عبقريته الإبداعية أسهمت في تطوير الفن الشعبي والانتقال به من المحلية إلى رحابة العالمية.. هو الفنان محمود رضا، الذي حرص خلال مسيرته الفنية وتأسيسه لفرقة رضا للفنون الشعبية والاستعراضية على إظهار الهوية المصرية في أبهى صورها، وهى الفرقة التى باتت منذ لحظة ميلادها حارسا للتراث وسفيرا للفنون الشعبية المصرية.
غيب الموت الفنان محمود رضا فى العاشر من يوليو 2020 عن عمر ناهز الـ 90 عامًا بعد حياة
فنية حافلة، وهو ما دفع وزارة الثقافة لإقامة
احتفالية فنية كبرى مساء اليوم تخليدا لذكراه وتقديرا لمسيرته وعطائه الفني المتميز.
وُلد محمود رضا في القاهرة يوم 11 نوفمبر من عام ١٩٣٠، بدأ
مشواره الفني عقب تخرجه في كلية التجارة جامعة القاهرة عام ١٩٥٤، وأسس مع شقيقه
الأكبر "علي" وفريدة فهمى زوجة اخيه، فرقة رضا للفنون الشعبية التى
قدمت أولى عروضها على مسرح حديقة الأزبكية في شهر أغسطس من عام ١٩٥٩ وبلغ
عدد أعضائها عند التأسيس 26 راقصًا وراقصة، و١٣ عازفًا، وتوالت أعمال الفرقة
الناجحة من خلال استعراضات صممها الفنان الراحل من فنون الريف والسواحل والصعيد،
ما أدى إلى زيادة شعبية الفرقة داخل وخارج مصر.
وعن بداية فكرة تكوين فرق رضا للفنون الشعبية تحدث محمود رضا في لقاء صحفى نادر قائلا: "إن هذه الخطوة جاءت عن طريق الصدفة، وأنه أثناء دراسته في كلية التجارة ذهب للمسرح ليشاهد إحدى عروض الرقص الفولكلوري، والذي كانت تقدمه فرقة من الأرجنتين فأعجب بالعرض كثيرا وبعد انتهاء هذا العرض ذهب خلف أعضاء الفرقة ليسلم عليهم ويعبر لهم عن مدى إعجابه برقصهم.
وأضاف أنه "عندما عرفت هذه الفرقة أنه
يرقص جربوه وعجبهم فضموه للفرقة ورقص معاهم في القاهرة والإسكندرية، كما سافر
معهم إلى روما، باريس، وكان يقبض ما يعادل 2 جنيه مصري كان يدفعهم في دروس الباليه وأثناء سفره في باريس خطرت
على باله فكرة أنه بدل ما يرقص رقص فولكلوري أرجنتيني يؤسس فرقة في مصر للرقص
الشرقي الفولكلوري للمحافظة على التراث المصري".
تعطل محمود رضا في تكوين الفرقة بسبب انتقاله للعيش في
مدينة السويس، ولكن المفاجأة عندما جاء جواب من الأديب يحيى حقي بصفته رئيس مصلحة
الفنون طلب منه المشاركة في دور البطولة الراقصة في أوبريت ياليل ياعين الذي
أنتجته وزارة الثقافة، وشارك بالفعل في
هذا الأوبريت العديد من نجوم الصف الأول مثل نعيمة عاكف، كارم محمود، شهرزاد،
مايسترو الأوركسترا عبد الحليم نويرة، المخرج زكي طليمات، واستمر هذا العرض أربعة
أشهر في دار الأوبرا المصرية ونجح نجاحا كبيرا وبعد انتهاء محمود رضا من أوبريت
ياليل ياعين انشغل في تكوين فرقته بالتعاون مع شقيقة الاكبر على.
ولم يعتمد الفنان الراحل محمود رضا على الحركات والموسيقى
فقط في رقصة، فصرح في إحدى لقاءاته الصحفية أنه لم يقدم رقص للتسلية ولكن كان يقدمه على شكل
ثقافة تلخص تراث مصر وتاريخها وواقعها، و أنه عمل جهد ضخم كمصري متنور يفتخر بمصر
وتاريخها لكي يحافظ ويعرض تراثها الشعبي على العالم وعلى المصريين أنفسهم ، و سافر
لمناطق كثيرة في أنحاء مصر لكي يتعلم و يفهم و ينقل.
وقدم محمود رضا رقصات واستعراضات كثيرة من وحي البيئة
المصرية الشعبية وظهرت في رقصاته الطبول والمزمار الصعيدى كما اعتمد في الظهور
على الفلاحة المصرية و الصيادين والمراكبية وغيرهم، كما صمم رقصات عن بياع
العرقسوس والمراكبي والنوبة وبدو الصحراء وغيرهم وكلها رقصات استوحاها من
بيئتها الأصلية في جميع أنحاء مصر.
حصل محمود رضا على العديد من الجوائز والتكريمات وأهمها الميداليات الذهبية والجائزة الأولى عن رقصات “النوبة” و”يا مراكبي” في المهرجانات العالمية، كما حصلت الفرقة على العديد من الشهادات التقديرية في جميع العروض الداخلية والخارجية وما زالت تشارك في العديد من المناسبات الفنية والقومية والعالمية والمؤتمرات والمهرجانات الدولية.