في قلب نهر النيل، وعلى بُعد عدة أمتار من العمران، تقف الجزيرة المستجدة التابعة لمركز المنشاة جنوب محافظة سوهاج، كأنها منطقة منسية خارج خريطة الخدمات الحكومية.
ورغم أنها تضم مئات الأسر، وبلغ عدد سكانها ما بين 17 ألف نسمة و18 ألف نسمة، فإنها لا تزال تعيش في عزلة شبه كاملة، دون وحدة صحية، أو مدرسة، أو نقطة إسعاف، أو وحدة إطفاء، بل وحتى دون فرن للخبز.
وجاء هذا المشهد الصادم خلال بث مباشر عبر صفحة “صدى البلد” على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، حيث ظهرت أصوات الأهالي تشكو مرارة الوضع، وتحذر من كوارث تُهدد حياتهم يوميًا، في منطقة تحيط بها المياه من كل اتجاه دون وجود جسر أو معدية آمنة.
مشهد يومي من المعاناة.. أم تلد في مركب وسط النيل
البث المباشر لم يقتصر على الشكاوى، بل كشف قصصًا موجعة تجسد غياب الخدمة الصحية تمامًا، فقد روى الأهالي أن إحدى السيدات دخلت في حالة ولادة مفاجئة ليلًا، ولم يجد ذووها سوى مركب صغير بدائي لعبورها إلى الضفة الأخرى للذهاب إلى المستشفى.
وبسبب بُعد المسافة واهتزاز المركب وسط الظلام، وضعت المرأة مولودها داخل المركب قبل الوصول إلى الشاطئ، وسط حالة رعب بين ذويها خشية سقوطها أو تعرض الطفل للخطر.
وأكد أحمد صابر، أحد أهالي الجزيرة المستجدة لموقع “صدى البلد”: "مفيش وحدة صحية.. الست بتولد وهي في المركب.. حياتنا كلها مخاطرة.. كل شبابنا ورجال البيوت أكثرهم خارج البلاد للعمل ويضطر الأطفال للمغامرة اليومية بحياتهم".
شاب يموت بعد لدغة عقرب لغياب الإسعاف












وروى الحاج معبد عبد اللاه، أحد سكان الجزيرة، أن الجزيرة بها عدد هائل من الماشية بما يعادل ملايين الجنيهات، مشيرًا إلى أن عدم وجود معدية حديثة يصعب من مقدرة الأهالي على الانتقال بالماشية إلى الضفة التانية حتى يصلون إلى الأسواق، ويرفع من خطر غرق الجاموس؛ ما يسبب خسائر مادية كبيرة للأهالي.
وفي حادثة أخرى تكشف حجم الكارثة الإنسانية داخل الجزيرة، فقد تعرّض شاب للدغة عقرب، لكن لعدم وجود سيارة إسعاف أو مركز طبي قريب، حمله الأهالي في مركب للعبور إلى البرّ إلا أن حالته تدهورت سريعًا، وفارق الحياة قبل الوصول إلى المستشفى.
وأكد أحد سكان الجزيرة إنه إذا كان يوجد وحدة إسعاف أو وحدة صحية كان تم إنقاذ الشاب.
حرائق تشتعل بلا مطافئ.. والسكان يكافحونها بالدلاء
وأكد أحد الأهالي، الشاب أحمد خالد، أنهم واجهوا خلال السنوات الماضية أكثر من حريق، لكن غياب وحدة الإطفاء عن الجزيرة جعلهم يلجأون إلى إطفاء النيران باستخدام الجرادل ومياه البئر، ما يعرض حياتهم وممتلكاتهم للخطر.
وقال الحاج معبد عبد اللاه، خلال البث: "لو النار مسكت في بيت مش هنقدر نطفيها.. المطافي بعيدة والمراكب خطرة ومتهالكة.. الأطفال يذهبون إلى مدارس خارفة المنشاة، ويضطرون لعبور النيل يوميًا بمراكب ضعيفة.. العيال بتتعلم بالخطر".
ويناشد الأهالي، عبر “صدى البلد”، المسئولين المعنيين، النظر إلى أمر الجزيرة الذي يبلغ عددهم 18 ألف نسمة، وانشاء وحدة إطفاء مجهزة ومدرسة للتعليم الأساسي وفرن للخبز يخدم السكان، بالإضافة إلى معدية حديثة وآمنة لنقل المواطنين من وإلى الجزيرة يوميًا.







