الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

ذكرى رحيلها..

مي زيادة.. أديبة أحبت جبران خليل جبران وتوفيت في مستشفى الأمراض العقلية

صدى البلد

يصادف اليوم ذكرى وفاة الاديبة "مي زيادة" 17 أكتوبر 1941 الكاتبة التي أحبها معظم أدباء عصرها وكانت نهايتها في مستشفى للأمراض العقلية.

 ولدت مي زيادة واسمها الحقيقي ماري إلياس في 11 فبراير سنة 1886 ببلدة الناصرة بفلسطين ، وهي ابنة وحيدة لأب لبناني وأم فلسطينية أرثوذكسية ، تلقت دراستها الابتدائية في الناصرة بفلسطين ، والثانوية في عينطورة بلبنان ، و في عام 1907، انتقلت مع أسرتها للإقامة في القاهرة ، ودرست في كلية الآداب وأتقنت تسع لغات منها الفرنسية والإنجليزية والإيطالية والألمانية وفي القاهرة عملت بتدريس اللغتين الفرنسية والإنجليزية ، وتابعت دراستها للألمانية والإسبانية والإيطالية ، كما عكفت على إتقان اللغة العربية وتجويد التعبير بها ، وتابعت دراساتها في الأدب العربي والتاريخ الإسلامي والفلسفة في جامعة القاهرة.

 

 صالون الآنسة مي :
 

في الوقت الذي كانت فيه المرأة لا تزال تخطو أولى خطواتها في التعليم والحرية الفكرية كانت مي رائدة التنوير في عصرها متفوقة بذلك على المفكرين الرجال وكان لها صالون ثقافي بدأ انعقاده سنة 1913 وكان يعقد يوم الثلاثاء من كل اسبوع و كان يحضره عمالقة الأدب ورواد السياسة و مشاهير العلماء وأعيان البلد ، كمصطفى عبد الرازق ، وأحمد لطفي السيد ، وطه حسين ، ومصطفى صادق الرافعي ، وخليل مطران وإسماعيل صبري وعباس محمود العقاد وغيرهم ..

وهكذا اجتمع أعلام الدين وأقطاب السياسة ورواد النثر وفرسان الشعر في صالون الآنسة مي ، وهذا تقدير للمرأة العربية التي استطاعت جمع الرجال من حولها يتناقشون فيما بينهم نقاشا حرا في السياسة والأدب والدين والثقافة العالمية ، وكان جمال مي الروحي والجسدي وكلامها الحلو ونبرتها الهادئة ، وثقافتها الكبيرة ، كان كل ذلك يضفي على المجلس بهاء ورقيا وإحساسا راقيا بالجمال في أرقى تجلياته ، ولم يكن أحد يغيب عن المجلس إلا لظرف قاهر.

 تعلق الكثيرين من الأدباء بمي ومنهم مصطفى صادق الرافعي و أحمد لطفي السيد والعقاد والتقت مي بالعقاد كثيرا في صالونها الأدبي وفي فترة وجوده في مسقط رأسه أسوان كانا يتبادلان الرسائل ومنها :
العقاد يصف حبه لمي : ( الحب الذي جعلني انتظر الرسالة أو حديث التليفون كما ينتظر العاشق موعد اللقاء ) ..

 مي في رسالة للعقاد : ( لا تحسب أنني اتهمك بالغيرة من جبران فإنه لم يرني ولعلّه لن يراني ولكن طبيعة الأنثى يلذ لها أن يتغاير فيها الرجال )
 

مي زيادة وجبران خليل جبران :
 

 وعلى كثرة من احبوها و هاموا بها تظل قصة حبها لجبران خليل جبران هي الأروع والأغرب ، ربما لأنهما لم يلتقيا أبدا وظل قلبها مأخوذاً به طوال حياتها ، ودامت المراسلات بينهما لعشرين عامًا منذ 1911 وحتى وفاة جبران في نيويورك عام 1931.. واتخذت مراسلاتهما صيغة غرامية عنيفة وهو الوحيد الذي بادلته حباً بحب وإن كان حباً روحياً خالصاً وعفيفا.

 

 مرض مي زيادة و وفاتها :


 بعد وفاة والدها ووالدتها وحبها الوحيد الشاعر جبران خليل جبران انهارت مي لدرجة انها قضت بعض الوقت في مستشفى للأمراض النفسية ولأنها لم تتزوج ولم يكن لها أقارب في مصر أرسلها أصحابها إلى أهلها في لبنان فأساؤوا إليها وأدخلوها «مستشفى الأمراض العقلية» مدة تسعة أشهر وحجروا عليها فاحتجّت الصحف اللبنانية وبعض الكتاب والصحفيون ، فنقلت إلى مستشفى خاص في بيروت ثم خرجت إلى بيت مستأجر حتى عادت لها عافيتها ثم عادت مرة اخرى إلى مصر ..

 لم تتحمل مي العيش في مصر بعد فقد الاحباب فسافرت ألى إنجلترا لتغيير المكان ومنها إلى روما ولكن الحياة هناك لم تروق لها فعادت مرة أخرى إلى مصر مستسلمة لأحزانها حيث توفيت في مستشفى المعادي بالقاهرة في 17 اكتوبر عام 1941 عن عمر 55 عاماً ولم يمش وراءها رغم شهرتها و معارفها وأصدقائها الذين هم بغير حصر ، سوى ثلاثة من الأوفياء : أحمد لطفى السيد ، خليل مطران ، وأنطوان الجميل ..