قالت الدكتورة مريم عبد الجواد، عضو مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، إن ظاهرة استغلال بعض العائلات لأطفالهم على منصات التواصل الاجتماعي، وتحويل تفاصيل حياتهم الخاصة إلى محتوى من أجل تحقيق الشهرة والربح، باتت تشكل تهديدًا مباشرًا للقيم الأسرية والمجتمعية.
وأوضحت أن منصات السوشيال ميديا غيّرت أولويات كثير من الأسر، حيث أصبح المكسب السريع هو الهدف الأول، حتى وإن كان ذلك على حساب التربية والتعليم.
وأضافت خلال لقائها بأحد البرامج التلفزيونية، أن هذه الظاهرة بدأت تدريجيًا مع ظهور تطبيقات الفيديو القصير مثل "فاين"، ثم أخذت في الانتشار بقوة مع "تيك توك"، ومع فترة الجائحة تزايد الاعتماد على إنتاج محتوى شخصي وعائلي بغرض الترفيه، ليتحوّل بعد ذلك إلى وسيلة لتحقيق أرباح طائلة وجذب الإعلانات.
وأشارت إلى أن هذا الأمر دفع كثيرًا من الأسر إلى إشراك أبنائهم بشكل مبالغ فيه في صناعة المحتوى الرقمي.
وبيّنت عبد الجواد أن تعويد الطفل منذ صغره على أن يكون مادة تصوير أو أن يظهر بشكل متكلف أمام الكاميرا يؤدي إلى تغيرات سلبية في تكوينه النفسي، حيث يُحرم من عيش طفولته الطبيعية المليئة باللعب والتعلم، وينشغل بدلاً من ذلك بالتصوير والتمثيل.
وحذرت من خطورة هذا النمط على المدى الطويل، مؤكدة أن بعض المحتويات التي تُقدّم عبر هذه المنصات تعتمد على السخرية من الآخرين أو نشر مقاطع تافهة هدفها الوحيد الحصول على مشاهدات وإعجابات، وهو ما يغرس قيمًا مشوهة لدى الأطفال والمراهقين، ويجعلهم يربطون النجاح بلفت الأنظار لا بالاجتهاد أو التعليم.
كما أكدت أن هذه الظاهرة تضعف من مكانة التعليم لدى الأجيال الجديدة، إذ أصبح العديد من المراهقين يصرّحون بأن طموحهم الأكبر أن يصبحوا "بلوجرز" أو صناع محتوى، بدلاً من السعي لتحقيق أحلامهم في مهن علمية مرموقة كالطب أو الهندسة.