EN 
تلعب القهوة العربية الأصيلة دورا أساسيا في الضيافة وتأصيل العادات المتوارثة.. حيث تسمي القهوة البدوية السادة المرة، ومشروب الأجاويد ومفتاح السلام، وهي سمة من سمات الضيافة والكرم العربي الأصيل، ولها أهمية كبيرة عند أهل سيناء، ولا يكاد يخلو منها بيت سواء أكان غنياً أو فقيراً.
رمز الضيافة:
يقول سلامة الرقيعي عضو مجلس الشعب السابق، واحد رموز قبيلة الدواغرة ببئر العبد، إن القهوة العربية تعتبر رمزا للضيافة عند أبناء سيناء ، فهي حسب المتعارف عليه بين القبائل العربية تقدم ثلاث مرات ، الفنجان الأول للضيف والثاني للسيف والثالث للكيف .
وأوضح أن القهوة العربية التي يتم تصنيعها على نار حطب بواسطة المحماس ..حيث يتم وضع حبات الهيل عليها عند بعض أهل البادية وكذلك الحضر وهناك القهوة الغامقة عند البعض الآخر، وعادة تكون مرة،و لا يضاف لها السكر .
الهيل
وتقدم القهوة للضيف بعد تقديم تحية السلام، واستمراره في جلسته ، ويصب له فنجان ويقدم له باليد اليمنى ويتناوله الضيف باليد اليمنى أيضاً، ويهزه عندما يعيده إشارة إلى الاكتفاء والشكر والثناء.
وقال سلامة الرقيعي، إن علي السلطان أو صباب القهوة مسك الدلة أو "البكرج "بيده اليسري والفناجين بيده اليمني، ويقف احتراما وتقديرا للضيف، ويبدأ في صب القهوة وهو واقف ثم يمد بيده اليمني وعلي الضيف أن يصحح جلسته ويتناول بيده اليمني أيضا.
وأكد أن فناجين القهوة المتعارف عليها بين القبائل العربية ثلاثة أنواع وهي:
الأول فنجان الضيف، والثاني فنجان الكيف، والثالث فنجان السيف، وتسبق هذه الفناجين فنجان الهيف.
وعلى صباب القهوة أن يشرب الفنجان الأول من دلة "البكرج" أمام الضيف ليطمئن إلى أن القهوة جيدة، ومن ثم يطمئن بأنها خالية من الخدعة كالسم مثلا.
بينما فنجان الضيف: يسكب الفنجان للضيف ليشربه علي اعتبار أنه ضيافة، والذي يعد بمثابة العيش والملح.
والكيف: يسكب فنجان آخر للضيف ليشربه وهذا يخص الكيف .
وفنجان السيف: يسكب فنجان ثالث للضيف وهو يعني اذا جاء قوم غزاة علي هذه العشيرة فعلي الضيف ان يدافع معهم لأن فنجان السيف بمثابة توقيعه علي الدفاع ويعني القوة والعزة والشرف والكرم .
وإذا لم يوجد ضيوف وكانوا من العشيرة فتصب القهوة أولا إلي أكبرهم سنا لأن العرب يحترمون كبار السن أو إلي شيخ العشيرة ، من اليمين ‘لي اليسار القهوة رمز الضيافة العربية عند أهل البادية .
فراسة وفطنة:
وقال الشاعر رضوان المنيعي، إن بعض شيوخ القبائل يتمتعون بفراسة وفطنة عند مسكهم فنجان القهوة فمن نظرته للفنجان يميز القهوة وطريقة صنعها .
فاذا كانت محروقة اثناء التحميص فيقول القهوة حراق، واذا قال القهوة شراق يعني بذلك ان القهوة لم تحمص على النار بشكل جيد .
إذا قال القهوة غراق فيعني بذلك أن القهوة غير مستوية أثناء عملية صنعها.
وأضاف أن هناك من يعرف أن القهوة صائدة، فيعني بذلك أن القهوة قد سقط فيها شوائب أثناء تصنيعها.
ويقول حسن سلامه ، باحث في التراث السيناوي ، ان القهوة العربية أول ما ظهرت في اليمن على أيدي علماء الصوفية ، حيث اختلف المؤرخون حول اول من اكتشفها واستخدمها كشراب ، وتشير بعض المراجع الى أن ذلك يعود الى الفقية الصوفي علي بن عمر الشاذلي المتوفى عام 821 م.
في حين ترى بعض المراجع الى ان اكتشافها ويعود الى العلامة جمال الدين الذبحاني عندما اقتضى خروجه من عدن الى ( بر عجم )، فوجد اهلها يستعملون القهوة فشربها وتبعة الناس والفقهاء على شربها للاستعانة بها على مطالعة العلم وغير ذلك من أهل الحرف والصناعات.
صاحب كيف:
ويحكى أن القهوة ، قد أنقذت رجلا من دفع الحق باعتباره صاحب كيف ..حيث دخل بيتا دون استئذان وطلب القهوه وأخذ الفنجان الأول ثم الثاني حتي انه رفض الثالث كي لا يقع في المحظور ، حيث سيتم مقاضاته عرفيا، لأنه دخل البيت بدون إذن.
شيم الرجال :
وأكد أن كمية القهوة القليلة في قعر الفنجان كفيلة بأن تحل اكبر القضايا المعقدة حتي ولو كانت مستعصية كمشكلة العرض او الدم، لأن هذه اصعب المشاكل التي تواجه قضاة البدو، واذا شرب الوسيط القهوة يكون مستعدا للتنازل عن أي حق له .
وفي بعض الاحيان عندما يأتي الضيف في طلب فلا يشرب قهوة مضيفه بل يضعها أمامه.. حيث فيقول ( ما بنشرب القهوة الا للي جينا فيه نطلع فيه) ويستجيب صاحب الدار لطلب الضيف فيقول ( اشرب القهوة حياكم الله ) ويعني بذلك الموافقة .
وللقهوة حرمة، حيث تلعب دور مهم في حل المشاكل الاجتماعية ، كما تعبر عن الفرح والحزن ايضا ، فاذا سمع البدوي بموت زعيم القبيلة او شيخ العشيرة فانه يعبر عن حزنه بسكب القهوة علي الارض، ويترك الدلة بشكل معكوس مدة محددة دلالة علي الحداد، ويقابل هذا الايحاء عند الدول عملية تنكيس الاعلام.
نشأة القهوة:
ويقول حاتم عبد الهادي شاعر ، أن نشأة القهوة أنه في قديم الزمان وتحديداً في عام 850 م عاش في جبال الحبشة راعي ماعز يدعى(كلدي) ، لاحظ أن ماشيته تصبح أكثر نشاطاً عندما تأكل من ثمار نوع معين من الأشجار البرية، حيث نقل هذا الراعي ملاحظته إلى شخص يشكو إليه عدم قدرته على السهر ليلاً فكان هو الاكتشاف الأول لثمار شجرة البن وأثرها المنبه والمنشط على من يتناولها .
