الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

العدالة..مشروع سياسي جديد


تحتاج مصر اليوم إلى مشروع سياسي، مشروع يقود الدولة والمجتمع، مشروع نابع من التحديات الكبرى التى تواجه مصر، وعلى رأسها التحدى الاقتصادى الذى يتلخص لدى المواطن العادى فى ارتفاع الأسعار، وتحدى اجتماعي يتلخص فى غياب مبدأ تكافؤ الفرص، وتحدى أمنى يتلخص فى الإرهاب وتأثيره الفادح على الاقتصاد والمجتمع، وكذلك أزمة الحياة السياسية التى شكلت فراغًا هائلًا فى علاقة المجتمع بالدولة وفى العلاقات البينية داخل المجتمع لا شك أن ضعف الحياة السياسية يعنى ضعف مناعة المجتمع تجاه أى تحديات داخلية أو خارجية.

عوامل نجاح أى مشروع حضاري أو سياسي أو اقتصادي تكون فى استعادة الثقة فى المناخ العام، وهذه الثقة تحتاج إلى أساس اجتماعي، ينعكس على الاقتصاد وينتج حالة سياسية فى اتجاه البناء التنموى بصورته الشاملة .. والبناء الشامل هو تصور يبنى المجتمع بالتوازى مع مشاريع التنمية الاقتصادية .. ويقفز بالوطن بعيدًا عن صراعات مصنوعة أو عراقيل تُصنع لنا بالليل لنواجه آثارها فى النهار.

الأساس فى نجاح أى رسالة سياسية واجتماعية هى تكافؤ الفرص التى تنتج عدالة اجتماعية حقيقية، ليست على شاكلة العدالة بصرف علاوة أو منح اجتماعية، وإنما تتخطاها إلى مجتمع يعرف قيمة الاجتهاد والثقة فى أن مجهوده لن يضيع، إذا أردنا صبر الناس على التحديات، فإن العدالة وتكافؤ الفرص هى السبيل لصناعة مجتمع قوى وقادر ليس فقط على مواجهة التحديات وإنما على بناء نفسه بالتحديات، فتصبح التحديات جزء من دوافع البناء والتنمية والحضارة.

العدالة وتكافؤ الفرص تبنى الثقة فى الحاضر والمستقبل، وتبدأ بإصلاح بنية القضاء المصري مع الحفاظ على استقلاليته، بحيث يصبح قضاءنا ناجزًا، يذهب له المواطن ليحصل على حقوقه بشكل سريع، وكذلك استحداث جهاز لشرطة تنفيذ الأحكام، يكون هدفه الحرص على تطبيق قرارات العادلة وأحكامه القضائية، وربطه بشبكة إلكترونية بكل الجهات التنفيذية التى يتعلق بها الحكم القضائي.

العدالة وتكافؤ الفرص، تكمن فى فتح المجال الاقتصادى لكل الراغبين من الشباب فى تحقيق حلمه بمشروع صغير، تقوم الدولة فيه بتوفير بنية الأفكار والتسهيلات التى تقدمها للمشروع الصغير بنفس القدر الذى توفر به الفرص للمستثمر الأجنبي أو المستثمر الكبير.

العدالة وتكافؤ الفرص ليست بإلغاء مجانية التعليم، وإنما بتوفير تعليم حقيقي مفيد ومناسب للسوق، يستطيع به الشاب أن يدخل سوق العمل والإنتاج.

العدالة وتكافؤ الفرص ليست بتوفير فرصة عمل حكومية لكل شاب، وإنما بضمان أن تكون هناك عدالة في اختيار فرص التوظيف الحكومى القليلة.

العدالة وتكافؤ الفرص فى فتح المجال السياسي، عندما تتاح الفرص للمجتهدين وأصحاب الحلول فى اعتلاء المناصب السياسية، وعندما نجد أن المتخصصين هم من يقود الملفات الاجتماعية والاقتصادية ذات الطابع الفني فى الأحزاب السياسية.

العدالة وتكافؤ الفرص تجعل المجتمع أكثر قدرة على الحفاظ على هويته وطابعه الحضاري .. فى مواجهة موجات الأفكار الدولية التى تؤدى التى تقسيم المجتمع وتفكيكه بالمتاجرة بالحقوق الاجتماعية .. على شاكلة إنشاء صراع بين المرأة والرجل والشاب والجيل السابق والطوائف وبعضها والبعض.

العدالة وتكافؤ الفرص هما السبيل لتحقيق المواطنة ليس على أساس طائفى وإنما على معيار الكفاءة والقدرة على الإنجاز. 

العدالة وتكافؤ الفرص هو أسهل الطرق للنهوض الوطني فى مجال الاقتصاد والمجتمع والسياسة، مشروع تخرج منه سياسات رقابة وتشريع وتدريب للكفاءات، وقبل ذلك العمل على صناعة مفاهيم جديدة تنطلق بالمجتمع إلى معرفة قدراته والبناء على أسس واضحة.

العدالة وتكافؤ الفرص هما السبيل لأن يستعيد المصريون الثقة فى تاريخهم وفى حاضرهم وفى مستقبلهم .. وهما الطريق الواضح الذى يجعل هذا البلد، قادر على الإسهام فى حضارة العالم، إذا تحققت العدالة وفقًا لمعيار تكافؤ الفرص نستطيع أن نقول إن هناك 90 مليون مواطن أصحاب تجربة مختلفة يضيفون للحضارة الإنسانية.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط