الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

شتاء أوروبا.. العين عليكِ يا مصر

نهى زكريا
نهى زكريا

لا يُمكن أن أنسى أبدًا نظرة الرئيس السيسى، عام 2020 للأمور عندما اشتد وطيسها، ووقتما تدخَّلت تركيا فى الشأن الليبى، الجوار الأصيل لمصر، والأمن القومى الأول لها، وقال قولته الشهيرة "إن مدينتى سرت والجفرة الليبيتين خطٌ أحمر بالنسبة لمصر"، طالبًا من حاملى الكاميرات تصوير معدات جيشنا العظيم؛ ليثبت للعالم بأننا نمتلك القوة الكافية للردع، لكننا دائمًا نختار السلام أولًا، ونمقت الدماء، والاختيار هبة يَهبها الخالق لمن يُحبه.

العالم اليوم حول مائدةٍ مستديرةٍ، بعد أن سقطت الأقنعة المتُشدِّقة بالإنسانية وحماية حقوق الإنسان، لتُصبح القوة أمامهم فى حضارة الدول، قبل أن تكون فى ترتيب جيوشها بقائمة أقوى الجيوش، فالقوة لا تكمن فى معداتٍ وأسلحةٍ صنعها بشرٌ، ولكن فى عقولٍ بأجساد لها قلوب.

تجلس مصر بدورٍ قوىٍّ على هذه المائدة الآن؛ كونها رائدة الشرق الأوسط وأفريقيا معًا، ومن الدول المرشَّحة لتكون فى الخطوط الأولى لقيادة العالم الجديد بعد حدوث تغيُّرات فى موازين القوى، وقد فُتحت مغارة علي بابا أبوابها على مصارعها لتأخذ مصر منها مكانتها الطبيعية فى كل شىء.

إن استفادة مصر فى هذا التوقيت؛ لِما تملك من خيرات وثروات طبيعية، وخبرات طويلة فى شتَّى المجالات، وأيضًا بعد حرمان بلاد القارة العجوز من الغاز الروسى، إذ بدأت الأنظار تتَّجه إلى مصر؛ للاستعانة بكنزها البترولى، وللاحتماء بدفء شمسها فى شتاء أوروبا القاتل، كما حثَّت بعض الدول مواطنيها، ومنها إنجلترا، الهروب إلى مصر، خلال الأشهر المُقبلة، للاستمتاع بجوها الصحى، خاصة فى شهرى ديسمبر ويناير، ومن هنا نقطة ومن أول السطر فى الانطلاق بقطاعنا السياحى إلى الأُفق.

يُوجد فى مصر أماكن سياحية لعلاج بعض الأمراض؛ مثل الروماتويد والصدفية بمناطق سفاجا وواحة سيوة وعيون موسى وغيرها، وهو نوعٌ مهم من السياحة، يُسمَّى طبيًا بالسياحة العلاجية، وهو مصدرٌ مهم للدخل القومى، ولجلب العملة الصعبة خلال الفترة المقبلة، يجب التركيز عليه، والعمل قدر المُستطاع على تأهيله، وتدريب القائمين عليه جيدًا؛ لتحقيق الاستفادة المُثلى منه.

أيضًا يُوجد نوعٌ آخر من السياحة يُعدُّ الأبرز للروحانيات عالميًا؛ وهو السياحة الدينية، خاصة بعد أن أعلن البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، زيارة مسار العائلة المقدَّسة بمصر، بعد أن اعتمدها كأحد معالم الحج المسيحى عام 2017، وقال فى كلمةٍ له وجَّهها إلى الشعب المصرى: "إنّى لسعيدٌ حقًّا بأن آتى صديقًا ورسول سلامٍ (وحاجًا) إلى الأرض التى قدَّمت، منذ أكثر من ألفى عام، ملجأً وضيافةً إلى العائلة المقدّسة".. والكاثوليك تخطَّى تعدادهم الآن المليار، وهناك بعض الخبراء أضافوا أنه من المُمكن زيارة ما لا يقل عن 20% منهم، مما يعنى مجىء نحو 200 مليون كاثوليكى لأراضينا، والمُميز فى حج مسار العائلة المُقدَّسة هو أنه ليس مرتبطًا بوقتٍ ولا زمنٍ مُعين، بمعنى أنه يُمكن لأى مسيحىٍّ مُمارسة طقوسه الدينية لدينا طوال العام، إضافةً إلى سياحة الآثار والشواطئ واليخوت.

الوقوف على أبواب مصر وزيارتها فى حد ذاته فخرٌ وشرفٌ لكل مَنْ يعلم مكانتها وقيمتها، وإذا كانت هذه هى النظرة لنا فى المجال السياحى فقط، فماذا عن باقي المجالات؟.. أثق أننا  قريبًا سنُقيم الأفراح، ونُعلن على الملأ وللجميع اعْتلاءنا مكانتنا التي نستحق، لكنه عامل الوقت فقط، فقليلًا ما يتفق التوقيت والحظ على إسعاد الذين يستحقون السعادة، وبلدى تستحقها وعن جدارة.

وأنهى مقالتى بحُب مصر التى وصفها حافظ إبراهيم بقوله: كم ذا يُكابِدُ عاشِقٌ وَيُلاقى فى حُبِّ مِصرَ كَثيرَةِ العُشّاقِ إِنّى لَأَحمِلُ فى هَواكِ صَبابَةً يا مِصرُ قَد خَرَجَت عَنِ الأَطواق.