حذر خبراء الصحة النفسية من تزايد انتشار حالة تُعرف باسم "متلازمة دماغ الفشار" بين المراهقين والشباب، نتيجة الإفراط في استخدام الهواتف الذكية والشاشات والتعرض المستمر للمحتوى الرقمي السريع، مما يؤدي إلى ضعف التركيز وزيادة القلق ومشاكل في النوم، وفقًا لما ذكره موقع "تايمز ناو"، وتعتبر هذه الحالة من أبرز الظواهر النفسية الناتجة عن التطور الرقمي السريع في عصر التكنولوجيا الحديثة.
متلازمة دماغ الفشار
ظهر مصطلح "دماغ الفشار" لأول مرة عام 2011 على يد الباحث "ديفيد ليفي" من جامعة واشنطن، لوصف الحالة التي يصبح فيها الدماغ في حالة تحفيز مفرط بسبب التنقل المستمر بين التطبيقات والمقاطع القصيرة والألعاب، إذ تبدأ الأفكار بالتطاير بسرعة تشبه صوت فرقعة حبات الفشار، ويُعرف هذا الاضطراب أيضًا بأنه نقص الانتباه والتركيز الناتج عن التحفيز الرقمي الزائد، حيث يجد الشخص نفسه ينتقل بسرعة من فكرة إلى أخرى دون عمق أو استقرار ذهني.
أبرز أعراض متلازمة دماغ الفشار
يواجه المصابون بهذه المتلازمة مجموعة من الأعراض التي تؤثر على نمط حياتهم اليومي، من أبرزها صعوبة التركيز على نشاط واحد لفترة طويلة، والشعور بالإرهاق الذهني والتشتت، وتفضيل المحتوى السريع على الأنشطة الجادة أو الطويلة، إضافة إلى زيادة مستويات القلق والتوتر، وضعف الذاكرة والانتباه، فضلًا عن الشعور بالملل من الأنشطة غير الرقمية، وقد أكد الأطباء أن تأثير هذه الحالة لا يقتصر على الجانب النفسي فحسب، بل يمتد ليؤثر على العلاقات الاجتماعية وجودة الحياة والعمل.
الأسباب وراء الإصابة بمتلازمة دماغ الفشار
تنتج هذه المتلازمة عن عدة عوامل متشابكة أهمها الاستخدام المفرط للشاشات، إذ يؤدي قضاء ساعات طويلة أمام الهواتف أو الحواسيب إلى صعوبة التركيز على الأنشطة الواقعية، كما أن الإشباع الفوري الذي تقدمه وسائل التواصل الاجتماعي عبر المكافآت السريعة يحفز إفراز الدوبامين في الدماغ، مما يجعل المهام اليومية أقل إرضاءً وإثارة، كذلك تسهم الإشعارات والتنبيهات المستمرة في تشتيت الانتباه وقطع تدفق التفكير، بينما يؤدي تعدد المهام بين التطبيقات والأنشطة الرقمية المختلفة إلى إرهاق الدماغ وتقليل كفاءته في الانتباه والإنتاجية.
من الأكثر عرضة للإصابة؟
تشير الدراسات الحديثة إلى أن المراهقين والشباب هم الفئة الأكثر عرضة للإصابة بمتلازمة دماغ الفشار بسبب ارتباطهم الدائم بالأجهزة الذكية، غير أن الفئة العمرية ما بين 30 و45 عامًا بدأت أيضًا تظهر لديها أعراض مشابهة نتيجة طبيعة العمل المكتبي والاعتماد الكبير على الشاشات، وتختلف هذه المتلازمة عن إدمان الإنترنت، إلا أنها تشترك معه في التأثير السلبي على الصحة النفسية ومستوى التركيز والإنتاجية اليومية.
طرق الوقاية والعلاج
يوصي الأطباء باتباع مجموعة من الإجراءات البسيطة للحفاظ على صحة الدماغ وتقليل أثر التحفيز الرقمي الزائد، وتشمل ممارسة تمارين التنفس والتأمل يوميًا لمدة عشر دقائق، والالتزام بالتركيز على مهمة واحدة في كل مرة لتدريب الدماغ على الانتباه، إضافة إلى ممارسة اليوجا لتحسين وظائف المخ، وضبط إعدادات وقت الشاشة لتقليل الاستخدام خاصة قبل النوم، كما يُنصح بتخصيص مناطق خالية من التكنولوجيا داخل المنزل، ومنح النفس فترات راحة منتظمة من الأجهزة ومواقع التواصل، ويؤكد الخبراء في ختام توصياتهم أن العودة إلى التوازن الرقمي ضرورة وليست رفاهية، وأن تقليل الوقت أمام الشاشات هو السبيل للحفاظ على التركيز والصحة النفسية في عالم يزداد رقمية يوماً بعد يوم.
                        
                        
                    
                                        
