فرصة تاريخية للإخوان
وصلنا جميعا الآن الي مفترق طرق,بعد أن تأكد الشعب أن ثورته تضيع من بين يديه,رغم أن الاشارة قد جرت الي ذلك كثيرا لكننا لم ننتبه,فمحاكمة رأس النظام السابق ورجال دولته لم تكن لتتم لولا مليونيات التحرير,كما أن خوض نائب رئيس الجمهورية السابق وآخر رئيس وزراء مبارك للانتخابات الرئاسية كانت اشارة قوية علي أن من بيدهم السلطة يريدون تحويل الدفة الي مسار غير مسار الثورة,ثم جاء الحكم الصادم علي مبارك وكبار مساعدي وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي ليخرج العقل من الرأس,فهل هناك عاقل في مصر عاش علي أرضها طوال السنوات العشر الأخيرة فقط,لا يعرف كيف تمكنت الدولة البوليسية من كل أركان الوطن,عندما كانت مصر تصحو وتنام علي أعتاب أبواب مباحث أمن الدولة,وجر اعتقال الآلاف -دون ذنب- في زنازين مقراتها، وهناك من قتل غدرا وغيلة,هل من العدل أن يحصل مدير مباحث أمن الدولة لهذا النظام الفاسد علي البراءة,بل إنه بهذا الحكم,يحق له أن يعود الي عمله معززا مكرما ويحصل علي مستحقاته المالية التي توقفت عند دخوله السجن بل ربما يختاره الفريق احمد شفيق وزيرا للداخلية حال وصوله للحكم.
نزل آلاف المصريين الي ميدان التحرير وميادين أخري بالجمهورية,في السويس والإسكندرية للبحث عن حل,وقد غابت القيادة الواعية الجامعة لكل هؤلاء الغاضبين الثائرين المملوئين قهرا وسخطا,لذا فإنني أري أن أمام جماعة الإخوان المسلمين ممثلة في حزبها السياسي (الحرية والعدالة) فرصة تاريخية –قد لا تتكرر- وأعني بها اللحظة الراهنة التي بات الكل فيها غضبان,وقناعتي أن جماعة الإخوان المسلمين هي الفصيل السياسي الوحيد الذي يمتلك خبرات سياسية وقدرات تنظيمة كبيرة,كما أنه حاصل علي الأكثرية البرلمانية ولديه مرشح في جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية,لذا فإن الاخوان هم المؤهلون الآن بحكم الصفات السابقة لجمع شمل القوي السياسية مثلما كانوا جميعا في 11 فبراير,وهي فرصة جيدة أمام الإخوان كي تصحح خلالها عددا من الأخطاء التي ارتكبتها أثناء الفترة الانتقالية,وتثبت للجميع أنها ستكون بمثابة الوعاء السياسي الذي يضم كافة القوي الوطنية ويحتويه بشرط اعلاء مصالح مصر العليا علي المصالح الحزبية الضيقة,كما أن هذا الاجتماع يجب أن يحتوي علي جدول أعمال محدد,له رأس وقدمان,وألا يتم خلاله طرح قضايا خلافية,فالوطن في خطر كما أن الثورة يجري انتهاك شرفها والدهس علي ذكري الشهداء بالأحذية.
هذا الاجتماع الذي نقترحه ليس دعوة لدعم محمد مرسي بل هو محاولة للخروج من النفق المظلم الذي وصلنا اليه جميعا بسبب أخطائنا,انني أرجو من القوي السساسية والثورية أن تجتمع علي كلمة سواء لصالح هذا الوطن وتشكيل مؤسساته التي جري هدمها بشرط تمثيل ومشاركة كل أطياف المجتمع,والبدء فورا في تشكيل جمعية وطنية للدستور وتشكيل حكومة ائتلافية، والمساعدة في تقديم أدلة الإدانة بحق رجال النظام السابق,وبعث الأمل في نفوس الناس المحبطة.
مصر تنتظر هذا الاجتماع,وقرارته,والكرة في ملعب الاخوان بصفته الفصيل الأكبر,فهل تضيع تلك الفرصة التاريخية من بين يديه؟.