اخلع نعليك

اخلع نعليك فقد آن أوان تلقي الرحمات، اخلع نعليك فأنت في رمضان اخلع نعليك فأنت على أعتاب الزمان المقدس، اخلع نعليك فملائكة الرحمة تحفك، اخلع نعليك واستشعر هتان السماء بسجدة للحق، اخلع نعليك وصافح الحياة بصمت الزاهدين العاشقين اخلع نعلك والتحق بقوافل الحامدين
صدقني لن تحتاج للسير طويلا أو لشبكات التواصل وتكنولوجيا الاتصال بل ستصل بمجرد خفقة قلب تبعث في روعك السكن حتى سدرة المنتهى
اخلع نعليك فأنت في وطنك استنشق نسيم وطنك، انعم بالسكن والستر في ظلاله، انعم بلقمة خبز وشربة ماء تحمل تاريخ وطن، انعم بوطنك فلك مكان في ظاهر الأرض وفي جوفها يحمل رائحة الوطن التي ألفتها أجسادنا حيث رقد أبوك وجدك وسلالتك المصرية.
اخرج من عبث اللحظة إلى عبادة اللحظة وهي الذكر، اخرج من قاع ذاتك إلى عنان السماء حتى لو كنت حبيس الأرض هموما وخطايا، فنحن في الزمان المقدس.
اجعل جنتك تسكن قلبك واطعم الروح من معين الحنين واللطائف الآهية هادن الحياة انظر لها من بعيد فأنت في المعية بإذن الله، عش وكأنك سائر على سلم كهربائي فلا تكترث بالأغيار فهي سنة الله في الكون فقط علق قلبك بالودود وأنت على سلم الحياة.
حافظ على مدخرك الروحي لتعش على ضفافه ولا تفسد صفاء القلب بمشهد تلفزيوني اختزل فيه المؤلف تجربة إنسانية مشوشة قد يشوبها الألم والحزن والعشق والخوف وكأنه كرنفال مشاعري موحش يفقدك مذاق الصلة والقرب ويخرجك طواعية من قدسية اللحظة إلى وجدانيات مهترئة.
حافظ على نورانياتك من خلال الاختيار الواعي لوجباتك الثقافية فكما تعتني بمذاقات الشراب والطعام فشاهد من أجلك واجعل مشاهدتك مستهدفة وليست عشوائية فلا مجال للعشوائية والركون أمام الشاشات الصغيرة والكبيرة والقزمية وصفحة اليد والتي نعاشرها.
تحكم أنت في وسائل الإعلام و لا تجعلها تدير يومك وشهرك وساعتك؛ اجعل مشاهداتك تحمل وعيا لتتوافق استخداماتك مع الإشباع الروحي المرغوب.
استمع لقيثارة السماء حيث صوت الشيخ محمد رفعت عش في تفاصيل رمضان مع نبض الإذاعة تمتع. بفجر رمضان مع إذاعة القرآن الكريم ذات الدور التنويري الحضاري المعتدل.
وروح عن روحك فلقد شقيت أرواحنا وقلوبنا طوال العام وأثقلنا الهم العام والخاص، بل وانتزعت يد الدواعش من نبضها السكن.
جرب أن تقرأ مصحفك بعين قلبك لا بلسانك فستستشعر لذة التلقي من الحق وكأن الحق يخاطب قلبك وروحك ليعيد بناؤها من جديد في الزمن المقدس.
تخلى عن محبوبك الفاني واستبقي نفسك مع الباقي، اغمس الروح والفؤاد في معين العشق الآلهي، تخلى عن الأشياء الذاهبة قبل أن تتخلى عنك فتقهرك فالذهب ذهاب والفضة انفذضاض والمال ميال.
اخرج من إلف العادة وغير من نمط مشاهداتك الروتينية. وشاهد الإعلام الإنساني إعلام الخير، عش وأنت في معزل هموم أناس تجرعوا ويلات الشتات والحرمان وافترستهم حروب الجيل الرابع والخامس حتى ضاقت عليهم الأرض أو لفظتهم أبعاضهم بمرض موحش اغتال الحياة بداخلهم فضاقت عليهم أنفسهم، تصدق عليهم حتى تسعد حاضرك وتعمر قصورك في زمن آخر.
كن واعيا حتى في مشاهداتك الدينية قوي جهازك المناعي بخطاب ديني منضبط يفقه قانون الأولويات ويحدد مسار المالآت ويعلى من النفع العام.
إياك وأن تعكر صفو قلبك بمشاهدات عابثة تضخم وتقزم وتتلاعب بمفردات الحياة. احذر تلك المشاهدات التي تتوحش فيها الآلة الإعلانية فتتعكر ملامح الكادر في ظل عنف مبرح أو مشهد قد يحمل في طياته الإباحية علنا أو ضمنا نصا أو شكلا، فيتشوه وعي التلقي في زمن النفحات ولتجترئ الصورة على قدسية الشهر وتعلن تمردها فتفقد أنت وحدك فقط لذة القرب والمناجاة بثمن بخس.
ارفع يدك عن مواقع التواصل حتى لا تغيب عقلك وقلبك بمفردات ومزاجات البشر الغاضبة والثائرة والساذجة والواهمة فتتفتت اللحظة ويبدأ زادك الروحي والقلبي بالتسرب طواعية.
وأخيرا؛ أحكم السفينة فإنّ البحر عميق، واستكثر الزاد فإنّ السفر طويل، وخفف ظهرك فإنّ العقبة كؤود، وأخلص العمل فإنّ الناقد بصير.
وكل عام وأنتم بخير.