شهدت الولايات المتحدة واحدة من أضخم المداهمات في تاريخها الحديث، حيث أعلنت سلطات الهجرة والجمارك الأمريكية أنها اعتقلت نحو 475 عاملًا في موقع بناء ضخم لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية تابع لشركة هيونداي موتور الكورية الجنوبية وشريكتها إل جي في ولاية جورجيا.
ووفق وزارة الأمن الداخلي الأمريكية، فإن العملية تعد أكبر مداهمة منفردة في تاريخها منذ تأسيسها عقب هجمات 11 سبتمبر 2001.
خلفيات وتفاصيل المداهمة
وكان يمثل المصنع الذي تبلغ قيمة استثماراته 4.3 مليار دولار جزءًا من أكبر مشروع صناعي في تاريخ ولاية جورجيا، ضمن خطة استثمارية كورية جنوبية أوسع قيمتها 12.6 مليار دولار.
لكن أعمال البناء توقفت بعد أن اقتحم الموقع عشرات من عناصر الأمن الفيدرالي، بينهم عناصر من الهجرة والجمارك ومكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة مكافحة المخدرات، حاملين أمر تفتيش قضائي شامل.
وقال ستيفن شْرانك، المسؤول في وزارة الأمن الداخلي بجورجيا:
"نجري تحقيقًا موسعًا في ممارسات توظيف غير قانونية. تم اعتقال مئات العمال الذين لا يملكون وضعًا قانونيًا للعمل في الولايات المتحدة."
صدمة في سول
بحسب تقارير إعلامية كورية، فإن نحو 300 من المعتقلين يحملون الجنسية الكورية الجنوبية، وهو ما أثار قلقًا كبيرًا في سول.
وقالت وزارة الخارجية الكورية في بيان رسمي:
"الأنشطة الاقتصادية لشركاتنا المستثمرة في الولايات المتحدة ومصالح مواطنينا لا ينبغي أن تنتهك خلال عمليات إنفاذ القانون الأمريكية."
وأضاف المتحدث باسم الوزارة لي جاي-وونج أن بلاده تتابع القضية عن كثب مع السلطات الأمريكية لتأمين حقوق مواطنيها.
موقف "هيونداي"
وسارعت شركة هيونداي موتور للتأكيد أن العمال المعتقلين ليسوا موظفين مباشرين لديها، بل يعملون مع مقاولين ثانويين.
وأكدت الشركة أنها تلتزم بجميع القوانين في كل مواقعها الدولية، مشيرة إلى أن إنتاج سياراتها الكهربائية في الولايات المتحدة لم يتأثر بالحادثة.
وجاءت المداهمة في وقت يسعى فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى تشديد سياسة الهجرة عبر ترحيل أعداد واسعة من المهاجرين غير الشرعيين، وهو ما يثير قلق المستثمرين الأجانب.
وقد تلقي الحادثة بظلالها على العلاقات الأمريكية – الكورية الجنوبية، خصوصًا وأن سول أعلنت في قمة الشهر الماضي التزامها باستثمارات تبلغ 150 مليار دولار في الولايات المتحدة.
كما اعتبر مراقبون أن ما حدث يضع الشركات متعددة الجنسيات أمام تحديات أكبر بشأن مسؤوليتها عن التعاقدات والعمالة غير النظامية في مشاريعها الضخمة.
ولم تقتصر الحملة على جورجيا؛ إذ شهدت ولاية نيويورك مداهمة مماثلة لمصانع أغذية قرب مدينة سيراكيوز، حيث تم اعتقال أكثر من 40 عاملًا، بينهم آباء تركوا وراءهم أطفالًا صغارًا. وقد أثارت العملية غضب حاكمة نيويورك الديمقراطية كاثي هوكول، التي قالت:
“لن نقبل أن ينفصل الأطفال عن ذويهم بسبب مثل هذه الممارسات.”