الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

إقالة رئيس وزراء فرنسا.. هل صنع ماكرون وحشًا يدمر مستقبله السياسي؟

ماكرون ورئيس وزرائه
ماكرون ورئيس وزرائه السابق إدوارد فيليب

عادة ما يوصف منصب رئيس الوزراء في فرنسا بأنه "فتيل" يمكن نزعه لاحتواء استياء شعبي واسع دون المساس بمكانة رئيس الجمهورية أو البرلمان.

وبحسب وكالة "بلومبرج" الأمريكية، فمنذ عام 1995 حتى الآن تعاقب على فرنسا 4 رؤساء جمهورية و9 رؤساء حكومات، تولى كل منهم منصبه لمدة عامين أو ثلاثة في المتوسط.

اقرأ أيضا:

وأضافت الوكالة أنه في هذا الإطار يمكن القول إن إقالة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لرئيس وزرائه إدوار فيليب وحكومته، والذي لمع نجمه وحظي بشعبية كبيرة بعد بروز دوره في جهود مكافحة فيروس كورونا، ليس سوى استمرار لتقليد سياسي قديم، فبعد هزيمة قاسية مُني بها حزب "الجمهورية إلى الأمام" بزعامة ماكرون في الانتخابات المحلية الأسبوع الماضي وأزمة اقتصادية مستمرة منذ عام 2017 فجرت احتجاجات شعبية واسعة وزادتها تعقيدًا أزمة فيروس كورونا، رأى ماكرون أن بعض التغيير صار مطلوبًا.

وربما يرى ماكرون جان كاستكس الذي وقع عليه اختياره ليخلف فيليب كخيار آمن لكن المستفيد الحقيقي من هذه الخطوة هو إدوار فيليب نفسه، فكثيرًا ما انتهى المطاف بالوزراء ذوي الشعبية إلى الفوز برئاسة الجمهورية بعد إبعادهم من الحكومة. 

ولعل أبرز مثال يمكن الاستشهاد به في هذا الصدد هو ماكرون نفسه، الذي دخل الإليزيه رئيسًا للجمهورية بعدما أُبعد من الحكومة كوزير للاقتصاد في عهد سلفه فرانسوا أولاند وبسبب خلاف مع الأخير.

وعلقت الوكالة بأن إبعاد فيليب لم يكن ضروريًا ولم يكن ينبغي أن يكون الخيار الأول لماكرون، فقد كان أمام الأخير خيارات أخرى بديلة، بدءًا من إجراء تعديل وزاري محدود وحتى حل البرلمان، لكن مع اقتراب الانتخابات الرئاسية المقررة في 2022، بدا لماكرون ان إقالة رئيس الوزراء هي الخيار الأقل سوءًا بين خيارات أخرى سيئة، فحل البرلمان والتضحية بأغلبية حزبه فيه كان ليكون خيارًا طائشًا بالنظر إلى حداثة عمر الحزب.

أما الآن وقد قرر ماكرون التضحية بفيليب، المحسوب على يمين الوسط وليس عضوًا في حزب الجمهورية إلى الأمام، فقد كان أمام ماكرون فرصة لتكليف رئيس وزراء من اليسار أو من الأحزاب المدافعة عن البيئة (مع دخول قضية البيئة كعامل حاسم في اتجاهات التصويت لدى الناخبين الفرنسيين مؤخرًا). 

لكن كاستكس لا ينتمي لأي من الاتجاهين ولا يُعد تغييرًا كبيرًا، فهو بدوره محسوب على يمين الوسط ولم يكن حتى سياسيًا شهيرًا حتى تم تكليفه في ابريل الماضي بالإشراف على خطة لرفع إجراءات الإغلاق المفروضة لمكافحة فيروس كورونا.

وتابعت الوكالة أن استطلاعات الرأي تكشف أن شعبية ماكرون تتراجع بشكل ملحوظ، لكن لا تزال لديه فرصة لا بأس بها للفوز في الانتخابات الرئاسية المقبلة وهزيمة منافسته الرئيسية زعيمة حزب التجمع الوطني مارين لوبان، وإن بهامش أضيق من مثيله الذي ضمن له النصر في انتخابات 2017.

ونبهت الوكالة إلى أن آثار أزمة فيروس كورونا لن تضر بفرص ماكرون السياسية فحسب، وإنما ستفاقم انقسامات تصدع حزبه أصلًا من قبلها، مع تنازع جناحيه اليميني واليساري على النفوذ والتأثير.

وكانت صحيفة "لوموند" الفرنسية قد حذرت من أن حزب الجمهورية إلى الأمام يمر بأزمة وجود بينما يقترب موعد الانتخابات الرئاسية، الأمر الذي لا يبشر بخروج ماكرون من هذه المرحلة المأزومة أقوى من ذي قبل، الأمر الذي، مرة أخرى، يصب في مصلحة فيليب بشكل مباشر إذا ما قرر تحدي ماكرون في المنافسة الرئاسية القريبة.