الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

محاكمة علنية للمتنمرين!


ماذا حدث في سوهاج؟!،.. فخلال أسبوع واحد فقط، شهدت محافظة الوجه القبلي الهادئة جريمتين، كلاهما أوجع من الأخرى.. فالأولى لمجموعة من الصبية تنمروا على رجل مسن أثناء وقوفه أمام أحد المجاري المائية، وبمنتهى التجبر ألقي به أحدهم في "الترعة" وسط القمامة وضحكاتهم الرنانة.. وكأن تعذيب الأخر غاية تلذذهم الوحيدة، ونشرهم لمقطع فيديو يصور جريمتهم  على تطبيق "تيك توك" الوسيلة الأسرع والأكثر ضمانًا لتحقق مشاهدات تجلب لهم الشهرة، ولو بدمعة من لا ذنب له، وجريمة تعرضهم للسجن وضياع الغد!.. 

والغريب أن قبل إغلاق الكلام عن هذه القضية الشنعاء، بعد أن تمكنت الأجهزة الأمنية من القبض على مرتكبيها، ليأخذ القانون مجراه ضد هؤلاء الشباب الفاقد لماهية الشهامة، المروءة، وكافة مفاهيم الرجولة.. فوجئ رواد مواقع التواصل الاجتماعي بفيديو تنمر جديد،  لكن ضحيته هذه المرة أنثى.. ركلها أحد أشباه الرجال بقدمه أثناء ركوبه "التوك توك" فأسقطها على الأرض وفر هاربًا!.. وما أن ألقت الجهات الأمنية القبض عليه حتى برر فعلته بعذر أقبح من ذنب.. قائلًا "انتقمت منها لرفضها معاكستي"!..

وبعيدًا عن جريمتي سوهاج، لو استرجعنا مشاهد التنمر والعنف التي تطالعنا عليها فيديوهات فيسبوك وتوتير من حين لأخر، لوجدنا أن الإناث، الأطفال، وذوى الاحتياجات الخاصة، هم أكثر ضحاياها..  

بل أن المتتبع لسلوكيات أصحاب النفوس السادية يلاحظ أن أذيتهم لا تقتصر على البشر فقط، فأحيانًا يجدون متعتهم في تعذيب قطة أو كلب وسط حالة من الضمير الغائب والأحاسيس المتبلدة!.. وأصدق دليل على كلامي ما نجده على المواقع الالكترونية كل فترة لمقاطع عنف ضد حيوان مسكين، نسى أو تناسى من عذبه أن المولى عز وجل أوصانا بالرفق به.. فهناك امرأة دخلت النار جراء منع الطعام عن قطة وأخر دخل الجنة لإروائه ظمأ كلب.. فإذا كان مجرد منع الطعام عن هرة تسبب في الحرمان من الجنة، فما بالنا بمن يؤلم الإنسان والحيوان ويتفنن في إذلالهم؟!   

ربما تكون هذه الحوادث حالات فردية ليس أكثر لكن الأكيد أن نشرها على المنصات الالكترونية يحتاج لوقفة،.. فعندما يصبح إيلام الأخر سببًا في السعادة، و نشر العنف والبلطجة دون الخوف من عقوبة قانونية أو ألاهية أحد أشكال التفاخر.. فنحن أمام حالة إجرامية لن يجدي فيها تغليظ العقوبة الجنائية فحسب، بل من الضروري تنفيذيها على مرأى ومسمع كل مواطن، كي يصبح مرتكبيها عبرة لكل من تسول له نفسه تعذيب ومهانة الأخر.. وكما استهان بكل ما تميله القيم والمبادئ بنشر ما يسيء لغيره ومجتمعه، فعلينا أن نعامله بالمثل، أي على غرار طريقة استهزاءه بالآخرين نعاقبه في محاكمة علنية حتى لا يقدم غيره على تقليده..  

ولان القانون وحده لا يكفي لردع العنف والتنمر، فنحن بحاجة أيضًا  لدراسة اجتماعية متأنية لما حدث للشخصية المصرية التي كانت ولازالت مثال للنبل، والنخوة، والترفع عن الأذى.. علينا أن ندرس جيدًا متى وكيف وأين ظهرت تلك الحالات الفردية المتنمرة، وبكل ما أتت من قسوة أبعد ما تكون عن عاداتنا ومعتقداتنا ضربت عرض الحائط بجميع ما نشأنا عليه من معاني أخلاقية، وأفرزت أشخاص يتسمون بالسادية التي لم ولن تكن أبدًا أحد سماتنا المتوارثة، وإن اختلفت الأجيال وتبدلت الأزمنة. أعتقد أن الإسراع في مثل هذه الدراسة بات ضرورة ملحة قبل أن تتحول تلك الحالات الفردية لما هو أخطر!.. 

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط