الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الرواة| عبدالله بن عمرو .. الإمام الحبر العابد وصاحب الصحيفة الصادقة

عبد الله بن عمرو
عبد الله بن عمرو

الرواة .. يواصل موقع “صدى البلد” الإخباري، في اليوم التاسع عشر من شهر رمضان المبارك رحلته مع الرواة، لنتعرف على سيرتهم واقتفاء أثرهم، ونتعلم منهم كيف كانوا على قدر المسئولية والأمانة والثقة في نقل أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا في منأى عن أي جرح أو تعديل.

ولعل من أهم الرواة ممن يطيب ذكره في هذا اليوم هي صحابي جليل، روى عن سيد الخلق وإمام المرسلين سيد محمد صلى الله عليه وسلم ما يقرب من 700 حديثا ما جعله في مقدمة الرواة ، فمن هو؟

الإمام الحبر العابد

هو عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن سعيد بن سعد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب، وأمه هي رائطة بنت الحجاج بنت منبه السهمية.
دخل  عبد الله بن عمرو الإسلام قبل أن يدخله أبوه عمرو بن العاص رضي الله عنهما، وأسلم أبوه عمرو بن العاص سنة ثمانية من الهجرة، كما أسلمت أمه يوم فتح مكة.

ولد عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه في مكة.
كان اسمه العاص مثل اسم جده فسماه النبي عبد الله، كُني بـ الإمام الحبر العابد، و أبو محمد، وأبو عبد الرحمن  وأبو نصير القرشي السهمي .

ذكر في فضائله من صفات حيث كثرة الصيام والعبادة فورد هذا الحديث للنبي صلى الله عليه وسلم وهو يوجهه ويجيبه في كثرة الصيام على أن يصوم ويفطر وينام ويقوم حتى لا تطغى العبادة على حق جسده، فكان ما روي عن الرسول في الحديث الشريف: قَالَ أَبُو جُحَيْفَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ، أَخْبَرَنَا عَبْدُاللَّهِ، أَخْبَرَنَا الأَوْزَاعِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِالرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُاللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ العَاصِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يَا عَبْدَاللَّهِ، أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ؟ قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: فَلاَ تَفْعَلْ، صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا.

وكان كثير القراءة للقرآن حتى أنه كان يقرأ القرآن كله في ليلة فنهاه النبي عن ذلك حتى يعي ما يقول وفي ذلك روي هذا الحديث: قال ابْنُ جُرَيْجٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنْ يَحْيَى بنِ حَكِيْمِ بنِ صَفْوَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، قَالَ: جَمَعْتُ القُرْآنَ، فَقَرَأْتُهُ كُلَّهُ فِي لَيْلَةٍ. فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:(اقْرَأْهُ فِي شَهْرٍ). قُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ، دَعْنِي أَسْتَمْتِعْ مِنْ قُوَّتِي وَشَبَابِي. قَالَ: (اقْرَأْهُ فِي عِشْرِيْنَ) .

قُلْتُ: دَعْنِي أَسْتَمْتِعْ. قَالَ: (اقْرَأْهُ فِي سَبْعِ لَيَالٍ) .قُلْتُ: دَعْنِي يَا رَسُوْلَ اللهِ أَسْتَمْتِعْ.قَالَ: فَأَبَى . رَوَاهُ: النَّسَائِيُّ.

كان يحب قيام الليل ويكثر منه حتى شكاه أبوه للنبي من كثرة قيامه وفي ذلك ورد هذا الحديث: عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، قَالَ:زَوَّجَنِي أَبِي امْرَأَةً مِنْ قُرَيْشٍ، فَلَمَّا دَخَلَتْ عَلَيَّ، جَعَلْتُ لاَ أَنْحَاشُ لَهَا مِمَّا بِي مِنَ القُوَّةِ عَلَى العِبَادَةِ. فَجَاءَ أَبِي إِلَى كِنَّتِهِ، فَقَالَ: كَيْفَ وَجَدْتِ بَعْلَكِ؟ قَالَتْ: خَيْرُ رَجُلٍ مِنْ رَجُلٍ لَمْ يُفَتِّشْ لَهَا كَنَفاً، وَلَمْ يَقْرَبْ لَهَا فِرَاشاً. قَالَ: فَأَقْبَلَ عَلَيَّ، وَعَضَّنِي بِلِسَانِهِ، ثُمَّ قَالَ: أَنْكَحْتُكَ امْرَأَةً ذَاتَ حَسَبٍ، فَعَضَلْتَهَا، وَفَعَلْتَ. ثُمَّ انْطَلَقَ، فَشَكَانِي إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فَطَلَبَنِي، فَأَتَيْتُهُ، فَقَالَ لِي: (أَتَصُوْمُ النَّهَارَ، وَتَقُوْمُ اللَّيْلَ؟) .قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: (لَكِنِّي أَصُوْمُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَنَامُ، وَأَمَسُّ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي. 

هاجر عبد الله بن عمرو بن العاص بعد سبع سنين من الهجرة النبوية الشريفة وشهد غزوات مع النبي وقيل انه كان يضرب بسيفين، بقي قريبا مقربا من النبي صلى الله عليه وسلم فكان يسمع منه ويكتب عنه الأحاديث، قيل أنه كان عالما بكتاب اليهود، شارك في الفتوحات الاسلامية في الشام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وقيل إنه لم يرد القتال في صفين ولا أن يحارب إلا أن أباه طلب منه أن يقف بصف معاوية فكان معه يحمل الراية لكنه لم يقاتل ورفض أن يدخل في حرب طرفاها مسلمون، كان غزير العلم لنقله وقربه من النبي صلى الله عليه وسلم.

صاحب همة عالية 

قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن الصحابي الجليل سيدنا عبدالله عمرو بن العاص، أسماه رسول الله عبدالله بعدما كان اسمه «العاص»، حيث غير الرسول عليه الصلاة والسلام حوالي 30 اسما، مشيراً إلى سيدنا عبدالله بن عمرو بن العاص، تميز بميزات عديدة، حيث مات عام 63، وكان تخطى الـ 80 عاما، وكان صاحب همة عالية، والراجح أن قبره بجامع عمرو بن العاص جهة الشرق، وكان محبا للعلم من بدايته لنهايته، وفي ذاته وفروعه ومنهجيته وجزئياته، بالإضافة لكونه عابدا.

وأوضح عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، خلال لقاء ببرنامج «مصر أرض الصالحين»، المذاع على شاشة التلفزيون المصري، ويقدمه الإعلامي عمرو خليل، في شهر رمضان الكريم، أنّ سيدنا عبدالله بن عمرو بن العاص، اهتم بالمنهجية والتوثيق وكان يكتب ويوثق الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وكان يقرأ ويكتب، وسأل رسول الله «هل أكتب عنك في الغضب وفي الرضا فقال له الرسول: أكتب فإني لا أقول إلا الحق»، وبدأ يكتب وكتب «الصحيفة الصادقة».

وأضاف عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن سيدنا عبدالله بن عمرو بن العاص، حينما زوجه والده وسأل عنه زوجته، علم منها أنهما لم يتزوجا كونه رجلا مشغولا بأمور الآخرة، فشكاه والده عمرو بن العاص للنبي عليه الصلاة والسلام، وتحدث معه النبي عليه الصلاة والسلام، وسأله هل يقيم الليل ويصوم النهار؟، فرد سيدنا عبدالله بن عمرو بن العاص بنعم بالطبع، ليرد عليه الرسول عليه الصلاة والسلام «أما إني أقوم وأنام وأتزوج النساء وأصوم وأفطر ومن رغب عن سنتي فليس مني»، ليعلمه الرسول الوسطية، حتى في العبادة.

وفاته

قيل في وفاته أنه توفى ما بين سنتي ثلاثة وستين وخمسة وستين من الهجرة وقيل إنه توفى بعمر ثلاثة وسبعين ، واختلف حول مكان وفاته بين مكة ومصر والطائف والشام.