الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

العملية ليجند.. هل يجهز ترامب لانقلاب يبقيه في منصبه؟.. القرار يشعل الضوء الأحمر على طريق الديمقراطية الأمريكية.. محاولة لاختطاف الانتخابات تحت شعار حفظ الأمن

صدى البلد

  • العملية ليجند بدأت كخطة لمكافحة الجريمة في المدن الكبرى
  • ترامب يبحث عن إنجاز أمني بسبب إخفاقه في إنقاذ الاقتصاد من كورونا
  • ترامب أعلن عدم التزامه بالإقرار بصحة نتائج الانتخابات المقبلة
  • أستاذ قانون أمريكي: الفوضى انتصار لترامب أكبر من الفوز بالانتخابات


أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأربعاء الماضي توسيع نطاق العملية "ليجند" لمكافحة الجريمة في المدن الأمريكية الكبرى، فيما يرى مراقبون أن القرار جاء مدفوعًا بأغراض سياسية انتخابية.

وكانت وزارة العدل الأمريكية قد أعلنت في 8 يوليو إطلاق عملية ليجند لمساعدة الشرطة المحلية في مدينة كانساس بولاية ميزوري في مكافحة الجريمة والشغب، وسمت العملية تيمنًا بالطفل ليجند تاليفيرو، البالغ من العمر 4 أعوام والذي قُتل نتيجة أعمال إجرامية في كانساس في 29 يونيو الماضي.

يشمل قرار توسيع نطاق العملية ليجند نشر عملاء فيدراليين في المدن الأمريكية الكبرى لدعم قوات الشرطة المحلية في مكافحة الجريمة وأعمال الشغب، التي تتصاعد بلا توقف منذ مقتل المواطن الأمريكي من أصول أفريقية جورج فلويد على يد شرطي أبيض في مدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا في 25 مايو الماضي.


وعقدت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية مقاربة بين العملية ليجند ووحدات "الرجال الصغار الخضر" الروسية، وهي وحدات عالية التدريب من الجيش وقوات الأمن الروسية يتم نشرها بأزياء مدنية عادية في المدن التي يُخشى من تمرد بؤر معارضة فيها على الرئيس فلاديمير بوتين، خاصة في مدن جمهوريات الاتحاد الروسي خارج القطر الروسي نفسه.

وأضافت الصحيفة أن شعار "حفظ الأمن" أصبح المرتكز الرئيسي لحملة ترامب الانتخابية، بعدما أخفق في كبح الركود الاقتصادي الناجم عن أزمة فيروس كورونا مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في نوفمبر المقبل، وحاجته على إنجاز يقدمه للناخبين بعيدًا عن إخفاقه في الاقتصاد.

واستدلت الصحيفة على الارتباط بين العملية ليجند وحاجة ترامب إلى إنجاز انتخابي بأن أكبر 10 مدن أمريكية، والمقرر مد نطاق العملية ليجند إليها، يديرها عُمد مستقلون أو ديمقراطيون أو معارضون لترامب بشكل عام، باستثناء مدينة سان دييجو، المدينة الكبرى الوحيدة التي يديرها عمدة جمهوري، الأمر الذي قد يكون مؤشرًا على نية ترامب ممارسة رقابة أمنية على المدن التي لا يتمتع فيها حزبه الجمهوري بشعبية أو نفوذ كبير.

وأوضحت الصحيفة أن عنوان "حفظ الأمن" قد يبدو في الظاهر غاية بريئة ونبيلة، لكن الرسالة الخفية الكامنة في العملية ليجند هي أن حكام المدن المعارضين لترامب هم من ينشرون الفوضى والجريمة.

ولفتت الصحيفة إلى أن خطة ترامب بحاجة إلى شروط معينة لكي تؤتي ثمارها، أولها أن تبلغ أعمال العنف والشغب في المدن الكبرى حدًا يبرر تكثيف التواجد الأمني الفائق للعادة، وهو ما لا يضمن أحد حدوثه، بل إن احتجاجات اليوم تبدو وديعة ومسالمة إذا ما قورنت بمظاهرات الشباب الأمريكي في الستينيات والسبعينيات.

والشرط الثاني هي أن يقتنع الناخبون في المدن الكبرى بأن المحتجين المنخرطين في أعمال العنف هم مؤيدو منافس ترامب الرئيسي المرشح الديمقراطي جو بايدن، وهو ما يصعب على الناخبين ابتلاعه أيضًا، فليس كل محتج ضد ترامب مؤيد لبايدن بالضرورة، بل إن سيرة بايدن تعرضت للسخرية والتهكم والنقد في بعض الاحتجاجات.

غير أن الأمر الأخطر الذي يمكن قراءة العملية ليجند على ضوئه هو إعلان ترامب أنه غير ملتزم بالإقرار بصحة نتائج الانتخابات الرئاسية المقبلة إذا ما جاءت في غير صالحه أو غير مرضية له، فللمرة الأولى في التاريخ الأمريكي يعلن رئيس موجود في منصبه أنه قد لا يقبل قرار الناخبين.

ولا يزال ترامب مصرًا على أن ملايين المهاجرين غير الشرعيين صوتوا لصالح منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون في انتخابات 2016 التي فاز هو فيها، ولا يمل من تكرار تحذيره من أن الانتخابات المقبلة في نوفمبر ستكون عرضة للتلاعب والتزوير، وخاصة إنه تم اعتماد طريقة التصويت الإلكتروني عن بعد للحد من انتشار فيروس كورونا.

وفي مقابلة أجرتها معه قناة "فوكس نيوز" الأحد الماضي، قال ترامب "لن أقول نعم ببساطة، ولم أفعل ذلك أيضًا في المرة السابقة"، في إشارة إلى اتهاماته القديمة بتزوير نتائج انتخابات 2016 الرئاسية ضد، بالرغم من فوزه بها.

وسلطت مجلة "ذا نيويوركر" الأمريكية الضوء على كتاب لأستاذ القانون بكلية أميرست الأمريكية لورنس دوجلاس بعنوان "هل سيذهب؟ ترامب والانهيار الوشيك للانتخابات الأمريكية 2020"، طرح فيه سيناريو خسارة ترامب في الانتخابات، محاولًا التكهن برد فعل الرئيس الأمريكي على ما يرفضه بشكل قاطع.

وكتب دوجلاس "إن زعيمًا سلطويًا لن يسمح لنفسه أبدًا بالدخول في هذا الموقف بالمقام الأول، وإنما كان ليخرب العملية الانتخابية نفسها كي يقضي على أي احتمال لخسارته"، لكن حتى بمعايير النظم السلطوية فإن قبضة ترامب على السلطة والمجتمع ليست قوية إلى هذا الحد.

ومع ذلك، فإن النظام السياسي الأمريكي لا يتمتع بحماية كافية إزاء نوع الألاعيب التي يمكن أن يمارسها ترامب من أجل الاحتفاظ بمنصبه لأن "الدستور الأمريكي لا يضمن الانتقال السلمي للسلطة وإنما يفترضها مسبقًا" كما يرى دوجلاس، كما أن نظام "المجمع الانتخابي" المتبع في الولايات المتحدة لحسم نتائج الانتخابات بغض النظر عن عدد المصوتين لصالح هذا المرشح أو ذاك، يفتح الباب واسعًا أمام إمكانيات التلاعب والتزوير.

وتخيل دوجلاس سيناريو يرفض فيه ترامب تسليم الرئاسة للمرشح المنافس حال فوز الأخير، وهو غالبًا في هذه الحالة الديمقراطي جو بايدن، أو على الأقل تأجيل موعد التسليم، في ظروف عصيبة محاطة بأزمة فيروس كورونا وركود اقتصادي مؤلم، وهو السيناريو الذي يمكن أن يولد تداعيات أخرى كارثية، خاصة وأن معظم خطوات تسليم السلطة في ولايات المتحدة عرفية وبروتوكولية لا تنظمها مواد قاطعة في الدستور والقانون.

ومع ذلك فإن هذا السيناريو قد يبدو أقل الاحتمالات ضررًا، لأن أكثرها ضررًا هو سيناريو يرفض فيه ترامب تسليم السلطة نهائيًا ويحرض مؤيديه على العنف، وعندما تغرق الولايات المتحدة في الفوضى سيكون ذلك انتصارًا لترامب أكبر من الفوز في الانتخابات، وفق ما رأى دوجلاس.