قناة صدى البلد البلد سبورت صدى البلد جامعات صدى البلد عقارات Sada Elbalad english
english EN
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
طه جبريل

حكم إفشاء الطبيب سر المريض إذا خشي الضرر على الآخرين.. الإفتاء تجيب

حكم إفشاء الطبيب سر المريض إذا خشي الضرر على الآخرين
حكم إفشاء الطبيب سر المريض إذا خشي الضرر على الآخرين

تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: هل يجوز للطبيب أن يفشي سر المريض إذا خشي الضرر على الآخرين؟

وأجابت الإفتاء عن السؤال قائلة: الأصل حرمة إفشاء الطبيب أسرار مرضاه التي اطلع عليها بحكم مهنته ما لم توجد ضرورة تستوجب ذلك، فإن وجدت ضرورة بأن تيقّن وقوع ضرر جسيم يتعدى إلى الغير فيجب عليه إبلاغ السلطات المعنية برفع ذلك، ولا يكون بذلك خائنًا للأمانة التي اؤتمن عليها في حفظ أسرار مرضاه، مع مراعاة ألا يتعدى في الإفشاء إلى غيرهم، وإلا عُد خائنًا للأمانة آثمًا.

حكم إفشاء الطبيب سر المريض إذا خشي الضرر على الآخرين
وأوضحت أنه لا يجوز للطبيب ومن في حكمه إفشاءُ أسرار المريض وإلا عُد خائنًا للأمانة آثما، وهذا هو الأصل، إلا أنه قد يطرأ بعض الاستثناءات لبعض الحالات يسوغ فيها للطبيب البوح بأسرار المريض دون أن يكون مخلًّا بالتزام الحفاظ على سر المريض، وكان يترتب على ذلك تحقيق مصلحة أو درء مفسدة، ومنها الخوف على الآخرين وهو محل السؤال، كأن يكون المريض مصابًا بمرض وبائي يخشى معه الانتقال إلى الغير وتفشي المرض في المجتمع.

وتابعت: أو يكون المريض قد قام بعمل إجرامي وأصيب أثناء القيام بهذا العمل ولجأ إلى الطبيب ليعالجه، وغير ذلك من الحالات التي يتيقن فيها وقوع الضرر على الغير، ففي مثل هذه الحالات يجب على الطبيب أن يخبر الجهات المختصة بذلك لاتخاذ التدابير اللازمة للحد من وقوع الضرر على الغير، ولا يعد ذلك إخلالًا بالالتزام بحفظ أسرار المرضى ولا خيانة للأمانة؛ وذلك عملًا بقاعدة: يتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام؛ قال العلامة ابن نجيم الحنفي في "الأشباه والنظائر" (ص: 74، ط. دار الكتب العلمية) [يتحمل الضرر الخاص لأجل دفع ضرر العام] اهـ.

وحيث إن تبليغ الطبيب بمثل هذه الأمور فيه حفظ لأمن واستقرار المجتمع، والذي يعد الإخلال بهما ضررًا عامًّا تجب إزالته، وإفشاء سر المريض في مثل هذه الحالات ضرر خاص وهو أدنى من العام، فلا يلزم مراعاته بتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام.

والإبلاغ بحالة المريض في هذه الحالة للجهات المختصة فيه مصلحة شرعية معتبرة؛ لأنه يتعلق بالمصلحة العامة، وفيه درء للمفاسد، وقد جوَّز الفقهاء ذكر مساوئ الغير إذا كان ذلك فيه إزالة ضرر كبير، وجلب مصلحة عظيمة، ولا يكون ذلك وقوعا في الغيبة المحرمة.

قال الإمام النووي في "شرحه على صحيح مسلم" (2/ 113، ط. دار إحياء التراث): [وكل هذا المذكور في النميمة إذا لم يكن فيها مصلحة شرعية، فإن دعت حاجة إليها فلا منع منها؛ وذلك كما إذا أخبره بأن إنسانا يريد الفتك به أو بأهله أو بماله أو أخبر الإمام أو من له ولاية بأن إنسانا يفعل كذا ويسعى بما فيه مفسدة، ويجب على صاحب الولاية الكشف عن ذلك وإزالته، فكل هذا وما أشبهه ليس بحرام، وقد يكون بعضه واجبا وبعضه مستحبا على حسب المواطن والله أعلم] اهـ.

ونصت المادة (5) من لائحة مهنة الأطباء في مصر لعام 2003م برقم 238 أن على: [الطبيب أن يبلغ السلطات الصحية المختصة عند الاشتباه في مرض وبائي حتى تتخذ الإجراءات الوقائية لحماية المجتمع] اهـ.

كما نصت المادة (30) من لائحة آداب مهنة الأطباء في مصر الصادرة برقم 238 لعام 2003م على أنه: [لا يجوز للطبيب إفشاء أسرار مريضه التي اطلع عليها بحكم مهنته إلا إذا كان ذلك بناء على قرار قضائي أو في حالة إمكان وقوع ضرر جسيم ومتيقن يصيب الغير أو في الحالات الأخرى التي يحددها القانون] اهـ.

كما نصت المادة (33) من لائحة آداب المهنة في مصر على أنه: [يجب على الطبيب إبلاغ الجهات المختصة عن الإصابات والحوادث ذات الشبهة الجنائية مثل حالات الإصابة بأعيرة نارية أو جروح نافذة أو قطعية أو غيرها مع كتابة تقرير طبي مفصل عن الحالة وقت عرضها عليه، ويمكن للطبيب دعوة زميل آخر للمشاركة في مناظرة الحالة وكتابة التقرير] اهـ.

ويجب التنبيه أنه في مثل هذه الحالات وغيرها التي يسوغ فيها الإخبار عن أسرار وحالة المريض، أن يكون الإخبار قاصرًا على الجهات المعنية بذلك دون أن يتعدى إلى غيرها؛ لأن إفشاء سر المريض في هذه الحالة من باب الحاجة، والحاجة تنزل منزلة الضرورة، والضرورة تقدر بقدرها، ومن ثمَّ إذا أفشى الطبيب أسرار المريض لغير الجهات المعنية بذلك، عُد خائنًا للأمانة، ومخلًّا بواجبه بعدم التزامه حفظ أسرار مرضاه، ومعرضا نفسه للمسؤولية.