قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف إن رسول الله ﷺ أرشدنا إلى أن نسير وراء سنته، وأن نهتدي بهديه، فقال: «فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضّوا عليها بالنواجذ».
وتابع عبر صفحته على فيس بوك: وخلف بعده خلفاءُه: سيدنا أبو بكر، وسيدنا عمر، وسيدنا عثمان، وسيدنا عليّ رضي الله عنهم، وخلفهم من بعدهم علماءُ الصحابة الكرام؛ فتحوا البلدان، وبلّغوا عن رسول الله ﷺ ما فهموه وما تربّوا عليه على يديه ﷺ، فكانوا خير قومٍ أُخرجوا للناس. رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
وجاء منهم عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه إلى مصر، ففتحها، وأحسن النصح لأهلها، وكل من دخل الإسلام من أهل مصر فهو في ميزان حسناته إلى يوم القيامة.
وأشار الى أن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه خطب الناسَ مرةً فقال:
«يا معشر الناس» — وكلمة "يا معشر الناس" كلمة تنبيه، والتفات، وتحذير — أي: استمعوا لي. وهو ينصحهم ويعطيهم من حكمته وفهمه لشريعة الله وكيفية تطبيقها في واقع الناس.
قال: «إيّايَ وخِلالًا أربعًا» -لأن المعدود إذا تقدّم جاز تذكيره وتأنيثه- «إيّايَ وخلالًا أربعًا؛ فإنها تدعو إلى النَّصَب بعد الراحة، وإلى الضيق بعد السَّعة، وإلى المذلّة بعد العزّ».
نصائح وتحذيرات من عمر بن العاص لأهل مصر
ثم أعاد التحذير فقال: «إيّايَ وكثرةَ العيال، وإخفاضَ الحال، وتضييعَ المال، والقيلَ والقال، من غير دركٍ ولا نوال ».
أورده الدارقطني بسنده في "لمؤتلف والمختلف"، وابن عبد الحكم في "فتوح مصر" بسنده إلى عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنه.
وهنا يحذّرنا عمر بن العاص من أربعٍ هكذا فهم الشريعة، وهكذا نصحنا كيف نُطبّقها في حياتنا.
لماذا نصح عمرو بن العاص أهل مصر بذلك
وقال بعض العلماء: بناءً على الخراج والعشور التي كانت تُجبى من مصر، أن مصر في هذا الوقت بلغ سكانُها نحو عشرين مليونًا. وهذا العدد يكفي لعمارة الأرض، وعبادة الله، وحياة الرفاهية والسعادة، وتطبيق الدين. فنبّههم عمرو رضي الله عنه وقال: "إيّاي وكثرة العيال".
وكان ابن عباس رضي الله عنهما يقول: «كثرة العيال أحدُ الفقرين، وقلة العيال أحد اليسارين».
ونوه بأن كثرة العيال نعمة، ولكنها مسؤولية؛ يجب عليك أن تُحسن إليهم، وأن تُربيهم، وأن تُخرجهم على التقوى.
وينبغي ألا نُكثر الأولاد حتى لا نصل إلى «الغُثاء الأحوى» الذي حذّر منه رسول الله ﷺ؛ فهو يريد كثرةً قويّةً مؤمنة، فقال ﷺ: «تزوجوا، تكاثروا، فإني مباهٍ بكم الأمم يوم القيامة».
أيُباهِي ﷺ بالأقوياء الأتقياء الأنقياء، أم بالضعفاء الذين لا يُقيمون دينًا ولا حضارة؟
وقال ﷺ: «يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة على قصعتها». قالوا: أمن قلّة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: «أنتم يومئذ كثير، ولكن غثاء كغثاء السيل...» الحديث.
واختتم جمعة كلامه قائلا: فأحسن عمرو بن العاص النصيحة فقال: “إيّاي وكثرة العيال”، فوكثرة العيال تؤدي إلى اضطراب في المجتمع، فينتشر الفقر، وتقلّ المؤونة، وهذا هو «إخفاض الحال».



