاجتماعية والدينية والاقتصادية.
وأوضح أن البيان أشار إلى رفض عربي ثابت لنقل السفارة الأمريكية أو أي سفارة إلى القدس، بالتأكيد على أن القدس أرض فلسطينية، مضيفا: "نتمنى أن يؤثر ذلك في القرار الأمريكي، رغم اعتقادي بأن الرئيس الأمريكي ألجم نفسه بعدد من الالتزامات أثناء الحملة الانتخابية ولم يستطع منها فكاكا حتى الآن، ولذلك ستظل قضية نقل السفارة الأمريكية إلى القدس تشكل صداعًا حقيقيًا في العلاقة العربية الأمريكية؛ وأرى أن هذه الإدارة غير المتزنة يمكن أن تقدم على خطوة نقل السفارة في أي لحظة".
عضوية إسرائيل بمجلس الأمن
وفيما يتعلق بتأكيد البيان الختامي على ضرورة تصدي العرب لاحتمالية حصول إسرائيل على عضوية غير دائمة بمجلس الأمن 2019-2020، أكد عضو المجلس الثوري لحركة فتح أن منع العرب لعضوية إسرائيل تلك يعتمد على حجم الاتصالات والتفاهمات التي تقيمها المجموعة العربية مع التكتلات السياسية والجغرافية في مؤسسات الأمم المتحدة.
وأشار إلى أن إسرائيل تستطيع عن طريق هذه العضوية أن تعطل قرارات كثيرة بما يضر بمصالح العرب جميعهم وليس القضية الفلسطينية فقط.
قرارات تفتقد آليات التنفيذ
فيما، قال السفير رخا أحمد حسن، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية إن البيان الختامي للقمة العربية الـ28 التي اختتمت أعمالها أمس بالأردن خرج بقرارات مهمة وتوصيات ممتازة إلا أنه افتقد لطرح آليات لتنفيذ هذه القرارات ما يعني أنها ستكون حبيسة الأدراج إذا لم يتم التحرك لتفعيلها والاتفاق على آلية واضحة واستراتيجية لتنفيذها.
وأضاف "حسن" أن البيان الختامي للقمة العربية وجه أكثر من رسالة على رأسها تلك الرسالة الخاصة بالقضية الفلسطينية، وهذا مهم أن تؤكد الدول العربية على موقفها بالتمسك بقيام دولة فلسطينية على حدود 1967 وأن تكون عاصمتها القدس، وأن كافة الدول عليها أن تلتزم بقرار مجلس الأمن باعتبار القدس أرضا محتلة وبالتالي لا يمكن نقل سفاراتها إليها، كما أن القمة أيضا دعت لاستئناف مبادرات السلام وفق للمرجعيات الدولية خاصة التي تم طرحها في بيروت 2002.
انتقادات للتوصيات
وانتقد البيان قائلا:" البيان لم يوضح الآلية التي سيتم بها متابعة وتنفيذ التوصيات الخاصة بالقضية الفلسطينية، فهل سيكتفى بأعمال اللجنة الرباعية أو سيتم تصعيد التفاعل لمستوى أعلى بين الدول؟ وأيضا كان يجب الإجابة على العديد من التساؤلات منها؛ هل سيكون استئناف المفاوضات بدون جدول زمني؟ فالمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية مستمرة منذ 23 عاما فقد بدأت عام 1994 حتى الآن. وأيضا هل سيكون هناك جدول أعمال يتم بناء عليه استئناف المفاوضات؟ كيف يمكن أن يتم منع إسرائيل من الاستمرار في الاستيطان؟ خالصا إلى أن القمة لم تضع ضمانات لوضع خريطة عمل واضحة لتنفيذ التوصيات والقرارات النهائية".
وتابع: "ومن الرسائل التي عملها البيان الختامي لقمة البحر الميت تلك التوصية الخاصة بالتدخل في شئون الدول العربية مسميا إيران تحديدا، وهذا يعكس موقفا متضاربا للدول العربية من التدخل الإيراني كما في سوريا والعراق فتواجد طهران فيهما بناء على طلب الحكومات وترحيبها، وهذا يؤكده تحفظ رئيس الوزراء العراقي على هذه التوصية، والنص على هذه التوصية يطرح العديد من التساؤلات منها؛ لماذا تم السكوت عن التدخل التركي في بعض الدول العربية المجاورة لها؟ وأيضا يطرح سؤال بديهيا.. هل الدول العربية لا تتدخل في شئون بعضها البعض حتى نجبر غيرنا بعدم التدخل في شئوننا؟ وبالنظر للواقع الذي نحياه نفاجأ بأن دولا عربية لا تلتزم بهذا المبدأ بل تتدخل في شئون غيرها لدرجة تصل إلى إسقاط أنظمة حاكمة".
وأضاف: "البيان لفت إلى التأكيد على ضرورة مكافحة الإرهاب، فالدول العربية متفقة في الإطار العام فقط، لكنهم مختلفون في تحديد من يتصف بالإرهاب لمحاربته، فإلى الآن مازال هناك دول عربية تعتبر بعض المنظامات التي تم اعتبارها إرهابية من قبل الأمم المتحدة – مازالت تعتبرها ليست إرهابية وهذا واضح جدا في سوريا وليبيا؛ لذا لابد أولا أن يتفق العرب على تعريف الإرهاب وصاحبه (الإرهابي) الذي يجب محاربته".
تساؤلات حول الحل السلمي
وأشار الدبلوماسي السابق إلى أن القمة أكدت على الحل السلمي في كل من سوريا واليمن وليبيا، وهذا يطرح العديد من الأسئلة أيضا؛ إذا كان الجميع متفقا على الحل السياسي والسلمي في تلك الدول من الذي يدعم الأطراف المتحاربة؟ ما دوافع إصرار المعارضة على رحيل الأسد قبل بدء المرحلة الانتقالية؟ ومن سيقود المرحلة الانتقالية وأيضا كيف سيكون لجامعة الدول العربية دور في حل الأزمة السورية والعرب أنفسهم طردوا سوريا من عضوية الجامعة؟ إلى جانب أن العرب بعيدون كل البعد عن المفاوضات السورية.
أجمل ما في القمة
وأجمل عضو المجلس المصري للشئون الخارجية قوله حول سوريا في أن البيان به جوانب إيجابية كثيرة لكنه لم يضع آليات تنفيذها، وأيضا تطرقه للجوانب الاقتصادية فلم يحدد ما أدوات تفعيل الاتفاقيات الاقتصادية، فلابد أن يتفق العرب على حرية الانتقال بين دول العالم العربية، وبالنسبة للاستثمارات العربية لابد أن يسعى العرب لزيادتها فهي لا تتجاوز 25% من استثمارات العرب في الخارج، وهذا يؤكد أن الخلافات السياسية مازالت تؤثر على العلاقات الاقتصادية بين دول العالم العربي.
ولفت إلى أن أفضل شيء حدث في القمة العربية هو اللقاءات الثنائية بين القادة العرب، فهذه القمة استطاعت أن تجمع 15 رئيس دولة على عكس ما تم في الدورة السابقة للقمة العربية في موريتانيا العام الماضي.
الحد الأدنى من التوافق
كما، قال الدكتور عبدالخالق عبدالله، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإمارات العربية المتحدة، إن البيان الختامي للقمة العربية التي انتهت فعاليتها أمس بـ"البحر الميت" بالأردن أظهر أن الدول العربية حققت الحد الأدنى الممكن من التوافق والإجماع العربي، وكان من المهم الوصول إلى هذا الحد وأن القمة أظهرت لأول مرة الاتفاق العربي ضد التدخل الإيراني في المنطقة.
وأضاف "عبدالله" أن القمة العربية هذه المرة لم تكن قمة خلافات ولم تكن قمة استعراض، ولهذا كانت ناجحة في تحقيق الحد الأدنى من التوافق على التوصيات النهائية، كما أن الحضور النوعي للرؤساء والزعماء العرب أضاف أهمية كبيرة على قمة البحر الميت.
بيان استرشادي لا أكثر
وأوضح أن البيان الختامي للقمة العربية هو بيان استرشادي للدول العربية، يحاول أن يرشد 22 دولة عربية نحو القضايا التي جرى نقاشها وأجمع العرب عليها، وعادة ما تلتزم الدول العربية بالحد الأدنى من التوافق على تحقيق وتفعيل هذه التوصيات، وهذا ما ستكشفه الأيام المقبلة، لافتا إلى أن القمة العربية المقبلة في الرياض ليس من مهامها مناقشة ما تم تنفيذه من توصيات القمة السابقة عليها، لكنها ستناقش مستجدات القمة والقضايا التي ستظهر خلال 2017-2018 فكل قمة لها قضاياها وأولوياتها، وبالتالي فليس مطلوبا منها أن تناقش تنفيذ القرارات السابقة لانعقادها.
التصدي العربي لإيران
وبخصوص الإجماع العربي على التصدي للتدخل الإيراني في المنطقة العربية، أكد السياسي الإماراتي أن هناك إحساسا عربيا بأن إيران تمددت كثيرا في المحيط العربي، وأنها تعبث باستقرار أمن الدول العربية، وهذا الطرح كان دائما خاصا بالدول الخليجية ولا يرقى لاهتمامات الدول البعيدة عن إيران جغرافيا وسياسيا، ولكن لأول مرة أجمعت الـ 22 دولة على ضرورة التصدي لانتهاكات إيران، وأرسلوا رسالة واضحة لطهران بأنه التدخل العبث الإيراني بلغ مداه، وهذا الإجماع بالطبع سيجبر إيران على إعادة حساباتها، وهذا ما ننتظر أن نلمسه خلال الفترة المقبلة.
وأوضح أن إيران لا تراعي الدول العربية وإنما تخشى العصا الغليظة من المجتمع الدولي، خصوصا تلك التي تلوح بها أمريكا، خاصة بعد تولي إدارة تبدو حاسمة حازمة في التعامل مع إيران، على عكس إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما الذي كان يستخدم مع طهران نظرية الجزرة واللين والاحتواء، لذا فإيران عليها الآن أن تعمل بدون الجزرة الأوبامية، وأن تعرف أن هناك عصا أمريكية ليست للتلويح فقط ولكنها معدة للاستخدام في أقرب فرصة، وموقف الدول العربية جاء مساندة للسياسة الأمريكية مع إيران.
الجامعة العربية لا تلبي طموحاتنا
وفي السياق ذاته، قال أنور المشرف، المحلل السياسي السوري، إن جامعة الدول العربية لم تعد تلبي تطلعات الشعوب العربية بشكل عام، والشعب السوري بوجه خاص، فالسوريون لم يعودوا يعولون كثيرا على اجتماعات الدول العربية؛ لأنهم يرون أن الجامعة العربية ساهمت بشكل رئيسي في تدويل القضية السورية وعدم قصرها على التعاون العربي عن طريق تصعيد الأمر لمجلس الأمن، وبالتالي جعلوها عصية على الحل.
وأضاف "المشرف" أن تجاهل البيان الختامي للقمة العربية في البحر الميت الحديث عن الأزمة السورية كان معروفا مسبقا بما أنها انصاعت لرغبات قطر ونظام الإخوان في مصر عندما كانوا في الحكم ونجحوا في تدويل القضية السورية وجعل المتحكم الأول فيها مجلس الأمن الذي بدوره لا يساند المصالح العربية، بل يسعى لتفتيت العالم العربي للبقاء على السيادة الإسرائيلية، فبدلا من أن تحل الأزمة السورية عربيا تم نقلها إلى أروقة مجلس الأمن الذي لا تهمه مصلحة الدول العربية، وهذا كان سببا في تفتيت الجيش العربي، وتبرير التدخل الأجنبي في سوريا.
وأوضح أن "تجاهل سوريا جاء بسبب عدم اتفاق الدول العربية حول الحل الممكن للأزمة، فهناك مصر المتمسكة بالحل السياسي والبعض الآخر متمسك بالحل العسكري، وتعتبر المقاومة المسلحة مقاومة شرعية، وبالتالي فنحن لا نعول على الجامعة العربية لأننا ندرك أن العرب أصبحوا لا يملكون قرارهم".
حريصون على المساعدات فقط
وتابع: "الدول المحتضنة للاجئين السوريين وجدناها حريصة على الحصول على المساعدات المالية مع ظهور عدم حرصهم على عودة السوريين لأرضهم، على عكس مصر البلد الوحيد الذي لم يفتح مخيما واحدا للسوريين بل احتضنهم واعتبرهم أبناءه، فبعض الدول العربية لاتزال منخرطة في المشروع الصهيوني الذي يهدف إلى تفتيت الدول العربية وتسريح جيوشها"، لافتا إلى أن الحل السياسي هو الحل الوحيد الممكن في سوريا، فبعد 7 سنوات من الحرب في سوريا أثبتت أن الرؤية المصرية بخصوص الحل السياسي هي الأصح، ونلحظ الآن أن السعودية بدأت تميل للنظرة المصرية.
وبخصوص حديث البيان الختامي عن مفاوضات جنيف وأستانة، أوضح المحلل السياسي السوري أن مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا كان حاضرا للقمة على مستوى وزراء العرب لأنه حريص على سماع وجهة النظر العربية لحل الأزمة، ولأنه يدرك أن الدول العربية مؤثرة بشكل كبير في إنهاء الحرب، لأن هناك دولا لا تزال تساند النظام وأخرى تساند المعارضة، على الرغم من أن النظام والمعارضة مفروضان على الشعب السوري، وإذا تمت إتاحة الفرصة لانتخابات حرة نزيهة فمن المؤكد أننا لن نرى أحدا من النظام أو المعارضة على الساحة السورية.
الحل مرهون برغبة روسيا وأمريكا فقط
وقال إن حل الأزمة السورية عن طريق مفاوضات جنيف أو أستانة مرهون برغبة أمريكا وروسيا، لأن المفاوضين لا يملكون اتخاذ القرار، وما يهم السوريين في هذه المرحلة هو تثبيت وقف إطلاق النار، وفي رأيي أنه لن ينجح، وبذلك نخلص إلى أن مفاوضات جنيف وأستانة لن تخرج بحل للأزمة السورية.
بينما، قال إسحاق إنجي، رئيس تحرير جريدة الزمان التركية، إن البيان الختامي للقمة العربية بالأردن أمس طلب خروج القوات التركية من العراق وعدم تدخل الدولة التركية في شئون الدول العربية، إلا أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لا يحترم القوانين الدولية ولا المحلية، كما أن توصية الجامعة العربية غير ملزمة له، لذا فمن المتوقع ألا تجد صدى لدى الجانب التركي، ولكن في المجمل فهو قرار صحيح لكنه ناقص.
التواجد التركي في العراق قديم
وأضاف "إنجي" "الوجود التركي في العراق ليس جديدا، فالقوات التركية متواجدة في شمال العراق منذ أكثر من 20 عاما، ولا أحد ينكر أحقية الدولة التركية في تأمين استقرارها بالتواجد الخارجي، وأيضا من حق الدول العربية أن تطلب انسحاب الأتراك من أراضيها، لكن الإشكالية التي تواجه الأمر هي "الازدواجية"، فكان من المنتظر أن تطلب الدول العربية خروج التواجد الأجنبي كله وليس طرفا واحدا فقط، فلماذا خصت القمة تركيا ولم تتحدث عن التواجد الأمريكي في العراق؟ إذا كانت القوات الأمريكية تحفظ أمن العراق فلماذا الفوضى الموجودة هناك؟".
سبب قلق العالم من أردوغان
وأضاف: "تمسك أردوغان بفكرة الخلافة وإحياء الهيمنة العثمانية يقلق الجميع في الشرق والغرب، وهو ما يقف خلف تلك العداوات، كما أن انسحاب تركيا من سوريا يعكس فشل السياسات التركية الخارجية، وإلى الآن ليس مفهوما لماذا دخل أردوغان سوريا؟ هل تواجد هناك للقضاء على داعش؟ إذن كيف يدعمها؟ وإذا كان تدخله لإسقاط نظام بشار الأسد لماذا عاد وتحالف مع روسيا؟ كل هذا يظهر مدى تخبط الموقف التركي وتناقض السياسات التركية الخارجية".