لا يزال شبح الحرب الروسية الأوكرانية، يخيم بظلاله على شرق القارة الأوروبية، جاعلا من القارة شعلة نار متقدة ساحبا منها أمنها واستقرارها اللذين ظلا يلازماها لفترات زمنية طويلة، ومع تقدم القوات الروسية المستمر في الأراضي الأوكرانية وقربها من العاصمة كييف لا تسيطر على العالم إلا فكرة وقوع الحرب العالمية الثالثة التي تنهي على نصف كوكب الأرض مع التطور الهائل في القدرات العسكرية للدول خاصة الدول الغربية وروسيا صاحبة الحرب والصين التي تنظر وتراقب المشهد من بعيد.
وبعد مرور 20 يوما على اندلاع شرارة الحرب استطاعت القوات الروسية التقدم نحو العاصمة الأوكرانية كييف ومحاصرتها استعدادا لدخولها وسط ارتفاع أصوات الإدانات الغربية لروسيا والرئيس فلاديمير بوتين، حيث بدأت الولايات المتحدة الأمريكية ومعها دول الاتحاد الأوروبي التنفيذ الفعلي لعقوباتهم الاقتصادية التي فرضوها على الجانب الروسي اعتراضا منهم على غزو أوكرانيا.
التدخل عن طريق العقوبات فقط
ولم تكتف الدول الغربية بفرض العقوبات الاقتصادية، ولكن قامت بإرسال شحنات عسكرية إلى الجيش الأوكراني لمساعدته في الحرب ضد روسيا، حيث أعلنت الولايات المتحدة إرسال قاذفات مضادة للدبابات، كما أعلنت بريطانيا إرسال مساعدات عسكرية وتأمينها للوصول إلى الجيش الأوكراني، وغيرهما من الدول الأوروبية التي أعلنت تضامنها مع كييف ضد موسكو.
ومنذ اندلاع الحرب لجأ الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إلى الدول الأوروبية والولايات المتحدة في دعوة لهم بإرسال قوات للقتال ضد الجيش الروسي في أوكرانيا، كما طالب بفرض حظر طيران من قبل دول الاتحاد الأوروبي فوق الأراضي الأوكرانية، الأمر الذي رفضه الغرب بشكل قاطع بالتدخل في الحرب عن طريق إرسال القوات واكتفت فقط بفرض العقوبات وإرسال شحنات من السلاح إلى الجيش الأوكراني.
حرب مباشرة مع روسيا
وعن رفض الدول الأوروبية مع الولايات المتحدة التدخل في الحرب، قال الباحث في الشؤون الدولية، رامي إبراهيم، إن مطالب الرئيس الأوكراني من حلف شمال الأطلسي "الناتو" ومن خلفه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بالقيام بدور عسكري مباشر في الحرب الروسية الأوكرانية، صعب تحقيقها أو الاستجابة لها تحت أي ضغوط على الأقل في الوقت الحالي.
وأوضح إبراهيم في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن إرسال أي قوات عسكرية تابعة لحلف الناتو أو لأي دولة سواء كانت أوروبية أو غيرها، يعتبر إعلان حرب ضد روسيا وتحالف مباشر مع أوكرانيا ما يؤدي إلى توسيع نطاق العمليات العسكرية ما ينذر بوقوع حرب عالمية ثالثة، خاصة إن كانت هذه الدولة عضو في الناتو والاتحاد الأوروبي أو كان لديها اتفاقيات دفاع مشترك مع دول أخرى.
وأضاف أن قرار إرسال قوات حفظ سلام إلى أوكرانيا خطوة مبكرة جدا، حيث مازالت العمليات الحربية في مرحلة لا تسمح بإرسال أي قوات دولية، كما أن هذا الأمر إلى جانب قرار حظر الطيران في الأجواء الأوكرانية يحتاج إلى قرارات من مجلس الأمن الدولي وهو ما ستعرقله روسيا من خلال حق النقض "الفيتو".
ولفت الباحث في الشؤون الدولية، أن قرار حظر الطيران هو أيضا من أخطر القرارات، خاصة وأن أي طائرة تحلق في هذه الأجواء تعتبر هدفا مشروعا، لذلك الجميع يتجنب الصدام المباشر خشية وقوع حرب عالمية ثالثة.
أضرار الغرب من الحرب
وأشار إلى أن الغرب متضرر كثيرا من هذه الحرب سواء اقتصاديا أو سياسيا، خاصة وأن تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية أدت إلى ارتفاع أسعار النفط وارتفاع السلع والمواد الغذائية، وتسببت في لجوء أكثر من ٣ ملايين لاجئ أوكراني إلى الدول الأوروبية وهي مطالبة بتوفير كافة سبل الرعاية لهم.
ونوه رامي إبراهيم، إلى الغرب يدرك تماما أن الحرب الروسية الأوكرانية تداعياتها مباشرة وكبيرة، خاصة وأن نفوذه أصبح مهددا في كافة دول العالم، لأن هذه الأزمة ستؤدي إلى تغيرات في النظام الدولي ليصبح متعدد الأقطاب بدلا من نظام القطب الأوحد، وهو ما سيخلق نوعا من الحرب الباردة كما كان في حقبة الاتحاد السوفيتي حتى وإن توقفت الحرب التدخل عسكريا ودعم أوكرانيا.
الحفاظ على الهيمنة الأمريكية
ورأى الباحث في الشؤون الدولية، أن الولايات المتحدة تسعى لتحويل أوكرانيا إلى مستنقع لتغرق فيه روسيا اقتصاديا وعسكريا لإنهاكها هي ومن خلفها الصين، وذلك لكي تحافظ واشنطن على دورها القيادي ونفوذها الدولي، لأن خروج روسيا منتصرة يعني نهاية نظام القطب الأوحد وهذا يعتبر تهديدا واضحا للمصالح الأمريكية.
وأشار إلى أن الدعم الذي سيقدم لأوكرانيا سواء من الناتو أو الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة سيكون اقتصاديا ولوجستيا وإرسال الأسلحة عبر دول الجوار دون تحديد هويتها وتجنيد المرتزقة والمقاتلين الأجانب ضد القوات الروسية بحيث لا يكونون تابعين لدولة معينة، وهذا ما أعلنت عنه أوكرانيا وأطلقت عليهم الفيلق الدولي.