الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري
الإشراف العام
إلهام أبو الفتح
رئيس التحرير
أحمــد صبـري

صدمة للدولار.. 50 بلدا تجتمع في روسيا لتوجيه صفعة للأخضر| ماذا يحدث؟

القمة الروسية الإفريقية
القمة الروسية الإفريقية

انطلقت اليوم الخميس 27 يوليو في سان بطرسبرج القمة الروسية الأفريقية الثانية، والتي تصفها الحكومة الروسية بأنها الحدث الأبرز والأكبر في العلاقات الروسية الأفريقية في إطار تعزيز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين.

روسيا وقادة إفريقيا 

إضعاف الدولار الأمريكي

وتأمل الحكومة الروسية أن تحقق من خلال القمة، مستوى جديدا من الشراكة مع القارة السمراء عبر توسيع آفاق التعاون  في كافة المجالات سياسيا وأمنيا واقتصاديا وتكنولوجيا وغيره.

وبدأ زعماء الدول الإفريقية صباح اليوم في التوافد على بطرسبرج لحضور القمة الروسية الافريقية التي تنعقد يومي الـ 27 والـ 28 من يوليو الجاري، بمشاركة 49 بلدا إفريقيا.

ويشارك في القمة عدد من قادة الدول الإفريقية، وفي مقدمتهم الرئيس عبد الفتاح السيسي، ورئيس جنوب إفريقيا، سيريل رامافوزا.

قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إن روسيا والدول الإفريقية تعمل على إنشاء بنية تحتية خارجة عن سيطرة الغرب، وتتوق إلى تكثيف مثل هذا النشاط المشترك.

وأضافت زاخاروفا في مؤتمر صحفي قبل انطلاق القمة الروسية الإفريقية: "نحن مهتمون بتكثيف العمل المشترك مع البلدان الأفريقية ذات التفكير المماثل بشأن القضايا المتعلقة بإنشاء البنية التحتية خارج سيطرة الغرب في مختلف المجالات، وكذلك صياغة آليات للتفاعل الاقتصادي وحل مهام إنمائية مشتركة محددة".

وتابعت: "نعتقد أنه من الضروري إضعاف الدولار الأمريكي، الذي يحتكر فعليًا كعملة احتياطية وأداة للتسويات المتبادلة، لسبب واحد بسيط لأن الولايات المتحدة تستخدم الدولار الأمريكي كأداة ليس فقط في النضال من أجل الميزة التنافسية، ولكن أيضًا كوسيلة لتنفيذ عدوانها".

وأشارت زاخاروفا إلى أن إفريقيا يمكن أن تصبح واحدة من مراكز عالم متعدد المراكز، لافته إلى أن لديها كل الفرص للقيام بذلك، فالدول الإفريقية تثق بشكل متزايد في سياساتها السيادية، مما يدل على قدرتها على حل مشاكلها بشكل مستقل، بما في ذلك من خلال استخدام الآليات الإفريقية وجمعيات التكامل الإقليمي".

وتابعت: "نتوقع، مع أصدقائنا الأفارقة، تشكيل جدول أعمال عالمي غير تمييزي، وإثارة قضايا الساعة التي تهمنا وتتوافق مع مصالح غالبية بلدان القارة، والبحث عن طرق لحلها بطريقة بناءة والعمل على تعزيز المبادئ القانونية الدولية في العلاقات بين الدول، وخلق ظروف جديدة للتعايش السلمي على أساس الأهداف والقيم المشتركة".

وأضافت: "نعتقد أنه من المهم العمل معا باستمرار ضد فرض المعايير الثقافية الليبرالية الغربية تحت ستار المعايير العالمية ومحاولات تحريم القيم الأخلاقية التقليدية لتقويض القواعد الأخلاقية والأسس الاجتماعية".

المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية

محاولات الغرب لعرقلة القمة

والجدير بالذكر، طالما تبحث روسيا عن إنهاء هيمنة الدولار الأميركي، وهي بذلك تجد في العلاقات الثنائية التشاركية مع دول القارة كل على حدة، ومع الاتحاد الأفريقي عموماً، فرصة لاستبدال الدولار وهبب “عملة البريكس”.

ومنذ قليل، أكد ميخائيل بوجدانوف نائب وزير الخارجية الروسي والممثل الخاص للرئيس الروسي إلى دول الشرق الأوسط وإفريقيا فشل كل محاولات الدول الغربية لعرقلة عقد القمة الروسية -الإفريقية الثانية في سان بطرسبورج.

وقال بوجدانوف- "لقد فشلت كل محاولات الغرب لعرقلة القمة الروسية الإفريقية بشكل قاطع" مشيرا إلى أن عدد المشاركين في هذه القمة ليس أقل من القمة الأولى.

وأضاف "نحن لا نفرض أي شيء على أي أحد وعلى عكس الغرب نحن نحترم المساواة في السيادة بين الدول على النحو المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة"منوها بأن الوضع الحالي لعلاقاتنا مع الدول الإفريقية هو عمل حقيقي يقوم على مبادئ المعاملة بالمثل والحوار المتكافئ.

يشار إلى أن القمة الروسية- الإفريقية الثانية ستعقد في معرض إكسبو في سان بطرسبورج تحت شعار "من أجل السلام والأمن والتنمية", وسيتم خلالها مناقشة سبل التعاون في مجالات السياسة والأمن والغذاء والبحث عن حلول من أجل الحد من تأثير العقوبات الغربية على توريد الحبوب والأسمدة الروسية للدول الإفريقية المحتاجة.

تأتي هذه القمة من أجل تأكيد الدعم الروسي لتطلع الدول الإفريقية لتحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي، إضافة إلى تعزيز السيادة والمشاركة النشطة في حل القضايا الدولية.

الممثل الخاص للرئيس الروسي

منافسة دولية حادة

وقال تقرير صادر عن المعهد الإثيوبي للدبلوماسية الشعبية إن "القمة الروسية الأفريقية تأتي وسط تحديات كبرى ومنافسة شرسة تواجه الدب الروسي أمام غريمه الأمريكي".

وأضاف التقرير أن الأفارقة يحدوهم آمال وطموحات للاستفادة من تحركات الروس كما سعو للاستفادة من قمم وتحركات أخرى، ضمن ما تحمله القمة الروسية الأفريقية من أجندة وتطلعات يسعى كل طرف للاستفادة منها وتحقيق العديد من الأهداف في ظل تعقيدات وتقاطعات دولية وإقليمية.

وقال التقرير بلا شك أن القمة الروسية الأفريقية المرتقبة، ستسهم في تعزيز التعاون الروسي الشامل والمتساوي مع الدول الأفريقية في جميع أبعاده السياسية والأمنية والاقتصادية، فضلا عن المجالات العلمية والتقنية والثقافية والإنسانية، وموارد الطاقة ورقمنه الاقتصاد ضمن القمة الحافلة والمليئة بالأجندات.

وتوقع التقرير أن تحمل نتائج القمة الروسية الأفريقية الثانية، اعتماد خطة عمل للفترة 2023-2026 لمجالات التعاون ذات الأولوية، إذ تهدف الوثيقة إلى تطوير إمكانات التصدير لمنتجي السلع والخدمات الروس في سياق التعاون الروسي الأفريقي.

وتشكل القمة الروسية الأفريقية الثانية، بحسب التقرير، حلقة من حلقات التنافس الدولي والإقليمي في القارة السمراء التي أضحت مسرحا للصراع على النفوذ بين القوى العظمى تارة بالسعي للحفاظ على مناطق نفوذها كما هو الحال بين بكين وموسكو وواشنطن، وتارة بالتمدد لتحقيق مكاسب جديدة في القارة الأفريقية التي تتمتع بالعديد من الموارد الطبيعية والقوى الشبابية.

وتابع التقرير: "تراهن الحكومة الروسية، على مشاركة معظم الدول الأفريقية في قمته الثانية، رغم تهديدات الدول الغربية لهذه الدول لوقف التعاون مع روسيا، إلا أن موسكو دعت جميع الدول الأفريقية للمشاركة في القمة، في رسالة روسية للغريم الأمريكي الذي حرمت دعوته بعض الدول التي شهدت انقلابات عسكرية".

وأشار إلى أن "كل ذلك يحدث في ظل تصاعد حدة المنافسة وتزايد الصراعات الدولية بين القوى العظمى الباحثة عن موضع قدم أو الحفاظ على نفوذها والتحكم في أدوات الصراع فيما يعرف بـ "الحرب الباردة الجديدة"، التي أفرزتها الأزمة الروسية – الأوكرانية، وصراعات أخرى يغديها التنافس الدولي بين الأقطاب العظمى ما يزيد من حدة النزاعات والصراعات ويفاقم أزمات الدول الأفريقية التي تشهد اهتزازات أمنية وسياسية لتأتي القمم كمساحة لتوظيف هذه العلاقات وتقنينها بصورة أكثر وضوحا".

وأوضح التقرير أن جدول القمة الروسية الأفريقية الثانية، يتألف من أربع مجموعات كبيرة: "اقتصاد العالم الجديد"، "الأمن المتكامل والتنمية السيادية"، "التعاون في مجال العلوم والتكنولوجيا"، "المجال الإنساني والاجتماعي: معا من أجل نوعية حياة جديدة"، بجانب الأمن الدولي وإستقرار سوق الأسمدة وقضايا الأمن الغذائي وكذلك مناقشة الجهود المشتركة لمكافحة الأوبئة وحالات الطوارئ والتي ستكون الموضوعات الرئيسية في كتلة الأمن المتكامل والتنمية السيادية، فضلا عن آفاق التعاون في مجالات الطاقة والتجارة والاقتصاد وإنشاء وتطوير طرق لوجستية جديدة ستعتبر جزءا من مسار الاقتصاد العالمي الجديد. وهو ما يمثل نقلة عالمية جديدة.

وفي المقابل الدول الأفريقية تدرك أنه لا يمكن الاستغناء عن دور الروس، خصوصا مع سيطرتها على الجهات المانحة والعلاقات الدولية، دون الإخلال برؤيته لتبادل المصالح مع إدراك التقاطعات والتجاذبات بين جميع الأقطاب المتنافسة على القارة.

الرئيس الروسي 

تعويض الدول الأفريقية

وفي هذا الصدد، قال آصف ملحم خبير الشؤون الروسية، إن القمة الروسية الأفريقية التي انعقدت في مدينة سوتشي في عام 2019 سميت بالمنتدى الاقتصادي، أما الآن فقد جرى تسمية القمة الثانية بالمنتدى الاقتصادي والإنساني.

وأوضح ملحم ـ  في تصريحات له، أن إضافة لفظ الإنساني للقمة تعكس حرص روسيا على تعويض الدول الأفريقية ما ينقصها من مواد غذائية بسبب الحرب الروسية الأوكرانية. 

وأكد أن أكثر الدول التي تعاني من نقص المواد الغذائية هي الدول الأفريقية، كما أن صفقة الحبوب التي خرجت منها روسيا لم تقدم لأفريقيا أكثر من 3% من إجمالي ما تنتجه أوكرانيا، مشددًا على أن روسيا قادرة على تعويض هذه الكمية بسهولة مطلقة، حيث إن لديها الكثير من الطرق الأخرى غير البحر الأسود، مثل بحر البلطيق وبحر الشمال وغيرهما. 

وأضاف أن روسيا قادرة على تعويض دول أفريقيا في الفترة المقبلة عما نقصها من المواد الغذائية، لافتًا إلى أن القمة الروسية الأفريقية الثانية تحدد معظم مناحي النشاط الإنساني، ليس الاقتصاد فقط، بل الثقافة والإعلام والرياضة والتعليم والحلقات الحوارية والمؤتمرات.

وكانت مدينة سوتشي الروسية قد شهدت عام 2019 قمة "روسيا - أفريقيا"، والمنتدى "الروسي الأفريقي"، في حدث يعد الأول في تاريخ العلاقات الروسية الأفريقية، بمشاركة واسعة من رؤساء الدول الأفريقية وقادة الجمعيات والمنظمات الإقليمية الكبرى، ما أزعج واشنطن وخلط أوراق اللعبة في المنطقة.

خبير الشؤون الروسية