جاءت القمة العربية الإسلامية الطارئة التي استضافتها العاصمة القطرية الدوحة لتشكل محطة مفصلية في تاريخ العمل العربي والإسلامي المشترك. فالهجوم الإسرائيلي على الأراضي القطرية لم يكن مجرد اعتداء عابر، بل مثّل تحولًا خطيرًا في مسار الصراع، كونه أول استهداف مباشر لدولة خليجية منذ سنوات طويلة. وفي خضم هذه التطورات، برزت القمة كمنبر سياسي أظهر وحدة غير مسبوقة في الموقفين العربي والإسلامي، ما يعكس إدراكًا جماعيًا لخطورة المرحلة وضرورة التحرك المشترك.
رسائل القمة.. رفض قاطع للتصعيد الإسرائيلي
أكد القادة المشاركون في القمة، وفي مقدمتهم أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والرئيس عبد الفتاح السيسي، أن ما جرى يمثل تجاوزًا سافرًا للقوانين الدولية واعتداءً واضحًا على سيادة الدول العربية. الرسالة الأبرز كانت أن أمن المنطقة خط أحمر، وأن محاولات إسرائيل لفرض واقع جديد بالقوة لن تجد قبولًا عربيًا أو إسلاميًا. هذا الموقف الجماعي جسّد تماسكًا سياسيًا عزّز من شرعية الموقف العربي في المحافل الدولية.
الدور المصري والقطري.. انسجام وتكامل
من زاوية استراتيجية، يرى اللواء نبيل السيد أن القمة أبرزت الانسجام بين الدورين المصري والقطري. فقد شدد الرئيس السيسي على ضرورة إنشاء آلية عربية إسلامية للتنسيق والتعاون في مواجهة التحديات، بينما أعاد الشيخ تميم التأكيد على خطورة المشروع الإسرائيلي الساعي لتغيير خريطة النفوذ في المنطقة. هذا التلاقي بين الواقعية السياسية المصرية والدور الوسيط القطري يعكس بداية توازن جديد في المعادلة الإقليمية.
نتائج مباشرة متوقعة
توقع الخبير الاستراتيجي أن تؤدي القمة إلى:
تثبيت موقف عربي موحّد ضد الاعتداءات الإسرائيلية.
تعزيز الجبهة الدبلوماسية العربية والإسلامية داخل الأمم المتحدة، خصوصًا خلال النقاشات المتعلقة بحل الدولتين.
الدفع باتجاه تفعيل آلية عربية إسلامية مشتركة للتنسيق الأمني والسياسي، وهو ما ألمح إليه الرئيس السيسي بوضوح.
زيادة الضغط على إسرائيل سياسيًا وإعلاميًا عبر خطاب موحّد يقلّص من قدرتها على الاستفراد بالقضية الفلسطينية أو استهداف دول أخرى.
التقييم الاستراتيجي
يؤكد اللواء نبيل السيد أن القمة أعادت رسم ملامح المعادلة الإقليمية. فلم يعد العدوان الإسرائيلي يُنظر إليه كحادث منفصل، بل بات جزءًا من نهج عدواني يستهدف الأمن القومي العربي والإسلامي بشكل شامل. كما رسخت القمة حقيقة أن القضية الفلسطينية لا تزال جوهر الاستقرار في المنطقة، وأن أي محاولة لتصفيتها بالقوة لن تقود سوى إلى مزيد من الصراعات والتوترات.
يمكن القول إن القمة العربية الإسلامية في الدوحة لم تكن مجرد اجتماع طارئ، بل إعلانًا صريحًا عن بداية مرحلة جديدة من التنسيق الإقليمي. فقد وجهت القمة رسالة واضحة.. لن يُسمح بالمساس بسيادة أي دولة عربية أو إسلامية، والقضية الفلسطينية ستبقى في صدارة الأجندة الإقليمية، والوحدة لم تعد خيارًا بل ضرورة استراتيجية. وإذا تُرجمت هذه المخرجات إلى آليات تنفيذية فعلية، فقد نكون أمام تحوّل حقيقي يعيد التوازن في مواجهة المشروع الإسرائيلي.