الماء من ضروريات الحياة، ولكن كما هو الحال مع كل شيء، فإن الإفراط فيه قد يُصبح مشكلة، في حين أن الجفاف يُشكل تهديدًا واضحًا للصحة، فإن فرط الترطيب حالة خطيرة بنفس القدر تمر دون أن تُلاحظ. تتأثر الكليتان، اللتان تُمثلان نظام الترشيح الطبيعي للجسم، بشكل مباشر عند دخول الماء الزائد إلى مجرى الدم، وهذا يُثير سؤالًا مهمًا: ما هي كمية الماء الآمنة فعليًا، ومتى يتحول "الترطيب الصحي" إلى "زيادة ضارة"؟
الوظيفة الحقيقية للكلى: تحقيق التوازن، وليس فقط الترشيح
الكلى ليست مجرد مرشحات، بل هي منظمات، فهي تحافظ بعناية على توازن الماء والأملاح والمعادن في الجسم، شرب الكثير من الماء يُخفِّف مستويات الصوديوم في الدم، وهي حالة تُعرف بنقص صوديوم الدم ، عندما تنخفض مستويات الصوديوم بشكل كبير، تُجبر الكلى على العمل لساعات إضافية، ويضطرب توازن السوائل الدقيق في الجسم، لا يظهر هذا الضغط فورًا، ولكنه قد يُسبب ضغطًا طويل الأمد على وظائف الكلى.
ما هو القدر الكافي؟
لا توجد قاعدة واحدة لشرب 8 أكواب تناسب الجميع، تختلف احتياجات السوائل باختلاف مستويات النشاط، والمناخ، والعمر، والصحة العامة. في المتوسط، تستطيع كلى البالغين الأصحاء معالجة ما بين 0.8 و1 لتر من الماء في الساعة، ولكن أي كمية أكبر من ذلك قد تُرهق الجسم، تشير الأبحاث إلى أن تناول ما بين 2.5 و3.5 لتر من إجمالي السوائل يوميًا (من الماء والفواكه والطعام) يُبقي معظم البالغين في نطاق الأمان.

عندما يصبح شرب الكثير من الماء خطيرًا
لا يقتصر فرط الترطيب على كثرة الذهاب إلى الحمام، ففي الحالات القصوى، قد يُسبب الإفراط في شرب الماء تورمًا في الدماغ، وغثيانًا، وارتباكًا، وحتى نوبات صرع . على سبيل المثال، يُصاب الرياضيون أحيانًا بالتسمم المائي عند تعويض السوائل دون موازنة الإلكتروليتات أثناء التمارين الشاقة، وبالنسبة للأشخاص الذين يعانون من مشاكل سابقة في الكلى أو القلب، قد يُفاقم فرط الترطيب التورم، وتقلبات ضغط الدم، واحتباس السوائل بشكل خطير.
الترطيب
الترطيب لا يقتصر على شرب كميات كبيرة من الماء العادي، فتناول الأطعمة الغنية بالماء، مثل الخيار والبرتقال والبطيخ، يُضيف السوائل والمعادن القيّمة للجسم، كما تُوفر شاي الأعشاب وماء جوز الهند واللبن الرائب الإلكتروليتات التي يفتقر إليها الماء العادي، كما أن توزيع شرب الماء على مدار اليوم، بدلًا من شرب كميات كبيرة دفعة واحدة، يُخفف من إجهاد الكلى، حتى درجة حرارة الماء، سواءً كانت باردة قليلًا أو بدرجة حرارة الغرفة، تُسهّل امتصاصه مقارنةً بالرشفات الباردة جدًا.

لماذا التوازن مهم؟
في أحاديث مع أشخاص جربوا "تحديات التخلص من سموم الماء"، اعترف كثيرون منهم بشعورهم بالتعب والانتفاخ والدوار بدلًا من الانتعاش، تُبرز هذه التجربة حقيقةً مُغفَلة، وهي أن الترطيب ليس مُنافسةً، التوازن هو ما يحتاجه الجسم، والكلى تُذكرنا به سرًا كل يوم.
المصدر: timesofindia