الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

قصة معلم حاول أهالى قنا إكرامه فأحرق الشقة الأولى وهرب من الثانية

المدرس المريض
المدرس المريض

دائم التواجد فى الشمس الحارقة، صامتاً حائراً تائهاً بملابس مهلهلة بمدينة أبوتشت شمال قنا ، دون أن يتعرض لأحد بسوء، لكن ملامح وجهه البريئة والتى تحمل نوع من الوقار، ليست غريبة على الأهالى وخاصة خريجي مدرسة أبوتشت الثانوية الصناعية، فهى ملامح مدرس احترمه و أحبه تلاميذه لحسن تعامله معهم.

 

كان مدرساً بالمدرسة الثانوية الصناعية منذ سنوات

 

عقول خريجى و مدرسى المدرسة الصناعة بأبوتشت لم تشاء أن تصدق الواقع الحزين، بأن القابع أمامهم مهموماً هائماً فى الشوارع، والتى تصدرت صوره مواقع التواصل الاجتماعى بقنا،هو " عمرو محمد" المدرس المتميز ومربى الأجيال الذى جاء من محافظة البحيرة إلى محافظة قنا منذ سنوات بعيدة.

صورة المدرس التى تصدرت مواقع التواصل الاجتماعى، حظيت باهتمام وتعاطف كبير من الرواد و المتابعين، ودعوات لا تنقطع بالشفاء العاجل للمدرس المريض، و بعيداً عن الصور التى تنشر يومياً، فالملامح التى تحمل الكثير من الآلام والأوجاع، كان لها الدور الأكبر، فضلاً عن شهادات من يرونه فى الشارع يومياً، يسير فى هدوء دون أن يتعرض لأحد بسوء بخلاف من يعانون من أمراض نفسية.

 

حضر منقولاً من البحيرة إلى قنا

 

قصته بمحافظة قنا بدأت منذ سنوات بعيدة، عندما حضر منقولاً من محافظة البحيرة إلى مدرسة أبوتشت الثانوية الصناعية، ليقضى عدد من السنوات بين طلاب ومدرسى المدرسة، فى هدوء وتعامل راقى، جعله مثار احترام وتقدير من الجميع، إلى أن تدهورت حالته النفسية فجأة، وتراجعت بشكل سريع، حتى ترك المدرسة إلى الشارع.

شهور قليلة وتحول المدرس المهندب فى ملابسه ومظهره، إلى شخص عشوائى، فى حالة سرحان وتوهان دائمين، و أصبح ضيفاً دائماً على عيادات الأطباء النفسيين، و غادر المدرسة بالأيام والشهور، ما دفع زملائه إلى انقاذ مستقبله الوظيفى بعمل اجازات مرضية، لكن تطور الحالة دفعه لهجر المدرسة بالسنوات.

وجوده فى الشوارع بشكل دائم ودخوله فى حالة نفسيه سيئة، دفع زملائه لإبلاغ أسرته بالبحيرة، ما دفع والده للحضور إلى قنا و العودة بنجله سالماً إلى منزلهم، لكن ما هى إلا أيام وعاد المدرس المريض مرة أخرى  إلى مدينة أبوتشت التى ارتبط بها نفسياً قبل أن يدخل فى حالة مرضية مستعصية.

 

الأهالى وفروا له شقة فأحرقها وسكن الشارع

 

أهالى أبوتشت المشهورين بالكرم، والذين يرون فى المدرس المريض، مثالاً للمدرس الوقور، ردوا الجميل للمدرس الذين أحبه أبنائهم بتوفير شقة سكنية تأوى المدرس وتحفظ كرامته من البقاء فى الشوارع، لكنه بعد أيام قليلة أحرق الشقة وتركها ليهيم فى الشوارع مرة أخرى، وعاود الأهالى الكرة مرة أخرى حفاظاً على كرامة المدرس، فترك الشقة وعاد للشارع مرة أخرى.

نقابة المعلمين بأبوتشت، لم تقف مكتوفة الأيدى، أمام هذا الموقف الإنسانى المحزن، فقد انتفضت فور إخطارها بأزمة المدرس المريض، وتواصل نقيب معلمى أبوتشت، بالإدارة التعليمية و أسرة المدرس بمحافظة البحيرة، وتبين أن المدرس صدر له قرار نقل إلى محافظة البحيرة ليكون قريباً من أسرته، لكنه رفض قرار التنفيذ، ورفض العودة لأسرته هناك.