الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

مريم عيسي تكتب: مين ما بيحبش «حماقي»!

صدى البلد

 

أن تؤدي مهام عملك فأنت شخص رائع، لكن ماذا لو صممت أذنيك وأغمضت عينيك عن شخص يختلس دقائق من المتعة ,وانخرطت أنت مؤديًا مهام وظيفتك الجسام!
قبل أيام وصلتني دعوة لحضور حفل للمطرب الشاب محمد حماقي في أحد الجامعات الخاصة، ولمَ لا وأنا مثل الكثيرين أحب هذا الصوت الشاب، ترددت في البداية لأن الحفل أغلب حضوره من طلاب الجامعة وربما سيمنحهم فارق السن ميزة الاستمتاع، بينما أجلس أنا على طاولة أراقبهم، لكني ذهبت في النهاية طلبًا لساعات من المتعة ربما تنهي أيامًا شاقة.
سارت الأمور كعادتها في مثل هذه الحفلات ساعات من التأخير وبعض الارتباك، لكن مرت جميعها بسلام وبدأ الحفل الذي امتدت أجوائه للشوارع المجاورة للجامعة إلى أن تفرغ أحد أفراد أمن الجامعة لمراقبة أنامل لشاب تسللت بهدوء عبر سور الجامعة رافعًا هاتفه المحمول من أجل تصوير الحفل دون أن يطل برأسه خوفًا من أن تنفضح غايته، ربما تخيل لو أتم مهمته خلسة وجلس مع أصدقائه يقص ليهم كيف شاهد حماقي؟ أو سيترك فيديو الحفل على هاتفه، يخفف عنه في لحظات 
راقبت يد الشاب ولم أفهم، فقط كان حارس الجامعة يتربص له بداخل الحفل بهدوء كمن ينتظر أن يظفر بهدف، وفي حركة خاطفة، انتشل الهاتف من يد المختلس العاشق لحماقي، فما كان من الشاب إلا أن ظهر في لحظات مستكملًا تسلق السور، ظهرت ملامحه الآن، وفهمت القصة، شاب في مقتبل العشرينيات كما يبدو من ملامحه، هيئته بسيطة للغاية، أخذ يستعطف الحارس: يا عم هات الموبايل، بينما يصرخ فيه الأخير: اخرس ولا كلمة عاوز تاخد الموبايل تعالى لي على مكتب الآمن حالًا.. علا صوت الشاب استعطافًا، وزاد الحارس في عند وإصرار لم أفهمهما، كمن حقق انتصار وألقى القبض على أحد مختلسي الأمن العام.
كان صوت الحفل صاخبًا، بالتأكيد ربما لم يشاهد القصة التي استمرت قليلًا سواي أو هكذا تخليت، رحى صراع غريب دار لدقائق قليلة للغاية، بطلاه مختلس صغير وإنسان بدرجة موظف من دون قلب، انتهت فصول القصة وسط توسلات كادت تصل لحد الدموع وبقيت أسئلة في قلبي أهمها كيف انتهى الصراع؟. بالتأكيد ذهب الشاب صاغرًا لمكتب الأمن للحصول على أداة الجريمة، التي هي هاتفه الصغير، والذي ربما لم يكمل أقساطه بعد أو يحتفظ بداخله على ذكريات تشبهه، أغلب الظن أنه فعل ذلك، وأن الموظف الحارس أدى مهام وظيفته دون روح، وربما سيحصل على إطراء من مديريه جراء فعلته! لكن يبقى الأهم هل تطبيق مهام عملنا أيًا كان تحرم الآخرين من لحظات عابرة من السعادة، هل أحب الشاب مثلنا حماقي وجاءته الفرصة لأن يسجل لقطات من الحفل؟ أم قرر أن ينهي يوم شاق بدت ملامحه على وجهه الذي ملآه الرعب .المؤكد أن الأمر ملتبس وأن الكثيرون منا يمارسون قسوة متعمدة على من تجبرهم الظروف على اختلاس لحظات من السعادة، لو كان امتلك ثمنها لما وضع نفسه موضع متهم .