تفرد صاحب "وليمة لأعشاب البحر" الكاتب حيدر حيدر، الذي وافته المنية صباح اليوم، بأسلوبه البديع في كتابة القص، فاستطاع توظيف المكان، وجعله يتحدث عن ذاته، كما أنه تميز بشخصيته المتمرد وأسلوبه المتميز في الكتابة والأسلوب، فضلا عن الموضوعات التي يتناولها في مؤلفاتهم مثلما جاء في روايته الشهيرة "وليمة لأعشاب البحر"، التي أثارت جدلًا كبيرًا، وكادت أن تسبب أزمة سياسية في مصر.
نشأة حيدر حيدر
"حيدر حيدر" ولد عام 1935 في قرية حصين البحر في محافظة طرطوس بسوريا، وقدم خلال مسيرته المهنية العديد من المؤلفات والروايات مثل رواية "الزمن الموحش"، و رواية "شموس الغجر"، وأكثر رواياته شهرةً "وليمة لأعشاب البحر".
تلقى حيدر حيدر تعليمه الإبتدائي في مسقط رأسه، وتابع تعليمه الإعدادي في مدينة طرطوس عام 1951، ثمّ تابع دراسته وتخرج من معهد المعلمين التربوي في مدينة حلب عام 1954، نُشرت أولى محاولاته القصصية بعنوان "مدارا" في مجلة محلية في مدينة حلب، وكان ذلك بعد تلقيه تشجيعًا كبيرًا من مدرسه للغة العربية والعديد من الأصدقاء المحيطين به، حيث ظهرت اهتماماته الأدبية في ثاني عام دراسي له، وبدأ بتنمية موهبته الأدبية منذ ذلك الوقت.
حيدر حيدر مدرسًا في دمشق
حيدر حيدر امتهن التدريس لفترة من الزمن بعد تخرجه، وانتقل لاحقًا إلى دمشق العاصمة بغية الاندماج مع مناخها الأدبي والتعاطي مع كتاب ومثقفين من شتّى التوجهات والاهتمامات، وكتب أولى قصصه الأدبية بعنوان "حكايا النورس المهاجر" عام 1968، ونشرت في مجلة الآداب اللبنانية التي استعان بها بداية لنشر أغلب قصصه ومؤلفاته.
كان حيدر حيدر مؤسسًا وعضوًا لاتحاد الكتّاب العرب عام 1968 وعمل في مكتبه التنفيذي، وكان مؤلف "الومض" لعام 1970، أولى منشورات هذا الإتحاد، وتابع مسيرته الأدبية في الجزائر بعد أن سافر إليها عام 1970، وعمل مدرسا في مدينة عنابة، مشاركًا في الثورة الثقافية الجزائرية.
كتابات حيدر حيدر
استغرق في كتابة أولى رواياته سبع سنين، وكانت بعنوان "الزمن المتوحش"، ونشرتها دار العودة في لبنان عام 1973، مستوحيًا مضمون الرواية من تجربته في مدينة دمشق ومناخها الثقافي والسياسي.
عمل لاحقًا كمصححٍ لغوي في لبنان، التي هاجر إليها بعد عودته إلى دمشق واستقالته من مهنة التدريس، وأضاف هناك مجموعة "الفيضان" القصصية إلى قائمة أعماله التي أصدرها اتحاد الكتاب الفلسطيني عام 1975.
حيدر حيدر في المقاومة الفلسطينية
التحق حيدر حيدر بالمقاومة الفلسطينية من خلال الإعلام الفلسطيني الموحد واتحاد الكتاب الفلسطينيين في بيروت وكان ذلك متزامنًا مع بداية الحرب اللبنانية، وخلال فترة الحرب نشرت رواية له بعنوان "التموجات والوعول"، وفصلت روايتا "الزمن المتوحش" و "الفهد" عن مجموعة حكايا النورس المهاجر ونشرتا بشكل مستقل، كما أعادت دار الحقائق في بيروت طباعة ونشر "حكايا النورس" و "الومض".
هاجر الأديب من بيروت إلى قبرص، وعمل هناك في مجلة الموقف العربي الأسبوعية في أوائل الثمانينيات، عاد بعد عامين إلى بيروت بعد أن قضى تلك الفترة مسؤولًا عن القسم الثقافي في المجلة.
عاد ثانية إلى قبرص ليعمل مسؤولًا عن القسم الثقافي في مجلة صوت البلادد الفلسطينية كردة فعل لإلغاء ورحيل المقاومة الفلسطينية عن بيروت عام 1982 بعد الاجتياح الإسرائيلي، وفي عام 1984 نشر أول طبعة لرواية "وليمة لأعشاب البحر" في قبرص، ليعود بعدها إلى سورية الوطن ليتفرغ لعمله الأدبي.
صدرت الطبعة الأولى لروايته "مرايا النار، فصل الختام" عام 1992 من دار أمواج في بيروت، أما روايته "شموس الغجر" فقد صدرت طبعتها الأولى عام 1997 من دار ورد في دمشق.