الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

أنا يا بنتي!!!

كريمة ابو العينين
كريمة ابو العينين

من أصدق المشاهد التى تعبر عن حالة الانفصام التى سيطرت على مجتمعنا الآن هى تلك الجملة التى قالها ممثل بارع كان يقوم بدور رجل دين أمام الناس، ومن وراء الستار آفاق وعندما واجهته إحدى ضحاياه بجرائمه معها خرج أمام الملأ وهو “يتصعبن ويتدحلب” ويقول لها وعيناه مليئة بدموع الإفك: أنا يا بنتى!!

 قس على هذا المشهد كل ما أصبح عليه الحال فأكم من الناس أصبح بيدهم مفاتيح الجنة وصكوك الغفران وأبواب جهنم وأصبحوا يرسلون من يريدون إلى مايروق خاطرهم، ففلان فى جهنم حدف والآخر فى الجنة ونعيمها، وأكثر من ذلك فقد ظهرت الشماتة فى الموت، فمن لم يكن موافقا لهم ويموت فهو زنديق هالك ذاهب إلى الجحيم ومن كان معهم ومصفقا لهم فهو مع الأبرار والشهداء والصديقين وحسن أولئك مقاما. 

حالة من الإعياء المجتمعى، أصبح الموت فيها مادة خصبة للشماتة والفتاوى وزد على ذلك معرفة الخواتيم والنهايات ويوم العرض على صاحب الكون وخالقه.. الغريب أيضا أن هذه الحالة الغريبة امتدت لتجد شخصيات معروفة تؤكد وهى تمتهن مهنة تتعارض مع ماطالب الله به عباده تجدها تتحدث وتسهب عن رضا الله عليها وبأنه يوفقها فى كل عمل وبأنها تناجيه وتناديه فيستجيب . 

وبين هذا واذك تظهر فئة مطحونة بين لحظة واختها فقدت ابناءها فى حادث حزين ولايتركها احدا فى حال سبيلها تتجرع حزنها بل تجدهم يتفننوا فى إصدار الفتاوى والتحليل والتحريم وكيفية لقاءها ربها بعد ما اقترفته من جرم فى حق ابناء صغار تركتهم وحدهم فى البيت ليلاقوا الموت حرقا أو أجبرتهم على العمل فى برد الشتاء ليكون مصيرهم الموت غرقا !!!

فى هذا المجتمع أصبح معظمنا محللين ومحرمين وأيضا صار ادعاء الفضيلة أمام الملأ وسيلة مربحة وطريقة صائبة لزيادة الارتباك المجتمعى وتشتيت من يمسك على دينه ومبادئه. 

أصبح مصطلح أنا يابنتى أسلوب مسلم به لنصب جام غضبنا على المظلوم ونختبىء فى عباءة أصحاب الفضيلة الزائفة.. كل ما يحدث ماهو إلا نتاج العدوين المخيفين، الفقر والجهل، فهما من جعل صاحب عبارة أنا يا بنتى يجد من يصفقون له ويعتبرونه من أولياء الله الصالحين ونفس العدوين هما من جعل الحصول على لقمة العيش سببا وسبيلا لغض البصر عما سواها.

قيل قديما إن الفراغ إذا ذهب إلى بلد قالت له الرذيلة خدنى معك، ويبدو أن الجهل والفقر يحثان السابقان على أن يصبحوا معا فى مواجهة كل مساعى البناء والتنوير والتقدم.