الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

نار الحرب


دعيت إلى ندوة حول أهل الفتن ومشعلو الحروب وكان يحضر الندوة قامات سياسية وشخصيات يشار إليها بالبنان؛ وأيضا كان فيها غربيون وجاءت جلستى بجوار أحدهم وكان يدعى داود . وعلى مدى ساعتين تبارى أصحاب قمة الحضور بالآراء والمناقشات والجدال والجدل ؛ وكلهم يجمعون على أن الحروب دوما تجىء من أجل تحقيق مزايا وكسب مصالح من كافة الأنواع وخاصة الثروات الطبيعية، وينزل من مائدة النقاش ضيف ويأتى آخر والكل يؤكد على نفس المعنى واختلاف وسائل سلب ثروات الشعوب؛ فقديما كانت بالحروب المباشرة والغزو والتحام جنود الغازى والمدافع عن أرضه حتى تضع الحرب أوزارها ويسلم كلا الفريقين بنتيجة القتال، أما الآن فالحرب لم تعد تدار كما كانت تدار قديما؛ فقد تعددت أشكال الحروب فى زماننا هذا وأصبح أخطرها حرب الجيل الرابع وماسيليه من أجيال أخرى فتاكة للقيم والأخلاق.
 
وقال أحد المحاضرين إن الحرب الجارية حاليا والتى تدار من خلال العالم الافتراضى أو السوشيال ميديا هى حرب لنهاية العرب والمسلمين عامة، وأن من خططوا لهذه الحرب استغلوا أسوأ مافينا وهو الجهل والفقر،  ولعبوا على الحرية التى صوروها لنا فى أفلامهم ومسلسلاتهم على أنها المخرج لنا من حياتنا المكبوتة وعاداتنا البالية.
 
تحدث آخر عن بداية هذه الحروب وتواصل أهدافها واختراق المجتمعات العربية وسلب الشباب وتفريغهم وجعلهم أدوات نافذة لتحقيق المخطط الأعظم وهو الاحتلال الجديد،  وهو الأخطر لأنه يجعل تبعية المواطن للدول التى يستقى منها أفكاره وينتمى إلى قيمها، ويسعى لأن يكون مثل أبنائها، ويتنصل ويتخلى عن كل ما يربطه بوطنه الأم، وقطع الحديث محاور آخر واستشهد بما سمى بثورات الربيع العربى وبآثارها على منطقة الشرق التى لاتزال وستظل إلى أجل غير معلوم، واستطرد الحوار عن الشائعات التى هى وسيلة ناجحة لتفتيت الأوطان وفقد ثقة الشعب بقادته والتشكيك فى مصداقية الدولة واللعب على حقيقة وتزيفها بشائعات ومهاترات تجد رد فعل عند المواطنين وخاصة فى وقت الأزمات وارتفاع الأسعار وندرة المعروض من أساسيات الحياة عند الشعوب النامية ..

لم يكن الحديث يسرى عن الحروب الجديدة فقط بل امتد ليتحدث عن الدول التى تشعل هذه النوعية من الحروب وتغذيها وتمدها بكل الأدوات اللازمة لاستمرارها وزيادة تأثيرها؛ واستشهدوا بآية من آيات الذكر الحكيم عن بنى إسرائيل وبأنهم يسعون دوما لإشعال الحروب وبأن الله  يطفئ مايسعون إليه منذ القديم وحتى قيام الساعة ؛ وهنالك شاط من يجلس بجوارى وطلب الكلمة ودافع عن بنى إسرائيل، وأكد فى حوار طويل وبلغة سلسة وبحكمة فائقة، أن العيب ليس فيمن يشعل الحرب ولكن العيب كله فيمن سمح بأن يكون اداة وهدف وسبب فى هذه الحرب، وأوضح أن الحرب هى واحدة من علامات الصراع الدنيوى وأنها لن تنتهى إلا بنهاية الدنيا وزوال من فيها وبأن الله سبحانه أوضح للمسلمين كيف يتجنبوا أن يستعمروا ويستغلوا ويهانوا ؛ فقد طالبهم بأن يكونوا أقوياء وبأن يعدوا عدتهم لمواجهة الخصم والقضاء عليه وإرهابه بالقوة التى ذكرها حينها من رباط الخيل الذى يعنى إتمام عناصر القوة والجهوزية فى أى زمان ومكان، ولكن المنطقة العربية لم تنفذ المطالب الإلهية لذا فقد كان من الطبيعى أن تتكالب عليها الأمم وتحاول أن تسلبها قوتها وثرواتها.
 
وأعتقد أن أهم هذه الثروات هى الثروات البشرية وخاصة عصبها وهو الشباب تلك الثروة التى تتميز بها منطقة الشرق الأوسط على حساب الغرب الذى أصبح كهلا وعزف عن الانجاب وتضاءلت قواه الشبابية وأصبحت الأعمار متقدمة والشباب قليلون .. أنا لا أدافع عن الغرب ولكنى أؤكد أنهم يعملون على مكانتهم وأنتم لاهون، هم يعملون ويخترعون ويواصلون تحدياتهم، وأنتم منبهرون بهم وتسعون لتقليد أسوأ مافيهم وتبتعدون عن انتهاج نهجهم العملى والعلمى . كل ماتريدونه مباهج وسلبيات هؤلاء القوم . الغرب الذى تتصورون أنهم أفضل مايكون لم يفعلوا ذلك إلا بانتهاج نهج القدماء منكم ونهلوا من علمهم وأبحاثهم نهلا، ويشهد على ذلك الاندلس وما أخذوه  من تراثها وموسوعاتها وعلمها وإعلامها ؛  وصنعوا منه ثورتهم الصناعية التى استمر تأثيرها وسيستمر حتى قيام الساعة.

واختتم قوله إن بنى إسرائيل الجدد لن يتوقفوا عن إشعال الحروب ولن يتوانوا لحظة عن إعداد كل الخطط لاستعباد شعوبكم وسلب ثرواتكم فماذا ستفعلون أنتم من أجل الحفاظ على أوطانكم وحماية شعوبكم؟ لا تتحدثوا عمن يشعل الحروب ومن يأكل خيركم قبل أن يكون لديكم قوة إطفاء نار الحروب وحماية بلادكم والقضاء على من يريد أن يشعل حروبا ويفتت دولا ويشتت شعوبا.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط