في مشهد يعكس تحولات سياسية دقيقة، شهدت العلاقة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي تغيرا لافتا خلال عام 2025.
فمن أجواء مشحونة وتصريحات محرجة خلال لقاء فبراير، انتقل الطرفان إلى نبرة أكثر هدوءا وتفاهما في اجتماع البيت الأبيض الأخير، الذي حمل إشارات إيجابية بشأن مستقبل الحرب في أوكرانيا.
من المشاحنات إلى المجاملة
التقى الرئيس ترامب، أمس الإثنين، نظيره الأوكراني زيلينسكي إلى جانب عدد من القادة الأوروبيين في البيت الأبيض، لإجراء محادثات اعتُبرت حاسمة بشأن مسار الحرب مع روسيا.
وخلافا لاجتماعات سابقة اتسمت بالتوتر، بدأ ترامب اللقاء بتوجيه الشكر إلى زيلينسكي على زيارته، مشيدا بما وصفه بـ"تقدم ملموس" في جهود إنهاء الصراع.
وقد أعرب ترامب عن استعداد بلاده للعمل مع كييف وموسكو من أجل التوصل إلى "سلام طويل الأمد"، في حين شدد زيلينسكي على ضرورة "وقف روسيا"، معلنا استعداده لحضور قمة ثلاثية تجمعه بترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
رمزية البدلة.. ورسائل السياسة
المفارقة البارزة في لقاء أغسطس كانت في التفاصيل الرمزية؛ فبينما ارتدى زيلينسكي في فبراير زيه العسكري الكامل، ما عد حينها رمزا للصمود، وأثار انتقادات وسخرية إعلامية، اختار في اللقاء الأخير بدلة بتصميم يحمل طابعا عسكريا، في محاولة للتوفيق بين احترام البروتوكول الأمريكي والحفاظ على رمزية المقاومة.
تغير اللهجة والسلوك
التحول في سلوك ترامب كان واضحا، ففي اجتماع فبراير، قاطع الرئيس الأمريكي نظيره الأوكراني مرارا، مكررا عبارات مثل: "بلدك في مشكلة كبيرة"، في حين بدا في لقاء أغسطس أكثر إنصاتا، ومنح زيلينسكي مساحة لعرض رؤيته دون مقاطعة، وهو ما اعتبره مراقبون تحولا في نهج الإدارة الأمريكية، من الضغط العلني إلى محاولة بناء أجواء تفاوضية أكثر مرونة.
مشهد متغير.. ومصالح ثابتة
وكان الاجتماع السابق في فبراير تخلله موقف أحرج الوفد الأوكراني، عندما خاطب نائب الرئيس جيه دي فانس زيلينسكي بقوله: "قل كلمة شكر للولايات المتحدة"، ما أثار استياء كييف.
أما في اللقاء الأخير، فقد بادر زيلينسكي نفسه بتقديم الشكر لترامب، في خطوة فسرها البعض على أنها محاولة من كييف لتلطيف الأجواء وتفادي الاصطدام.
بين هذين المشهدين، بدا واضحا أن العلاقة بين واشنطن وكييف تمر بمرحلة إعادة ضبط وتقييم، إذ تحاول إدارة ترامب استخدام ورقة الضغط لدفع أوكرانيا نحو تسوية مع موسكو، بينما يسعى زيلينسكي للموازنة بين التمسك بموقفه من الحرب والحفاظ على الدعم الغربي، الذي لا تزال أوكرانيا تعتمد عليه سياسيا وعسكريا.