أصدر مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية بيانًا وجّه فيه تحذيرًا شديد اللهجة للأهالي من خطورة تجاهل تعرض أبنائهم للتنمر داخل المدارس أو في محيطهم الاجتماعي، مؤكدًا أن هذا الإهمال قد يترك آثارًا نفسية وسلوكية بالغة الخطورة على الأطفال، مشيرًا إلى أن هناك علامات واضحة يمكن من خلالها معرفة ما إذا كان الطفل يعاني من التنمر أو لا.
وأوضح المركز أن من أبرز هذه العلامات أن يبدأ الطفل في الشكوى من أمور لم يكن يلاحظها من قبل، كأن يتحدث عن عيب في شكله أو اسمه أو عن مكان يرفض الذهاب إليه دون سبب ظاهر، إلى جانب ظهور تغيرات ملحوظة في سلوكه العام، كالتوتر والعصبية، والتعلق الزائد بالوالدين، وتغير عاداته اليومية مثل امتناعه عن تناول الطعام في أماكن معينة أو رفضه السير في طريق محدد، إضافة إلى التراجع المفاجئ في مستواه الدراسي، وضعف التركيز بشكل لافت.
وأضاف البيان أن هناك إشارات أخرى تدل على معاناة الطفل من التنمر، منها انعزاله واعتكافه في غرفته لفترات طويلة، ورفضه مشاركة أسرته الجلوس أو تناول الطعام، وإطالته لفترات الصمت، وميله للموافقة على كلام الآخرين دون مناقشة أو إبداء رأي، وتنازله الدائم عن مصروفه أو ألعابه لأحد إخوته أو زملائه، مع ملاحظة تلعثمه أثناء الكلام وشعوره الدائم بالفشل أو النقص. كما قد تظهر على جسده كدمات أو جروح مجهولة السبب، أو تتلف كتبه وأدواته دون تفسير واضح، إلى جانب استيقاظه من نومه فزعًا أو شكواه المتكررة من الكوابيس.
وبيّن مركز الأزهر أن التعامل الصحيح مع حالات التنمر يبدأ من تفقد الأبناء ومتابعتهم باهتمام وهدوء، مع ضرورة الاستماع لهم دون توتر أو تسرع في الحكم، موضحًا أن على الوالدين تعليم أطفالهم الثقة بالنفس وتنمية مهاراتهم الاجتماعية وقدرتهم على مواجهة المواقف بحكمة، دون إشعارهم بالذنب أو اللوم على ما يتعرضون له، لأن ذلك يجعل الطفل أكثر انطواءً وضعفًا ويمنعه من الحديث عمّا يمر به.
وأكد المركز أن من المهم أن يتعلم الطفل كيف يتصرف بحزم ووعي في المواقف الصعبة، وكيف يستخدم أسلوب المرح والذكاء للتخلص من المواقف الحرجة دون عنف أو خوف، وأن يطلب المساعدة من الأشخاص المعنيين مثل المعلمين أو مديري المدرسة، مشددًا على أهمية إرشاد الأطفال إلى تجنب الأماكن المنعزلة أو الأوقات التي قد يحدث فيها التنمر، وأن يحرصوا على التواجد في أماكن قريبة من تجمعات الطلبة أو غرف المعلمين والإداريين.
كما دعا المركز أولياء الأمور إلى زيارة المدارس بشكل دوري والتحدث مع الإدارة حول ما يواجهه الطفل، وطلب متابعتهم الدقيقة له، مع الحرص على إشراكه في أنشطة رياضية واجتماعية وثقافية داخل المدرسة وخارجها، لأن هذه الأنشطة تساعد على بناء شخصيته وتعزيز ثقته بنفسه وقدرته على تكوين صداقات صحية ومتوازنة.
واختتم مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية بيانه مؤكدًا أن مواجهة ظاهرة التنمر لا تقتصر على الطفل وحده، بل هي مسؤولية مشتركة بين الأسرة والمدرسة والمجتمع، وأن الدعم النفسي والمتابعة المستمرة هما أساس حماية الأبناء من الانعزال والخوف، وبداية بناء جيلٍ سليمٍ نفسيًا وسلوكيًا، قادر على التفاعل بإيجابية في مجتمعه.



