ليلى زيدان تكتب: الجوانب الإيجابية لأزمة كورونا.. شعاع أمل

بقدر ما كان لفيروس كورونا المستجد، آثار سلبية كثيرة على الحياة الاقتصادية والاجتماعية ومختلف حياة الإنسان ، بقدر ما كان له جوانب إيجابية كثيرة أيضًا تمثلت فى تلك الحالة الإنسانية الفريدة التي جمعت العالم كله على قلب رجل واحد يواجه عدوًا مشتركًا لأول مرة في تاريخ البشرية عدو لم يفرق بين غنى وفقير ولا رجل و امرأة ولا صبي أو كهل عجوز أو حتى عامل بسيط أو وزير.. فالكل سواسية أمام عدو خفي لا يُرى بالعين المجردة، يحصد الأرواح ويعيث في الأرض فسادًا على امتداد ثمانية عشر شهرا (عاما ونصف ) منذ أن بدأت الجائحة تظهر فى ووهان بالصين فى نهاية عام 2019
وقد تحدثت مقالات عديدة عن سلبيات كورونا وما تسببت به على مختلف الأصعدة .. ولكننا هذه المرة سنتحدث عن الإيجابيات فالبرغم من كل ما مررنا ونمر به الى الآن إلا أننا لا نغفل الجانب الإيجابى .
وأنه كان هناك جانباً إيجابياً واضحاً ألقى بظلاله على عدة جوانب فى حياة الإنسان وسنتطرق ل بعض منها
فمن الناحية البيئية
نلاحظ على مدى العام ونصف الماضية منذ بداية الجائحة حدث تراجع لانبعاثات ثانى اكسيد النيتروجين وثانى اكسيد الكربون كما بينتها صور الأقمار الصناعية التى نشرتها وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) ووكالة الفضاء الأوروبية وهذا ادى بكل تأكيد الى تحسن جودة الهواء .
وقد أثبتت تقارير منظمة الصحة العالمية من قبل أن تلوث الهواء يقتل حوالى سبعة ملايين شخص فى جميع أنحاء العالم سنويا.
واذا اردنا تفسير الأسباب فسنجد أنها تكمن فى إغلاق المصانع والقيود على الطيران وجميع وسائل المواصلات الأخرى كما أن عدم ذهاب العمال لأعمالهم و الأطفال لمدارسهم بالشكل الطبيعي المعتاد يقلل من البصمات الكربونية فى البيئة المحيطة ويقلل التلوث بشكل ملحوظ فى المدن المزدحمة .
هذا ويعد نقص رحلات النقل الدولى وكذلك المحلى عامل هام أثر فى الحفاظ على البيئة بشكل عام والمحيطات بشكل خاص ، حيث يتسبب هذا النقل فى انبعاث نحو 23% من الغازات المسببة للإحتباس الحرارى .
*الروابط الإجتماعية
الأزمة والحظر والقيود المصاحبة فرضت على العائلات قضاء أوقات أكثر داخل المنزل بالمقارنة بخارجه (سواء فى عمل أو ترفيه) ... ومن ثم أصبح هناك وقت أطول يقضيه :
الأباء مع أولادهم
الازواج مع زوجاتهم
الأجداد مع أحفادهم
الازمة قصرت من الفترات التى يقضيها الافراد خارج منازلهم وعظمت من الوقت داخل المنزل فأصبح هناك اهتمام بتوفير كل سبل الراحة والترفيه داخل المنزل ومزيد من التواصل بين افراد الأسرة الواحدة .
* الناحية التكنولوجية (التحول الرقمى وتغير بيئة الأعمال)
التحول الرقمى السريع والمباغت والذى فرضته الجائحة واضطرت معظم الدول وعديد من المؤسسات على مجاراته أثبت للجميع أن التأقلم مع الجائحة يتطلب المرونة فى تنظيم أوقات وأماكن العمل بحيث يستطيع الأفراد أن يتموا ما هم مكلفين به من اعمال بغض النظر عن أماكن تواجدهم ومن هنا أصبح "العمل عن بعد " مرادفا لنتائج كورونا وأستتبع ذلك بالضرورة للتحول الرقمى .
ولم يقف التحول الرقمى عند قطاع بعينه أو عند عملية انتاجية محددة إنما امتد ليشمل معظم القطاعات من تعليم إلى صحة الى مالية الى خدمات مباشرة وغير مباشرة .
وفى تقرير لمؤسسة ماكنزى الدولية اوضح كيف دفعت أزمة كورونا قطاع الأعمال إلى تجاوز نقطة التحول التكنولوجى وغيرت طبيعة الاعمال إلى الأبد .
وبين الإستقصاء للمديرين التنفيذيين أن شركاتهم قامت برقمنة تفاعلات العملاء وسلسلة التوريد الان بعد ان كان مقدر لها 3 او 4 سنوات مستقبلاً كما ان حصة المنتجات الرقمية أو الممكنة رقميا فى محافظهم الان كان يمكن ان تاخذ سبع سنوات حتى تحدث لولا كورونا .
قامت ماكنزى بمسح لعدد من رؤساء الشركات لتسألهم كم من الوقت يستغرق تنفيذ عمليات التحول الرقمى الآن مقارنة بقبل الأزمة ، أجاب المشاركون بأن شركاتهم تصرفت بمعدل 20 الى 25 مرة أسرع مما كان متوقعا .
فى حالة العمل عن بعد ، يقول المشاركون فى الإستطلاع أن شركاتهم تحركت أسرع 40 مرة مما كانو يعتقدون قبل الوباء ، كما يقول المشاركون أن الأمر كان سيستغرق أكثر من عام لتنفيذ مستوى العمل عن بعد الذى حدث خلال الأزمة وفى الواقع إستغرق الأمر 11 يوما فقط فى المتوسط .
*الجديد والإختراعات فى المجال الصحى
الأبحاث الطبية الحالية الخاصة بايجاد لقاحات الكورونا والمنافسة الكبرى بين الشركات والجامعات والمعامل البحثية والتى أنتج معها مجموعة من الإكتشافات الأخرى ، والتى يمكن أن يتحقق معها الكثير من الفوائد الكبيرة والدائمة .
وسنجد هنا الإهتمام بأحوال المستشفيات (وخاصة العامة منها ) لأهمية منع انتشار الامراض وما نتج عنها من تحسين لجودة التعقيم والإهتمام بالمريض .
أدت ازمة كورونا فى معظم بلاد العالم إلى تغليب المصلحة الجماعية (القومية ) على المصلحة المشتركة (المفردة ) .
*التأثير على وسائل التعليم والتعلم ...
عملية التحول الرقمى فى قطاع التعليم تم الإسراع بها بشكل غير مسبوق وشامل وفجائي .
الإعتراف بالتعليم عن بعد كوسيلة توصيل للعلم والمعرفة فتحت الباب على مصراعيه للطلاب ولأعضاء هيئة التدريس .
التاثير فى قطاع التعليم أصبح غير مؤقت بسبب الجائحة ولكنه سيستمر وستشتعل المنافسة بين المؤسسات التعليمية إقليميا ودوليا من حيث تقديم أفضل الوسائل التعليمية إليكترونيا وكذلك إجتذاب الطلاب القادرين علميا أوماديا .
مع التغيرات العالمية الحادثة فى سوق العمل والتحول الرقمى فى قطاع التعليم فإن الهدف من التعلم سيتحول من الحصول على شهادة إلي الحصول على مهارة وهو بكل تأكيد المطلوب.