الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

وقفة مع أبناء الطلاق


هل يمكن لتشريع قانوني أن يعلم رجالا ونساء كيف يحبون أبناءهم؟!،..أقول هذا الكلام بمناسبة مجادلات.. نقاشات.. اتهامات لا تعد ولا تحصى بين مطلقين ومطلقات حول بنود قانون الأحوال الشخصية الجديد.. والغريب أن أحدهم لم يفكر في مصلحة الصغير وكأن هدفه من التعديل ينصب على إيجاد نصوص تشريعية تساعده على الانتقام من الطرف الأخر قبل أن تضمن الاستقرار والسلامة النفسية لأطفاله.


فلو تابعنا التعليقات الخاصة بحق الرؤية والنفقة، لوجدنا أننا أمام صراع والغلبة لمن ينجح في حرمان الأخر من صغاره.. أما لو تحدثنا عن البند الخاص بمعاقبة الزوج الذي لم يبلغ زوجته الأولى بزواجه الثاني بالحبس مدة لا تزيد عن سنة، وغرامة لا تقل عن 15ألف جنيه ولا تزيد عن 50ألف جنيه، للاحظنا أننا أوجدنا حلا انتقاميا، وليس وسيلة إثبات لضرر يستوجب طلاقها مع الاحتفاظ  بكافة حقوقها!.


وبعيدًا عن القانون وتعديلاته،.. ألم يفكر أحد مشرعيه فيما يحتاجه حوالي 15مليون طفل شقاق في مصر فعليًا من والديهم، حتى ينشأوا في مناخ نفسي صحي يؤهلهم لبناء بلدهم فيما بعد؟!..

 
ما يريده أبناء الطلاق لا يسن بقوانين، ولا يمكن لمعاهدات ولا اتفاقيات دولية أن تفرضه،.. ذلك أن احترام طرفي العلاقة الزوجية للأخر بعد الفراق خصال يستحيل تحقيقها بتشريع.. أن يحظى الصغير بأب يتسم بالشهامة، النبل، التجاوز عن الخلافات مهما بلغ قدرها من أجل عيون أطفاله صفات لا تباع ولا تشترى.. أن ينعم الابن بأب يترفع عن الأذى، ويدرك تمامًا أن ستر الأمانة العشقية بعد الانفصال، ومواصلة الوقوف إلى جانب طليقته ليس حبًا فيها، ولا ضعفًا أمامها بل قمة القوة والفروسية كي يحافظ على حالة صغاره المعنوية وهو أمر واجب عليه.. فالأبوة الحقيقية تؤمن أن الأبناء ليس لهم ذنب في اختيار يرونه خاطئا، وأن تشويه صورة من يحمل أطفالهم اسمها في أوراقهم الرسمية، ليس إلا خدوشا وجروحا يحفرونها كالوشم على جدار قلوب أبنائهم.. والنتيجة،.. بذور من الأحقاد والكراهية والتي عاجلًا أم أجلًا سيكونون أول من يحصدون ثمارها وليس أمهاتهم.


ولا يختلف الأمر بالنسبة لاحتياجات الصغير من الأم، فهو يتمنى من تضع خلافاتها مع أبيه جانبًا مهما بلغ حجم وجعها منه، فلا تحمله ذنب هجره أو طعنة غدره..  من تعطي، تحمي، وبكل ما أوتيت من مشاعر أمومة تغفل أو بمعنى أدق تتغافل عن عيوب طليقها، ولا تظهر منه إلا كل ما هو جميل، ولو حدث وسألها أحدهم عن سر فراقهما أجابت.. " اختلفنا في طباعنا واتفقنا على حبك وأنك أغلى ما عندنا" .


أعزائي المطلقين والمطلقات.. الانفصال في حد ذاته يشكل صدمة نفسية حادة في حياة الصغار، فلا تحولوه بفعل عنادكم، ورغبة أحدكم في الانتقام من الآخر لأزمة مزمنة تدمر مستقبل أبنائكم.. من حقكم أن تختلفوا، تنفصلوا، أو حتى تحكموا القانون في مشاحناتكم لكن ليس من العدالة إدخال صغاركم  في تفاصيل وهوامش تفقدهم البراءة وتسلبهم الشعور بالطمأنينة والأمان للأبد.     

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط