الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الجهل والصمت


ما يحدث فى الولايات المتحدة من شغب ومظاهرات واعتقالات وتخريب جعلنى أجري مسرعة إلى التاريخ واقرأ مافيه عن هذه الدولة التى صارت إمبراطورية العصر وأصبحت المتحكم فى سياسة العالم كله بلا أى استثناءات وبكافة الطرق الظاهر منها والباطن وما خفي كان أعظم وأدهى.

تاريخ العنصرية فى الولايات المتحدة يفرض نفسه منذ قيامها فقد بنيت أو أنشئت من جنسيات وعناصر مختلفة أعلاهم درجة كان الإنجليز فما دونهم وهكذا إلى أن نصل إلى الزنوج أو العبيد كما كانوا يسمونهم حينما جلبهم كريستوفر كولمبس ومن صار  على نهجه.

الجنس الأسود حينما أجبر على العيش فى هذه الدولة تعامل معه النظام حينها بدونية لدرجة أنه وصل بها الاستعباد إلى أسوأ مراحله من عمل بالسخرة وانتهاك بدنى وجنسى وأيضا منع الأسود من التعليم بل وحرم من دخول المطاعم وكان يكتب على أبواب المطاعم ودور الترفيه ممنوع دخول الكلاب والعبيد.

فى هذا المناخ البالى نشأ السود وبذلوا مجهودات كبيرة كى يحصلوا  على حريتهم المسلوبة منهم قهرا وظلما ومات منهم كثيرون من أجل حرية لم تكتمل أركانها حتى هذه اللحظة ولن تكتمل إلا بتغيير نظرة الرجل الأبيض إلى الأسود فى هذه الدولة المترامية الأطراف وتقترب من كونها قارة تشكل فيها خمسين ولاية أمريكية كيانا اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا لا يستهان به.

السود فى الولايات المتحدة لم يكونوا سعداء قبل مقتل أخيهم فلويد على يد رجل شرطة بمنتهى القسوة والوحشية وكل جريمته غرامتها دولارات معدودة، السود يعلمون يقينا أنهم منقوصو الحرية، مكتوفو الأيدي، وأن السلطات العليا لا تنظر لهم بنفس العين التى تنظر بها إلى الرجل الأبيض؛ وهم أيضا يعلمون أن  حتى مجىء الرئيس أوباما الرجل الأسود إلى سدة الحكم على مدى فترتين رئاسيتين لم يكن انتصارا لهم بل تنفيذا لأجندة الكونجرس وأهدافه التى يعمل عليها رجالاته بنواياهم التى لا يعلمها سوى الله وأولى الأمر منهم.


السود يعلمون أيضا أن إشعال الإعلام الأمريكى لحادثة فلويد ماهو إلا قول يراد به فعل فالانتخابات الأمريكية على الأبواب وقطبا الصراع ؛ الجمهوريين ، والديمقراطيين ، لا بد لكل منهم أن يفعل كل ما في وسعه من أجل التجييش والحشد للحصول على نسبة نجاحه فى الأصوات وخاصة أن جائحة كورونا ألقت بآثارها السلبية على مناحى الحياة فى الولايات المتحدة وخاصة المنحى الاقتصادى وهو ورقة التوت الوحيدة التى يحرص الرئيس الأمريكي عليها من أجل الحصول على فترة رئاسية جديدة يلمح فيها لشعبه بأنه الوحيد القادر على توفير عيشة كريمة له تجنبه تداعيات كورونا مستشهدا بالمليارات التى جلبها لخزينة بلاده والتى تعد الأعظم والأكبر ولم يحصل أى رئيس
غيره عليها منذ عمر أمريكا الذى لم يتجاوز المئتي عام .. هى إذن حرب يستغل فيها عنصران مهمان فى أي أحداث داخلية ألا وهما الجهل والصمت المجبر عليه المستفيد والمفيد. 

وأما عن الجهل فالمعروف أن نسبة الأمية فى الولايات المتحدة مرتفعة مقارنة بعدد سكانها كما أن فيها نوعا آخر من الجهل ألا وهو الجهل السياسى وهو نمط الحياة الذى ينتهجه معظم الأمريكيين وهو عزوفهم عن السياسة وحرصهم على اختيار من يكفل لهم حياتهم المعتادة بكل ما فيها من توفير مأكل ومسكن ومشرب ورعاية صحية ووظيفة .. ثورة فلويد سيمتصها من اشعلوها ويحققوا منها ما أرادوا وستعود الدنيا مرة اخرى تشتغل باستغلال كارت السود أو العبيد كما يحلو لبعض الأمريكيين أن يقولوها ويفعلوها  ويشعروا بها.
المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط