الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

جرح الاستعمار يتجدد.. أزمة دبلوماسية بين الجزائر وفرنسا بعد تصريحات ماكرون المسيئة.. عبد المجيد تبون يستدعي سفير باريس ويأمر بحظر تحليق الطائرات العسكرية الفرنسية

أرشيفية
أرشيفية

مأدبة الإليزيه تشعل أزمة دبلوماسية بين فرنسا والجزائر 
استهجان جزائري شديد لتصريحات ماكرون حول الاستعمار الفرنسي للجزائر 
الرئيس الجزائري يستدعي السفير الفرنسي ويأمر بحظر تحليق طائرات فرنسا

 

استدعت الجزائر سفيرها في باريس للتشاور أمس السبت، بعد أن قالت رئاسة البلاد إنها ترفض "التدخل" الفرنسي، بعد ما وصفته بتصريحات "غير مسؤولة" منسوبة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

 

كما أغلقت الجزائر مجالها الجوي أمام طائرتين عسكريتين فرنسيتين، بعد يوم من استدعاء سفيرها بباريس في خلاف متصاعد حول تعليقات منسوبة إلى الرئيس إيمانويل ماكرون.

 

ونقلت وكالة بلومبرغ للأنباء عن المتحدث باسم الجيش الفرنسي الكولونيل باسكال إياني، إنه تم رفض السماح بمرور رحلتي دعم لوجيستي كانتا متجهتين إلى منطقة الساحل الأفريقية عبر الجزائر صباح اليوم الأحد وتم تأجيلهما.

وقال إياني: "اكتشفنا هذا الصباح أن الجزائر لم تعد تأذن بتحليق طائرات فوق أراضيها"، مضيفاً أن التأثير كان هامشيا وأن الاستطلاع الفرنسي لمهمة الساحل لا يستخدم المجال الجوي الجزائري ولا يؤثر على العمليات في منطقة الساحل ولا على الاستخبارات".

 

بداية الأزمة

بدأت الأزمة بين البلدين بعد تقرير نشرته صحيفة "لوموند" الفرنسية قالت فيه  إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون استقبل يوم الخميس الماضي في قصر الإليزيه، لمدة ساعتين، 18 شاباً فرنسياً من اصل جزائري، م عاشوا حرب الجزائر لتبادل الاحاديث بحرية عن ذلك النزاع بهدف تهدئة "جرح الذاكرة".

 

وأشارت الصحيفة إلى أن ماكرون أراد أن يُخاطب هؤلاء الشباب خصوصًا، لأن نور وأمين ولينا وجوتييه ولوسي ويوان هم أحفاد مقاتلون في "جبهة التحرير الوطني" أو حركيون أو فرنسيون سكنوا أو ولدوا في الجزائر إبان الاحتلال الفرنسي للجزائر، وأحدهم حفيد الجنرال سالان، الرئيس السابق لمنظمة الجيش السري "أو.آيه.إس".

 

ومنذ شهر يونيو الماضي، يلتقي هؤلاء الشباب، ومعظمهم من الطلاب، مع بعضهم البعض ويفكرون في كيفية تجميع كل هذه الذكريات التي ورثوها. وقد جمعتهم سيسيل رونو المسؤولة عن تنفيذ توصيات تقرير بنجامين ستورا حول "ذاكرة الاستعمار والحرب الجزائرية" المقدم في يناير الماضي للرئيس إيمانويل ماكرون.

 

وبحسب الصحيفة الفرنسية فقد حددوا لأنفسهم مهمة تقديم عشر رسائل إلى ماكرون بحلول نهاية أكتوبر والتي يفترض أن تغذي تفكيره في ما يتعلق "بمصالحة الذاكرة بين الشعبين الفرنسي والجزائري".

 

وقالت "لوموند": "يعد استقبال ماكرون لهم في قصر الإليزيه بمثابة نقطة انطلاق  وفرصة للرئيس الفرنسي لمواجهة جيل جديد من الشباب المعنيين بمصالحة الذاكرة الفرنسية- الجزائرية، وفرصة للرئيس الفرنسي لمواجهة جيل جديد من الشباب المعنيين بمصالحة الذاكرة الفرنسية- الجزائرية".

 

وتساءل الرئيس الفرنسي: "هل كان هناك أمة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي؟ هذا هو السؤال"، ويضيف أنه كان هناك استعمار قبل الاستعمار الفرنسي. ويذهب إلى القول: "أنا مفتون برؤية قدرة تركيا على جعل الناس ينسون تمامًا الدور الذي لعبته في الجزائر والهيمنة التي مارستها، وشرح أن الفرنسيين هم المستعمرون الوحيدون وهو أمر يصدقه الجزائريون".

 

ردود فعل محلية

وسرعان ما أصدرت "حركة مجتمع السلم" الجزائرية بيانًا شديد اللهجة ردت فيه على تصريحات ماكرون، حيث قالت في البيان: "على أثر التصريحات العدائية للرئيس الفرنسي اتجاه الجزائر، التي تعتبر إهانة للدولة وللشعب الجزائري، والتي تأتي في سياق الإمعان في ترجمة العقلية الكولونيالية والاستعلائية لفرنسا الرسمية.. فإن حركة مجتمع السلم تسجل المواقف التالية: أولاً هذه التصريحات تكشف الوجه الحقيقي والسياسة الرسمية لفرنسا اتجاه الجزائر، وهو ما يفضح زيف علاقة الصداقة والاحترام المتبادل بين البلدين".

وأضاف البيان: " تعتبر هذه التصريحات خطيرة واستفزازية تمس بسيادة الدولة الجزائرية، وإهانةً لرموزها وشعبها، وتدخلاً مرفوضا في شؤونها الداخلية. كما تظهر هذه التصريحات حجم الاستخفاف والعدائية اتجاه الجزائر، وذلك بتزييف تاريخها وخدش شخصيتها الدولية قبل الاحتلال الفرنسي الأسود لها".

 

وتابع البيان: " تدعو الحركة السلطات الجزائرية إلى استخلاص الدروس واتخاذ الإجراءات الفعلية التي يتطلع إليها الشعب الجزائري للقطع مع العهد الكولونيالي، ومنها: قانون تجريم الاستعمار، تفعيل قانون تعميم استعمال اللغة العربية، قانون منع استعمال اللغة الفرنسية في الوثائق والخطاب والاجتماعات الرسمية، تحويل الشراكات الاقتصادية الدولية نحو دول غير معادية للجزائر".

 

وأدان مجلس الأمة الجزائري تصريحات ماكرون، قائلاً في بيان له: "الشعب الجزائري لطالما وضع مسافة بين الشعب الفرنسي والاستعمار الفرنسي، والسياسة الخارجية الجزائرية لا تخضع لأية إملاءات من أي جهة كانت، وأنها تتحرك وفق مسار الواقعية السياسية وخدمة للمصالح الاستراتيجية للجزائر".

 

وتابع: "المجلس يرفض بالجملة والتفصيل كل شكل من أشكال التدخل أو الإملاءات أو الإيحاءات أو المواعظ مهما كانت طبيعتها أو مصدرها، والتي اعتاد مستعمر الأمس وبقاياه اليوم من لوبيات وكيانات وأحزاب لا تخفي عداءها الجزائر، إبداءها وتوجيهها دونما خجل ولا كلل".

 

من جانبه، أدان حزب التجمع الوطني الديمقراطي تصريحات ماكرون قائلاً: "تابعنا المواقف الفرنسية المخزية اتجاه الجزائر والمتقاطعة مع سياق إقليمي مكشوف"، معربًا عن إدانته بـ"أشد العبارات، التصريحات اللا مسؤولة لرئيس فرنسا المترشح لفترة رئاسية ثانية"، واعتبرها "سلوكا فجا صادرا عن أعلى مسؤول فرنسي وفي غمرة الدعاية الانتخابية التي تأتي بعد فشله الذريع في الرقي بشعب فرنسا ولعب دور إيجابي في الارتقاء بالتعاون الدولي في إفريقيا والعالم".