الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

وأدركنا ما تمنيناه

يقولون والعهدة على الراوى ؛  انه فى زمن ما كان هناك ملكا عرف بالعدل والرحمة ، هذا الملك كان له من الأبناء كثيرين وكانت له إبنة واحدة ملكت قلبه ومشاعره وربما حياته برمتها. وكلما كبرت ابنته زاد حبه لها وتدليله ايضا مما زاد غيرة اخوتها الذكور منها وخوفهم من طغيان هذا الحب الابوى ليجعلها فى مكانة اعلى منهم . الاب الحاكم فى كبره لم يعد يعنيه سلطان ولا جاه بقدر اهتمامه بابنته واسعادها وتحقيق كل ما تتمناه وتطلبه بل وتحلم به مجرد حلم . عرفت ابنته بالحكمة والذكاء مع ميراث ابوى بحب العدل والتعاطف مع الفقراء والدهماء . كفة الصراع بين الابناء مجتمعين وابيهم واختهم صارت تتأرجح وكل يوم يمضى يزداد ثقل كراهية الابناء لاختهم وابيهم ويقابله حب الاب لابنته والعكس . يقولون ان الابناء اجمعوا امرهم على التخلص من اختهم وبذلك يضمنون سرعة وفاة الاب لحزنه على فراق ابنته وعليه فيصبح المكان والزمان والصولجان لهم ، واعدوا عدتهم واتفقوا فيما بينهم على القاء اختهم فى الصحراء للجوارح وللطبيعة القاسية ، وفى اليوم المتفق عليه لتنفيذ خطتهم استيقظوا جميعا على خبر وفاة ابيهم فجأة وبدون مقدمات ورغم تظاهرهم بالحزن الا انهم كانوا فى منتهى السعادة لان الاقدار فعلت مايريدونه واكثر . فى مراسم ملكية واحزان وطنية دفن الاب ، انتهت السكرة وجاءت الفكرة وقسموا ميراثهم ووزعوا مهامهم ورموا لاختهم بالقليل ان لم يكن المعدم   ، وعلى عكس ماتوقعوا فقد وجدوها راضية تؤثرهم على نفسها وتؤكد لهم انها لاتريد سوى اسعاد ابيها فى قبره وهى تعلم انه سيسعد ببقاءهم عصبة واحدة ، استقبلوا كلامها بلامبالاة ومضت ايام فشهور فاعوام والحال يتدهور وميراثهم من ابيهم يضيع على الرغبات والنزوات والصولات واحوال المواطنين تتدهور  وامورهم تسوء وصال الشعب وجال واعلنوا تمردهم على الاسرة الحاكمة ماعدا الابنة التى حظيت بمحبة الشعب المغلوب على امره ، وبالفعل تم تنصيبها ملكة على عرش البلاد متولية شئون العباد . اول مافعلته كان جمع اخوتها كلهم فى مكان قصى مع اصحاب السوابق والجرائم فقد كانت تحكم على السارقين والمفسدين بالنفى فى الصحراء مع مراقبتهم عن طريق رجال قصرها وعساكرها ، وكانت تخلط بين المحكوم عليهم بالنفى اناس تثق بهم مهمتهم تقويم سلوكيات الخارجين عن القانون وتعليمهم صنعة او حرفة تدر عليهم رزقا يتقوتون منهم فى معزلهم . اعوام تلتها اعوام والصحراء تنبت وتخرج من ثمار ومعادن وخيرات واصبح حال من فيها بما فيهم اخوة الملكة فى تحسن وازدهار . الملكة بعدلها ملكت قلوب شعبها واصبحوا يدعون لها ليل نهار .. فكانت تذهب لقبر ابيها وتحدثه وتؤكد له أنها ماضية على عهده وبأنها استطاعت ان تغير من اخوتها وتجعلهم على قدر المسؤلية وبأنها تعد العدة لاعادتهم الى حياتهم الاولى وترك الامر للشعب لاختيار من يخلفها فى الحكم ، واثناء عودتها من زيارة ابيها فى مرقده الابدى وجدت هرجا ومرجا وزحام وشغب واذا برئيس وزارئها يخبرها بأن اخوتها والدهماء تجمعوا واخترقوا المملكة وعاثوا فى الأرض فساداً، وبأنهم يتوعدونها وينصحها بالهرب ولكنها لم تستطع اذ داهمها اخوتها وانهالوا عليها طعنا واعلنوا انفسهم الحكام الفعليين وبأن من يعترض فمصيره ليس كما كانت تصنع اختهم بل سيقتل او يلقى فى غياهب السجون كل حسب جريمته وجرمه ، ويقال ان هؤلاء الحكام توسع حكمهم وأصبحوا مسيطرين مهيمنين على دول عدة وشعوبا مختلفة.

المقالات المنشورة لا تعبر عن السياسة التحريرية للموقع وتحمل وتعبر عن رأي الكاتب فقط