أجاب الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بـ دار الإفتاء المصرية، عن سؤال حول حكم خلع الساعة أو الخاتم أثناء الوضوء، خوفًا من عدم وصول الماء إلى ما تحتهما، وما إذا كان ذلك واجبًا أم لا.
حكم خلع الساعة أو الخاتم أثناء الوضوء
وأوضح أمين الفتوى بـ دار الإفتاء المصرية، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الثلاثاء، أن الأصل في الوضوء هو تعميم الماء على أعضاء الوضوء، بحيث يصل الماء إلى جميع أجزاء العضو، مؤكدًا أن هذا هو المقصود الشرعي من الغسل في الوضوء.
وبيّن أمين الفتوى بـ دار الإفتاء أن الساعة أو الخاتم إذا كانا ضيقين ويمنعان وصول الماء إلى ما تحتهما، فيجب تحريكهما حتى يصل الماء إلى الجلد، مستشهدًا بما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه أمر بإعادة الوضوء لمن رأى في قدمه لمعة لم يصبها الماء، مما يدل على وجوب استيعاب العضو بالماء.
هل يجب خلع الخاتم أثناء الوضوء؟
وأشار أمين الفتوى بـ دار الإفتاء إلى أن تحريك الخاتم ورد في بعض الروايات عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، سواء ثبت أنه كان يحرك خاتمه أو لم يثبت، فإن المعنى العام واضح، وهو الحرص على وصول الماء إلى جميع أجزاء العضو، وهذا هو المقصد الأساسي.
وأكد أمين الفتوى بـ دار الإفتاء أن خلع الساعة أو الخاتم ليس واجبًا طالما أمكن تحريكهما ووصل الماء إلى ما تحتهما، موضحًا أن المطلوب من المتوضئ هو الاجتهاد في إيصال الماء، لا المشقة أو التعقيد، فإذا تحقق وصول الماء صح الوضوء ولا حرج عليه.
هل طين الشوارع نجس وينقض الوضوء؟
وفي إطار بيان الأحكام الشرعية، أكدت دار الإفتاء أن طين الشارع الأصل فيها الطهارة، فإذا أصاب الوحلُ المصلي في بدنه أو ثيابه أو حذائه فهو طاهر، ما لم تكن عَيْنُ النجاسة ظاهرة فيه، فيجب حينئذ إزالتها، أمَّا إذا لم ير عينها فمعفو عنها ولا يلزم المكلف شيء بخصوصها، وفي كل الأحوال لا تكون إصابته بالطين ناقضًا للوضوء أو موجبًا له بحالٍ من الأحوال.
أثر طين الشوارع على صحة الوضوء
وأكدت دار الإفتاء، في فتوى رسمية على موقعها الإلكتروني، أنه إذا أصاب المسلمَ شيء من طين الشارع بعد سقوط المطر، فالأصل في الطين الناتج عن امتزاج تراب الأرض مع مياه الأمطار الطهارة؛ لِأَنَّه اختلاط مَاءٍ طَاهِرٍ بِتُرَابٍ طَاهِرٍ؛ لقوله تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾ [الفرقان: 48].
واستشهدت دار الإفتاء بآراء عدد من العلماء ومنهم:
قال الإمام البَغَوِي في "معالم التنزيل" (3/ 448، ط. دار إحياء التراث العربي): [﴿وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا﴾، والطهور هو: الطاهر في نفسه الْمُطَهِّرُ لغيره، فهو اسم لما يُتَطَهَّرُ به] اهـ.
وروى سيدنا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قال: «أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي... وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصَّلاَةُ فَلْيُصَلِّ» متفق عليه.
حكم الوضوء بعد الإصابة بطين الشوارع
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (1/ 438، ط. دار المعرفة): [اسْتُدِلَّ به على أنَّ الطَّهُورَ هو الْمُطَهِّرُ لغيره؛ لِأَنَّ الطَّهُورَ لو كان المراد به الطاهر لم تثبت الخصوصية، والحديث إنما سِيقَ لإثباتها] اهـ.
فإذا هَمَّ الْمُكَلَّفُ بأداء الصلاة وقد أصاب ثيابه أو بدنه هذا الْوَحْلُ؛ فصلاته صحيحة ووضوؤه باقٍ؛ لأن الأصل طهارة طين الشوارع ولا نخرج عن هذا الأصل إلا بيقين.
أمَّا إذا كان الطين مختلطًا بنجاسةٍ ظاهرةٍ عَيْنُهَا: وَجَبَ على الْمُكَلَّفِ إزالة عين النجاسة التي عَلِقَتْ بثيابه أو بدنه، وغَسْلُ محلها ما أمكن ذلك، ولا تُؤَثِّرُ إصابة النجاسة في وضوء الْمُكَلَّفِ؛ إذ ليست النجاسة من نواقض الوضوء، فلا ينتقض بها.
قال الإمام الشُّرُنْبُلَالِي الحنفي في "مراقي الفلاح" (ص: 66، ط. المكتبة العصرية): [وردغة الطين والوَحْل الذي فيه نجاسة عفو، إلا إذا علم عين النجاسة للضرورة] اهـ.







