الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

الاختيار 3.. لماذا كرهت جماعة الإخوان المثقفين وضيقت عليهم الخناق؟

اعتصام المثقفون
اعتصام المثقفون

تسلط الحلقة 25 من مسلسل "الاختيار 3" الضوء على واحد من الأحداث الهامة والتي كانت سببا من أسباب قيام ثورة 30 يونيو ضد جماعة الإخوان التي حكمت مصر من فترة 2012 الي 2013 وهو اعتصام المثقفين.

ودخل مثقفو مصر في الاعتصام بعد مجموعة من القرارات التعسفية التي اتخاذها وزير ثقافة جماعة الإخوان آنذاك "علاء عبد العزيز" وكان من بينها إقالة رئيس الأوبرا المصرية الفنانة إيناس عبد الدايم وزير الثقافة الحالي.

وكشفت الحلقة 25 من مسلسل الاختيار 3 عن مجموعة من القرارات والإجراءات التي كان بصدد أن يتخذها وزير الثقافة الإخواني، ومنها تأجير قاعات الأوبرا وتحويلها ما يشبه قاعات الحفلات والنوادي وهو ما اعترض عليه المثقفون حينها بشدة وقرروا أن يدخلوا في مواجهة معهم.

الاختيار 3 

وفي التقرير التالي نسلط الضوء على الأسباب التي اعتصم المثقفون عليها ضد ثقافة الإخواني آنذاك، وكان اعتصامهم أحد الأسباب التي عجلت بالثورة والتي استمرت حتى انطلقت ثورة 30 يونيو التي خلصت مصر من حكم جماعة الإخوان:

اعتصام المثقفين الشرارة الأولى للثورة 

شهد مطلع يونيو 2013 أول تحرك على الأرض لمواجهة تحركات جماعة الإخوان في سعيها لـ "أخونة قطاعات الدولة" حينما أعلن المثقفون المصريون على اختلاف رؤاهم وتوجهاتهم رفضهم لوجود وزير يتبع الجماعة على رأس وزارة الثقافة، وهو علاء عبد العزيز والذى سعى خلال الأيام القلائل التي تولى فيها مقاليد الوزارة إلى قطع أواصر الحركة الثقافية، والإطاحة بكل القائمين على عملية التثقيف والتنوير، وأشهرهم الدكتورة إيناس عبد الدايم، والتى كانت تتولى في ذلك الوقت منصب رئيس دار الأوبرا المصرية، وصارت فيما بعد في الموقع نفسه الذي حاول عبد العزيز استغلال سلطاته للإطاحة بها.

بدأ الاعتصام يوم الأربعاء ٥ يونيو في الواحدة ظهرا، بعد أن تمكن المثقفون من الدخول إلى مكتب الوزير في الزمالك، وطالبوا برحيل الوزير الإخوانى، وكانت أول مجموعة من المثقفين دخلت وزارة الثقافة هم صنع الله إبراهيم، بهاء طاهر، فتحية العسال، محمد العدل، سيد حجاب، ناصر عبد المنعم، والذين دخلوا لتقديم طلب لمقابلة الوزير وكانوا يعلمون بعدم وجوده بمكتبه. 

وفور دخولهم لمقر الوزارة أعلنوا اعتصامهم ومن هنا بدأ المثقفون في التوافد على مقر وزارة الثقافة بالزمالك وهرب الوزير الإخوانى بلا رجعة وتم تشكيل غرفة عمليات بمكتب الوزير بعضوية اللواء هشام فرج وكيل الوزارة لقطاع الأمن، والمقدم محمد الحسينى وأحمد شيحة وأحمد عبد العزيز وسامح الصريطى وسيد فؤاد والدكتور أحمد عواض ومجدى أحمد على، ومن الخارج كان الدكتور أحمد مجاهد والدكتور سامح مهران والدكتورة إيناس عبد الدايم، وخصصت غرفة بالمقر لإدارة الاعتصام، حيث قرر الجميع ألا يغادروا المقر إلا بعد نجاح أهدافهم.

إعتصام مثقفو مصر ضد حكم الإخوان 

واستمر الاعتصام وسط تهديدات عديدة وصلت للمعتصمين بفض اعتصامهم بالقوة، كان أشهرها تهديد أحمد المغير، أحد أشهر وجوه الجماعة، عندما حشد مجموعة من المتطرفين لفض الاعتصام، وسرعان ما انتشر الخبر، ما دفع قوات الأمن لتعزيز تواجدها أمام مكتب الوزير بالزمالك.

وكان هذا الاعتصام والمشاركون فيه من المثقفين الكبار والشباب بمثابة التمهيد الأول للثورة، والذى شجع خلال أيامه التي تجاوزت الأسابيع الثلاثة الكثير من فئات الشعب الأخرى الحانقة على محاولات الجماعة الإرهابية العبث بمقادير البلاد  واستمر الاعتصام في مظهر حضارى رائع، حيث أقيم مسرح الثورة الذى كان يشهد يوميا فعاليات فنية متعددة، منها حفلات موسيقية وغنائية وأمسيات شعرية وعروض الباليه، وغيرها من الفنون التى كان يرفضها وزير الجماعة وشهدت تلك الأيام توافدا كبيرا من المواطنين للتضامن مع المثقفين في اعتصامهم والمشاركة في فعاليات الاعتصام، في الوقت الذى قامت فيه قوات الجيش والشرطة بتأمين الاعتصام، وصد كل المحاولات الإخوانية للإضرار بالمعتصمين أو تفرقتهم.

وكانت من أشهر فعاليات الاعتصام، عندما نظم عدد من المثقفين والأدباء والفنانين، وقفة حملوا خلالها «القباقيب» للمطالبة بسحب الثقة من مرسى، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة؛ ورددوا عدة هتافات، وكان ممن شاركوا في هذه الوقفة الفنان حسين فهمى، والمذيعة هالة سرحان، والدكتور سامح مهران، والمخرج سميح منسى، والفنان هانى رمزى، والمخرج محمد خان، والكاتب يوسف القعيد، والمنتج محمد العدل، والشاعر شعبان يوسف، والكاتبة سلوى بكر، والمخرج جلال الشرقاوى، وغيرهم.

أشهر فعاليات الاعتصام

المثقفين يدركون المطامع الإخوانية 

ولأن المثقفين كانوا يدركون حقيقة المطامع الإخوانية، والتى بدت في قرار الوزير الأسبق بتغيير عدة قيادات في الوزارة بدون سابق إنذار، فقد أصدروا بيانا طالبوا خلاله القوات المسلحة، بتأمين المواقع الأثرية والثقافية، وبشكل خاص تأمين كل من دار المحفوظات، دار الكتب والوثائق القومية، هيئة المساحة المصرية، الجمعية الجغرافية، المجمع العلمى، نظرا لاحتوائها على مستندات ومخطوطات ووثائق تتعلق بأحقية مصر في حلايب وشلاتين والوثائق التى ساهمت في فوز مصر في المعركة القانونية لاستعادة طابا، وأيضًا الاتفاقيات الموقعة بين دول حوض النيل، والتى ظهرت أهميتها البالغة هذه الأيام، حيث ظهر أن الجماعة كانت على استعداد لبيع حقوق مصر في مياه النيل مقابل حفنة من الدولارات.

وكان من أهم الاسباب لمواجهة المثقفين المصريين لتيار أخونة وزارة الثقافة في 2013، خلال حكم المعزول الراحل محمد مرسي، هو اتخاذ الوزير الإخواني علاء عبدالعزيز لسلسلة من الإقالات لقيادات الوزارة آنذاك، ومن أبرزهم الدكتورة إيناس عبد الدايم، رئيسة دار الأوبرا آنذاك، والدكتور سامح مهران رئيس أكاديمية الفنون، تمهيدا لاختيار بدلاء لهم من المنتمين للجماعة الإرهابية.

حيث استمر الاعتصام قرابة الشهر ابتداء من 5 يونيو 2013 إلى 30 يونيو 2013، والتي كانت الشرارة الأولى لثورة 30 يونيو، حيث جاءت ردود الفعل رافضة وبقوة لقرارات الوزير الإخواني، واعتصم عدد كبير من المثقفين والفنانين أمام مكتب وزير الثقافة، وفي دار الأوبرا للمطالبة بإقالة الوزير المشار إليه، وحمل المحتجون لافتات غاضبة تعبر عن مطالبهم، في حين أعلن بعض الفنانين رفضهم تقديم أعمالهم الفنية تضامنا مع قرارات المثقفين، ودعما لـ«عبدالدايم».

لأول مرة يتوحد المثقفون لتوحيد هدفهم 

لأول مرة يتوحد المثقفون في ذلك الوقت، لمواجهة قرارات الوزير الإخواني للدفاع عن الهوية المصرية والثقافة المصرية ضد محاولات القضاء عليها ومحوها وتجريف الثقافة المصرية.

وكانت الدكتورة إيناس عبد الدايم، منتدبة من أكاديمية الفنون، منذ سنة وبضعة أشهر لإدارة الأوبرا، في حين أعلن بيان الوزير الإخواني أنه يريد إقالة عبد الدايم لضخ دماء جديدة في الوزارة، كما تساءل بيان الوزير عن أرباح دار الأوبرا، والتي هي بالأساس مؤسسة خدمية لنشر الثقافة والتنوير.

المثقفون الشرارة الاولي للثورة 

ومما كان مثار سخرية آنذاك ما ردده الوزير الإخواني بأن المعتصمين لا يعبرون عن الثقافة المصرية، في حين شارك في هذا الاعتصام كبار المبدعين في مختلف المجالات احتجاجا على قرار الوزير الإخواني.

وكان اعتصام المثقفين أمام وزارة الثقافة، قبل انطلاق ثورة 30 يونيو بعدة أيام في عام 2013، بمثابة الشرارة الأولى لإرهاصات الثورة المصرية التي قام بها الشعب المصري ضد حكم الإخوان، ويعتبر هذا الحدث من الأحداث البارزة فى تاريخ الثقافة المصرية، فجميع المثقفين كبارًا وشبابا على مختلف التوجهات تجمعوا في منطقة واحدة.

الغريب أن هذا الجمع الكبير من كبار المثقفين واجهه الوزير الإخوانى بتصريح أكثر غرابة، حين قال "المعتصمين بالوزارة لا يمثلون مثقفي مصر"، وكأن الوزير الإخوانى لا يعرف رموز بلده الفنية الثقافية، فالاعتصام الذى جاء ضده وضد جماعته ضم كبار المثقفين الذين مثلوا الهوية الثقافية المصرية فى العقود الأخيرة.

وظل الاعتصام مستمرا حتى 30 يونيو 2013، ولم يصبح الاعتصام لإقالة وزير ثقافة الإخوان بل تحول لثورة ضد حكم الإخوان في مصر واستطاع المثقفين خلالها إنارة طريق الحق أمام الشعب المصري لوقفتهم لأول مرة يدا واحدة لمحاربة التطرف والإرهاب.

  من اعتصام مثقفو مصر الي ثورة 30 يونيو